مشاريع قطر جسر حضاري لمكافحة التطرف بأوروبا

المركز الإسلامي في رييكا - الدولة: كرواتيا
المركز الإسلامي في رييكا بكرواتيا (الجزيرة)

خالد شمت-الجزيرة نت

خلصت دراسة بحثية لمؤسسة إسلامية مقدونية، إلى أن التقارير الإعلامية الأوروبية غضت الطرف في متابعتها للأزمة الخليجية الراهنة عن وجه مهم في السياسة القطرية، ألا وهو سعي الدوحة لبناء جسور للتواصل الحضاري بين الثقافات ومحاربة التطرف في أوروبا.

وذكرت الدراسة -التي أصدرها مركز الحضارة الإسلامية في مقدونيا- أن المتابعة الإعلامية الموضوعية للسياسة القطرية كانت توجب ذكر استضافة قطر للمنتدى الدولي لحوار الحضارات عام 2011، ورعايتها سنويا لمنتدى أميركا والعالم الإسلامي، وتنظيمها للمؤتمر العالمي لحوار الأديان الداعي كل عام للحوار والتسامح وضرورة مواجهة كل أنواع التطرف والعنف.

وتعرضت دراسة المركز -الذي يعتبر من أهم المؤسسات الإسلامية البحثية في منطقة البلقان- لدعم قطر مشاريع إسلامية ذات أجندة تركز على تعزيز التعايش السلمي بين المواطنين والأديان، ومكافحة التطرف في المجتمعات الأوروبية.

مركز الحضارة الإسلامية في سكوبيا بمقدونيا (الجزيرة)
مركز الحضارة الإسلامية في سكوبيا بمقدونيا (الجزيرة)

مكتبة سراييفو
واعتبرت الدراسة أن تمويل الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني لترميم مكتبة غازي خسرو بيك في مدينة سراييفو بعد الحرب البوسنية، وتجهيزها على مساحة 7000 متر مربع، مثّل رسالة للعالم بضرورة حفظ التراث الإنساني، وعبّر عن سياسة قطر الداعمة للمشروعات المعززة للتواصل والحوار وتعميق التعدد الديني والثقافي الموجود في البلقان.

ومثلت مكتبة غازي خسرو بك التي أعيد افتتاحها في يناير/كانون الثاني 2015 أغنى تراث علمي وإسلامي عبر العصور في أوروبا، خاصة بمنطقة البلقان.

وهددت حرب البوسنة (1992-1995) هذه المكتبة بالفناء، لكن مسلمي سراييفو استطاعوا حفظ مقتنياتها الثمينة بتخزينها ثماني مرات في أماكن آمنة خشية، تعرضها للدمار جرّاء قصف المدينة طوال ألف يوم.

ويزيد حاليا عدد كتب هذه المكتبة التي رممتها قطر على مئة ألف كتاب، وتضم 10 آلاف و561مخطوطة ووثيقة يدوية نادرة، 60% منها بالعربية و40% باللغتين التركية والفارسية، إضافة لأصغر نسخة تاريخية من القرآن الكريم مكتوبة باليد.

كما تضم مكتبة غازي خسرو بك مخطوطات يهودية يزيد عمرها على ستمئة عام، جلبها اليهود بعد تهجيرهم من إسبانيا عقب سقوط الحكم الإسلامي هناك في القرن الرابع عشر.

وأشارت الدراسة البحثية إلى أن تمويل قطر بناء مركز إسلامي افتتح في مدينة رييكا الكرواتية عام 2013، قد عزز -بشهادة كبار المسؤولين الأوروبيين والكروات- جهود كرواتيا للانضمام للاتحاد الأوروبي، ودعم مواقفها داخل الأسرة الأوروبية القائمة على التعدد والتنوع.

ويعتبر مسجد رييكا المقام على ساحل البحر الأدرياتيكي ثاني أكبر مساجد كرواتيا بعد مسجد عاصمتها زغرب، وتوجت إقامته جهودا بذلها مسلمو هذه المدينة الكاثوليكية خلال خمسين عاما.

في السياق ذاته، نبهت دراسة مركز الحضارة الإسلامية إلى أن دعم قطر بناء مركز إسلامي في ليوبليانا عاصمة سلوفينيا عام 2013، حقق أملا انتظره لأكثر من أربعين عاما المسلمون الذين يمثلون  أكثر من 2.5% من سكان هذه الدولة في البلقان.

المركز الإسلامي الثقافي في ليوبليانا بسلوفينيا (الجزيرة)
المركز الإسلامي الثقافي في ليوبليانا بسلوفينيا (الجزيرة)

تعزيز للتعايش
وأشارت الدراسة إلى أن شراء قطر عام 2012 المجمع الذي أقيم عليه مركز الحضارة الإسلامية في سكوبيا عاصمة مقدونيا، فتح صفحة جديدة للتعايش السلمي بين الأديان في هذا البلد.

وأوضحت أن إقامة معهد للدراسات البلقانية، وآخر للتفاعل بين الحضارات، وثالث للدراسات الشرقية، ومتحف للتراث الإسلامي ضمن مشروع مركز الحضارة الإسلامية؛ استهدف تطوير حماية التراث المشترك بين شعوب البلقان، والتوعية -في الوقت نفسه- بالثقافة الإسلامية، وتعزيز مكافحة العنصرية والتمييز والتطرف والعنف، وتكريس الحوار بين الأديان.

وقالت الدراسة البحثية إن هذه المشروعات الحضارية التي دعمتها قطر في البلقان، واكبتها مشروعات مماثلة في إيطاليا والدانمارك وفرنسا. وخلصت إلى أن هذا التوجه يعكس إدراك قطر لأهمية دور هذه المراكز الحضارية في تقصير المسافات بين المسلمين وغيرهم في المجتمعات الأوروبية، وتحقيق تكامل بالمعرفة والقدرات والخبرات بين أوروبا والعالم العربي.

المصدر : الجزيرة