الحج في عام الحصار تسييس سعودي وافتراء على قطر

الحج في مهب الخلافات السياسية
السعودية سيّست الحج هذا العام للكيد لقطر

مدفوعا باستمراء الافتراءات والأكاذيب والمغالطات، يحاول إعلام دول الحصار المفروض على قطر تصوير الباطل حقا والحق باطلا حتى لو كان الأمر يتعلق بالركن الخامس من أركان الإسلام.

وفي سوق التضليل والمغالطة لدول الحصار، تغفر الرياض لإيران مطالبها القديمة المتجددة بتدويل الحج، بل تتغاضى عن ذكر طهران تماما مقابل إلصاق هذا المطلب بدولة قطر، لأن الدوحة طالبت بإزالة الصعوبات والمعوقات التي وضعتها السعودية أمام حجاج قطر هذا العام، حيث امتنعت وزارة الحج والعمرة السعودية عن التواصل مع وزارة الأوقاف القطرية لتأمين سلامة الحجاج وتسهيل أدائهم للفريضة.

وما إن مضى شهر رمضان وعيد الفطر -الذي راهن العقلاء على مراجعة دول الحصار نفسها وتحكيم العقل لإنهاء هذا الحصار الجائر قبل حلوله- حتى حرصت المملكة على تحويل موسم الحج إلى مناسبة جديدة للافتراء على قطر، مدفوعة بتصفيق شركاء الحصار متجاهلة أنها بهذا المنطق تكون هي التي تسيس هذه الشعيرة وليست قطر، لكنها -كما يقول المثل العربي- "رمتني بدائها وانسلت".

‪حجاج إيرانيون ينتظرون في مطار الإمام الخميني بطهران لنقلهم إلى السعودية‬ حجاج إيرانيون ينتظرون في مطار الإمام الخميني بطهران لنقلهم إلى السعودية (رويترز)
‪حجاج إيرانيون ينتظرون في مطار الإمام الخميني بطهران لنقلهم إلى السعودية‬ حجاج إيرانيون ينتظرون في مطار الإمام الخميني بطهران لنقلهم إلى السعودية (رويترز)

حقائق وأباطيل
وكما جرت العادة كل عام، فتحت إدارة الحج والعمرة بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في دولة قطر باب التسجيل للحجاج من الدولة طوال شهر مارس/آذار الماضي، وأغلق باب التسجيل في نهاية الشهر ذاته -كما هو متبع في كل عام- لاستكمال الإجراءات المعتادة، وبلغ عدد المسجلين في الفترة المحددة عشرين ألف حاج من المواطنين والمقيمين.

أما على الجانب السعودي، فقد امتنعت وزارة الحج والعمرة في المملكة عن التواصل مع وزارة الأوقاف القطرية لتأمين سلامة الحجاج وتسهيل قيامهم بأداء الفريضة، متعللة بأن هذا الأمر في يد السلطات العليا في المملكة، ومتنصلة من تقديم أي ضمانات لسلامتهم.

هذه الحقيقة انقلبت في آلة تزييف وادعاءات هوس الحصار، وعدم الخجل من الادعاء زورا بأن دولة قطر هي التي "أغلقت باب التسجيل للحج أمام القطريين".

هذه الحالة استرعت اهتمام المنظمة العربية لحقوق الإنسان التي أكدت أن وزارة الحج السعودية رفضت التواصل مع وزارة الأوقاف القطرية لاستلام قائمة حجاج هذا العام، وإتمام الإجراءات الخاصة بتيسير حجهم وتوفير ضمانات لسلامتهم. وانتقدت المنظمة "تلاعب السلطات السعودية بحق أساسي هو حرية ممارسة الشعائر الدينية بأداء فريضة الحج".

دعوة التدويل
وبقدر الافتراء على قطر وحجاجها كان التساهل السعودي مع إيران وحجاجها هذا العام، بعد أن قاطعت إيران موسم الحج العام الماضي.

والدعوة الإيرانية لتدويل الحج وتدويل إدارة الحرمين الشريفين اكتسبت زخما خصوصا بعد قيام الثورة الإسلامية في إيران عام 1979، حيث أكد مرشد الثورة الراحل الإمام الخميني أن الحج فريضة دينية سياسية، وألزم الحجاج الإيرانيين برفع وترديد شعارات سياسية من قبيل "الموت لأميركا" و"الموت لإسرائيل".

ووصل الأمر إلى حد مطالبة مسؤولين إيرانيين آخرين بتدويل الحج ورفع يد السعودية عن شؤون الحرمين في مكة والمدينة، انتهاء بالمطالبة بفصل مكة والمدينة جغرافيا وسياسيا عن السعودية نفسها.

وعلى المنوال نفسه، دعا المرشد الأعلى الحالي للجمهورية الإسلامية الإيرانية علي خامنئي العالم الإسلامي إلى التفكير في حل لإدارة الحرمين الشريفين وقضية الحج.

وعلى مدار 63 عاما مضت، ظل موسم الحج هو "بارومتر" العلاقات بين الرياض وطهران، لكنه يظل قضية خلافية عالقة بينهما تشتعل حينا وتهدأ حينا، غير أن جمرها لا ينطفئ.

والمراقب للمنطق السعودي السائد في لغة الخطاب التي أفرزتها مغالطات وأكاذيب الحصار، يجد أن الرياض هي التي تتوسع في تسييس الحج، مما يشجع إيران صاحبة الدعوة القديمة إلى المضي قدما في دعواها.

المصدر : الجزيرة