محاربة الفساد بالجزائر.. توجه جدي أم صراع خلافة؟

رئيس الوزراء عبد المجيد تبون أثناء عرض برنامج عمل حكومته الجديدة على البرلمان
رئيس الحكومة عبد المجيد تبون أعلن في خطاب أمام البرلمان عزمه على محاربة الفساد (الجزيرة)

عبد الحميد بن محمد-الجزائر

تعيش الساحة الجزائرية على وقع صراع بين الحكومة الجديدة برئاسة عبد المجيد تبون ورجل الأعمال النافذ علي حداد، وتتفاوت القراءات في هذا الصراع؛ بين من يراه توجها لمحاربة الفساد، ومن يعدّه مجرد حرب خلافة وصراعات داخل النظام قبل رئاسيات 2019.

وكان رئيس الحكومة طلب من حداد عدم التواجد في إحدى حفلات تخريج مجموعة من الطلبة، وهي الخطوة التي اعتبرت سابقة في حق رجل ارتبط اسمه بالمحيط الضيق للرئاسة.

وجاء طرد علي حداد من الحفل بعد أيام من خطاب ألقاه تبون أمام البرلمان أثناء عرض برنامج حكومته الجديدة، أعلن فيه نيته فصل المال عن السياسة، قبل أن يبدأ فعليا تنفيذ ذلك مستعينا بما يسميه برنامج الرئيس عبد العزيز بوتفليقة.

وردا على "الإهانة "، عقد رجل الأعمال المقرب من شقيق الرئيس ومستشاره الخاص سعيد بوتفليقة  اجتماعا شمل كل أعضاء منتدى رؤساء المؤسسات الذي يقوده، ويضم كبار المستثمرين، مسنودا بموقف عبد المجيد سيدي السعيد الأمين العام للاتحاد العام للعمال الجزائريين.

وخلص الاجتماع إلى إعلان الدعم  الكامل لرجل الأعمال علي حداد ورفض الطريقة المنتهجة من قبل الحكومة، بينما رد مكتب رئيس الوزراء على الاجتماع بأن حكومة تبون لن تدخل في صراعات هامشية مع أحد، وأن ما تنفذه سبق أن وافق عليه البرلمان.

‪نصر الدين قاسم: رجل الأعمال علي حداد أصبح عبئا على من صنعه‬ (الجزيرة)
‪نصر الدين قاسم: رجل الأعمال علي حداد أصبح عبئا على من صنعه‬ (الجزيرة)

استعادة ثقة
وينتمي الرجلان إلى معسكر الرئيس بوتفليقة، وهو ما رأى فيه البعض تخليا من السلطة عن رجالها الفاسدين، وشكك آخرون في أن الأمر مجرد مناورة لتبييض وجه السلطة التي تنتظر استحقاق الانتخابات الرئاسية مطلع 2019.

ويقول الكاتب الصحفي نصر الدين قاسم إن علي حداد أصبح عبئا على الجهات التي صنعته، وجعلت منه "رجلا ثريا"، والسبب -حسبه- "أنه  لم يكن في مستوى تطلعات من صنعوه".

ولا يعتقد قاسم في حديثه للجزيرة نت بأن المسألة تتعلق بمحاربة الفساد والمفسدين، أو فصل المال عن السياسة، بقدر ما تعد إعلان تبرئة ذمة من قبل النظام، والتخلص من عبء ثقيل بطريقة استعراضية وإيهام الناس بأن الأمور تتغير حقا.

ويضيف أن النظام يريد أن يجدد نفسه ببعض المساحيق، لا سيما بعد العزوف الشعبي الواسع عن التصويت في الانتخابات التشريعية الماضية، على حد تعبيره.

من جهته، يرى الكاتب الصحفي نجيب بلحيمر أن ما يجري هو جزء من مساعي السلطة لاستعادة ثقة الجزائريين، ورغبتها في إطلاق حوار سياسي مع المعارضة يهدف إلى تحقيق توافق حول القرارات الاقتصادية القاسية التي يجري التحضير لها.

‪نجيب بلحيمر: النظام يريد التخلص من الشخصيات التي أصبحت عبئا عليه‬  (الجزيرة)
‪نجيب بلحيمر: النظام يريد التخلص من الشخصيات التي أصبحت عبئا عليه‬ (الجزيرة)

صراع خلافة
ويؤكد بلحيمر للجزيرة نت أن  خلفية القرار هي التخلص من الشخصيات التي تتهمها وسائل الإعلام  والمعارضة ضمنيا بالفساد ونهب المال العام، ولا يستبعد أن يكون ما يجري مؤشرا على أن خليفة بوتفليقة في انتخابات 2019 لن يخرج عن المجموعة المحيطة به حاليا "إن تعذر بقاؤه في منصبه لولاية خامسة".

أما الناشط السياسي سمير بلعربي، فيعتقد بأنه بعد "الصفعة" التي وجهها الشعب للنظام في الرابع من مايو/أيار الماضي بمقاطعة الانتخابات التشريعية "يحاول أصحاب القرار إعادة تنظيف الواجهة الملوثة بفساد سياسي واقتصادي".

ويضيف بلعربي للجزيرة نت أن رئيس الوزراء الجديد يسعى إلى محاربة كل الوجوه التي لقيت سخطا شعبيا لارتباطها بفضائح مالية، مثل وزير الصناعة السابق عبد السلام بوشوارب رئيس منتدى رجال الأعمال وعلي حداد، وفق تقديره.

ويرى أن ما حصل "لن يتجاوز الحرب الإعلامية، ولن تحدث أي متابعات قضائية ضدهم، لأن الجهات التي سمحت بتلك الممارسات ما زالت في الحكم".

وحسب بلعربي، فإن النظام يحاول تبييض وجهه تحضيرا للانتخابات الرئاسية 2019 وحكومة عبد المجيد تبون، مشيرا إلى أن حكومة تبون هي حكومة تصريف أعمال دون صلاحيات مطلقة، حسب تعبيره.

المصدر : الجزيرة