تحريض نتنياهو على الجزيرة ينسجم مع موقف دول الحصار

الفلسطينيون يدخلون في المسجد الأقصى
نتنياهو يرى أن الجزيرة ساهمت "التحريض على الإجراءات الإسرائيلية الأخيرة حول الأقصى" (الجزيرة)

 محمد محسن وتد-القدس المحتلة

يحمل إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عزمه لتشريع قوانين -لإغلاق مكتب قناة الجزيرة في القدس المحتلة وطرد طاقمها- دلالات عمق الأزمة التي يواجهها في أعقاب رضوخه لمطالب المقدسيين بإزالة البوابات الإلكترونية والكاميرات عن أبواب الأقصى المبارك.
 

ورغم إقراره بعدم توفير الآليات القانونية وتوجهه إلى الجهات القضائية في السابق لإيجاد الصيغة القانونية لذلك، فإن نتنياهو تعهد بأنه سيبادر لمشروع قانون خاص بغية إغلاق مكتب الجزيرة بالقدس.

ويزعم نتنياهو أن الجزيرة "لم تتوقف عن التحريض إلى العنف في أحداث القدس والأقصى" وذلك سعيا منه إلى استمالة معسكر اليمين الذي وجه إليه انتقادات لاذعة عقب تفكيك البوابات الإلكترونية والكاميرات من على أبواب ساحات المسجد الشريف. 
 

‪عمر خمايسي ينفي وجود حيثيات قانونية لغلق مكتب الجزيرة بالقدس‬  عمر خمايسي ينفي وجود حيثيات قانونية لغلق مكتب الجزيرة بالقدس (الجزيرة)
‪عمر خمايسي ينفي وجود حيثيات قانونية لغلق مكتب الجزيرة بالقدس‬  عمر خمايسي ينفي وجود حيثيات قانونية لغلق مكتب الجزيرة بالقدس (الجزيرة)

الطوارئ و"الإرهاب"
ويرى مدير "مؤسسة ميزان لحقوق الإنسان" عمر خمايسي أنه لا توجد حيثيات قانونية تمكن نتنياهو من الشروع الفوري بإغلاق مكتب قناة الجزيرة بالقدس.

ولفت خمايسي إلى أن توظيف حالة الطوارئ أو قانون "الإرهاب" -بحظر تل أبيب لفضائيات ووسائل إعلام عربية تتبع لفصائل مقاومة عربية وفلسطينية- لا ينطبق على شبكة الجزيرة التي تتبع دولةً وتحظى باعتراف دولي.

واستبعد -في حديثه إلى الجزيرة نت– أن يبادر نتنياهو إلى تشريع مشروع قانون خاص من أجل إغلاق الجزيرة، حيث سيحظى ذلك بمناهضة داخلية على اعتبار أن مثل هذا التشريع يتنافى مع قانون الصحافة والحريات في إسرائيل، وسيمهد الطريق أمام نتنياهو لتوظيفه داخليا ضد وسائل الإعلام المحلية التي يعتبرها مناهضة لسياساته.

وقال مدير "ميزان لحقوق الإنسان" إن مثل هذا التشريع سيحرج إسرائيل دوليا والتي طالما تغنت بأنها واحة الديمقراطية الوحيدة بالشرق الأوسط. لكنه رجح إمكانية أن يوعز نتنياهو لأذرع المؤسسة الإسرائيلية بممارسة الضغوطات على طاقم الجزيرة.

وأوضح أن نتنياهو قد يسعى لفرض عقوبات على مكتب الجزيرة، سواء برفض التعامل مع الصحفيين أو عدم تجديد التراخيص وحرمان مكتبها من التقنيات، وذلك سعيا منه لفرض أجندة إسرائيلية ضمن الصراع الذي تخوضه على الرواية والمصطلحات الإسرائيلية، حيث يهدف رئيس الحكومة من وراء ذلك التأثير على المضامين والمصطلحات والمنتج الإعلامي للجزيرة من فلسطين وإسرائيل.

‪محمد مجادلة: نتنياهو يحرض على وسائل الإعلام التي تنقل الحقيقة‬ محمد مجادلة: نتنياهو يحرض على وسائل الإعلام التي تنقل الحقيقة (الجزيرة)
‪محمد مجادلة: نتنياهو يحرض على وسائل الإعلام التي تنقل الحقيقة‬ محمد مجادلة: نتنياهو يحرض على وسائل الإعلام التي تنقل الحقيقة (الجزيرة)

تحريض
من جانبه، يرى الإعلامي محمد مجادلة أن تحريض نتنياهو ضد شبكة الجزيرة يأتي في إطار مساعيه الدائمة للتحريض على وسائل الإعلام سواء الإسرائيلية والدولية التي تنقل الحقيقة للمشاهد دون الانصياع لتقييدات وتعليمات حكومته وأذرعها الإعلامية.

ويضيف مجادلة أن فكرة إغلاق مكاتب الجزيرة بالقدس عادت للواجهة مجددا بعد أن تراجعت عنها الحكومة الإسرائيلية في السابق لانعدام المسوغات القانونية، عملا بقرارات شبيهة اتخذت في الأردن ومصر ودول أخرى في خضم الإجراءات المفروضة من قبل دول الحصار على قطر.

ولفت إلى أن نتنياهو -وبغية استمالة اليمين وتصدير أزماته الداخلية- وظف أحداث الأقصى وتغطية الجزيرة لها من أجل تبرير دعواته بإغلاق مكتبها، والإبقاء على مطلب دول الحصار بإغلاق شبكة الجزيرة بعد أن أبدت تراجعها عن هذا المطلب.

ويعتقد مجادلة أن تصريحات نتنياهو تأتي في سياق التنسيق مع بعض الدول العربية المعروفة بخشيتها من حرية الصحافة والتعبير عن الرأي في مشروع تقييد الجزيرة إسرائيليا، يتجلى ذلك بوضوح في تصريحات وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان الذي أكد أن "إسرائيل تشاطر بعض الدول العربية رؤيتها بأن قناة الجزيرة تعمل على نمط ألمانيا النازية".

كما أن نتنياهو ـ وفق مجادلةـ ما عاد يتحمل توثيق شبكة الجزيرة للانتهاكات الجسيمة التي يرتكبها جيش الاحتلال بحق الفلسطينيين، وتجلى ذلك بأحداث القدس والأقصى، وهو الموقف ذاته الذي عبر عنه الإسرائيليون الخارجون عن إطار الإجماع الصهيوني الداعم للاحتلال والتوسع الاستيطاني، وذلك برمته يشكل مصدر إزعاج كبير لحكومة نتنياهو التي باتت تواجه انتقادات لاذعة بالمحافل الدولية.

المصدر : الجزيرة