إسطنبول تجدد وقفتها في مواجهة الانقلاب

من الاحتفالات في إسطنبول بالذكرى الأولى لفشل الانقلاب العسكري على حكومة الرئيس رجب طيب أردوغان
جانب من الاحتفالات بالذكرى الأولى لفشل الانقلاب العسكري على حكومة الرئيس رجب طيب أردوغان (الجزيرة)

خليل مبروك-إسطنبول

أحيا الأتراك أمس السبت الذكرى السنوية الأولى لفشل الانقلاب الذي حاولت قوات من الجيش تنفيذه ليلة الـ15 من يوليو/ تموز 2016.
 
وشهدت مختلف الولايات التركية العديد من الفعاليات الرسمية والثقافية والفنية التي أعادت إلى الأذهان مشاهد من ليلة الانقلاب الذي اتهمت "جماعة الخدمة" التابعة للمعارض التركي المقيم في الولايات المتحدة فتح الله غولن بمحاولة تنفيذه.
 
وعاشت الشوارع والميادين العامة في مدينة إسطنبول كبرى مدن البلاد يوما وطنيا خاصا، رفعت فيه الأعلام التركية إلى جانب العديد من اللافتات والصور التي تذكر بدور الشعب التركي في إفشال الانقلاب.
 
وخاطب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حشدا مليونيا غص به "جسر شهداء 15 يوليو" الذي يربط شطري المدينة الآسيوي والأوروبي فوق مضيق البسفور قائلا "إن الشعب التركي استطاع دحر الانقلابيين بالإيمان وحب الوطن والتمسك بالحرية".

وللجسر المذكور مكانته الخاصة في هوية تركيا الحديثة، فقد ظل يحمل اسم جسر البسفور إلى أن اعتلته الدبابات والعساكر التي آذنت ببدء المحاولة الانقلابية قبل عام، حيث سقط فوقه عشرات المدنيين الذين تصدوا لمحاولة الانقلاب التي غيرت اسمه إلى "جسر الشهداء " كما غيرت الكثير من المعطيات في الواقع التركي.

‪مسن تركي يرفع علم بلاده قرب بلدية إسطنبول الكبرى في الذكرى السنوية الأولى لمحاولة الانقلاب الفاشلة‬ (الجزيرة)
‪مسن تركي يرفع علم بلاده قرب بلدية إسطنبول الكبرى في الذكرى السنوية الأولى لمحاولة الانقلاب الفاشلة‬ (الجزيرة)

حشود
"عمر" أحد شهود العيان على محاولة الانقلاب، لم ينس الخمسيني التركي رفاقه الذين شقوا عتمة الليل وهم يتوافدون على مقر بلدية إسطنبول الكبرى للتصدي للانقلابيين.

 وقف عمر في المكان ذاته الذي وقف فيه تلك الليلة حاملا لافتة كتب عليها باللغة التركية عبارة "الحاكمية لله"، وهي الشعار ذاته الذي كان يهتف به مواجها رصاص العسكر الذي عجز عن كسر إرادة شعب.
 
وبسؤاله عن الذي تغير في وقفته بين اليوم وذكراه فأجاب "لم يتغير شيء، كنا وما زلنا نرفض أن يحكم تركيا الانقلابيون".

وفي الساحات المحيطة بمبنى بلدية إسطنبول الكبرى احتشد عشرات الرجال من أمثال عمر، ونسوة وفتية وشبان من كل الأعمار انتشروا في المكان. بعضهم افترش الأرض وتوزع آخرون داخل خيام نصبت لتحيي رمزية الاعتصامات. 
 

‪موظفو بلدية إسطنبول يلتقطون صورا تذكارية في ذكرى محاولة الانقلاب‬ (الجزيرة)
‪موظفو بلدية إسطنبول يلتقطون صورا تذكارية في ذكرى محاولة الانقلاب‬ (الجزيرة)

دور
ومن بين الجموع ظهر عمال البلدية وموظفو الجمعيات الكبيرة كمنظمة الإغاثة الإنسانية وهم يرتدون شارات مؤسساتهم ذات الدور المشهود في التصدي للانقلاب، وارتفعت صور الذين قتلوا خلال تصديهم للمحاولة الانقلابية على جدارية رسمية تحولت إلى نصب على إحدى واجهات بلدية إسطنبول.
 
وحمل الأتراك أعلامهم التي احتموا بها في ليلة الانقلاب حتى اكتست إسطنبول بأرضها وسمائها حلة حمراء. وقال أحد المشاركين في الفعاليات وهو يحمل علم تركيا إنه حضر "وفاء للشهداء الذين قضوا في المحاولة الانقلابية".
 
وأضاف "نريد أن يعلم كل من يفكر بتكرار المحاولة أنهم سيجدوننا واقفين في وجوههم كما وجدونا في المرة السابقة" .
 

‪الأطفال يشاركون في إحياء الذكرى الأولى لمحاولة الانقلاب الفاشلة بتركيا‬ (الجزيرة)
‪الأطفال يشاركون في إحياء الذكرى الأولى لمحاولة الانقلاب الفاشلة بتركيا‬ (الجزيرة)

مساندة
أما عائشة غولسوم فقالت للجزيرة نت إنها جاءت لتشارك الناس وقفتهم إلى جانب دولتهم في مواجهة الانقلاب، مضيفة "هذه الحكومة فعلت لأجلنا الكثير ويجب أن نقف إلى جانبها".
 
كانت العجوز التركية تقف أمام مديرية الأمن العام في شارع وطن وتجمّع حولها مئات الأتراك وهم يتذكرون هذا المكان الذي شهد بدايات انكفاء محاولة الانقلاب.
 
هناك واجه الناس الانقلابيين بالحجارة وسحبوهم من داخل الآليات وأجبروهم على التقهقر رغم سقوط الكثير من الضحايا.
 
وغير بعيد عن المكان، كان ذوو ضحايا محاولة الانقلاب يتوافدون على قبور أبنائهم في مقبرة شهداء الـ15 من يوليو/تموز التي تزينت بالورود الحمراء لتحاكي رسائل الحرية.
 
ومع انتصاف ليل إسطنبول واقتراب فجر اليوم الجديد، أطلقت المآذن التكبيرات التي صدحت بها في ليلة الانقلاب وكأنها تجدد رسالة تقول إن الانقلابات لا تمر عندما تكون لها الشعوب بالمرصاد.

المصدر : الجزيرة