أكثر من 60 ألف قاصر لجؤوا لإيطاليا بلا مرافق

طفلة سورية لاجئة بضافة المركز الإسلامي بمدينة كاتانيا الإيطالية قبل توجهها لشمال أوروبا. الجزيرة نت.
طفلة سورية لاجئة بضيافة المركز الإسلامي بمدينة كاتانيا الإيطالية قبل توجهها لشمال أوروبا (الجزيرة)

خالد شمت-برلين

كشفت دراسة تحليلية ميدانية لمنظمة "أنقذوا الأطفال" العالمية أن عدد القصر الذين لجؤوا لإيطاليا بلا مرافق بالغ عبر البحر المتوسط خلال السنوات الخمس الأخيرة زاد على ستين ألف طفل وناشئ.

وأشارت المنظمة إلى أن هذا العدد يكشف عن تضاعف عدد اللاجئين القصر الذين سلكوا هذا الطريق الخطر للوصول للشواطئ الإيطالية خمس مرات بين عامي 2011 و2016.

وذكرت منظمة "أنقذوا الأطفال" أن المجموعات الكبيرة من هؤلاء الصغار الباحثين عن حماية جاءت على التوالي من إريتريا ومصر وغامبيا والصومال ونيجيريا وسوريا.

وأوضحت المنظمة أن هذا الوضع يعكس تحول هذه الظاهرة بمرور الوقت من حالات استثنائية إلى مشكلة بنيوية باتت معتادة، ونوهت إلى أن إحصاءاتها أظهرت تزايد معدل صغار السن بين اللاجئين القصر بإيطاليا، حيث مثلت هذه الفئة المعرضة لأخطار متزايدة نسبة السدس من إجمالي عدد اللاجئين.

وقالت ممثلة منظمة "أنقذوا الأطفال" في إيطاليا رافائيلا ميلانو إن العدد الأكبر من اللاجئين القصر بغير مرافق بالغ هم من الذكور الصغار.

 ولفتت -في حديث للجزيرة نت- إلى أن منظمتها التي تعمل منذ ثماني سنوات على حدود إيطاليا الجنوبية بمساعدة هذه الفئة رصدت اختفاء أعداد كبيرة منهم بمجرد وصولهم للشاطئ الإيطالي، حيث يتجهون لمدن إيطالية كبيرة كروما وميلانو وتورين للانتقال منها بعد ذلك لشمال أوروبا.

نسبة كبيرة من اللاجئين القصر قادمة من دول أفريقية (غيتي)
نسبة كبيرة من اللاجئين القصر قادمة من دول أفريقية (غيتي)

مخاوف الاستغلال
وأوضحت ميلانو أن هذا يجعل هؤلاء الصغار عرضة لمظاهر مختلفة من الاستغلال والوقوع في قبضة تجار البشر، وأضافت "أن اللاجئات صغيرات السن -خاصة القادمات من إريتريا ونيجيريا- يمثلن شريحة متزايدة من اللاجئين القصر، ويواجهن مخاطر أكثر من الذكور خلال رحلة لجوئهن التي عانت خلالها معظمهن من العنف بصور مختلفة".

وفي تحليل لأسباب مغادرة اللاجئين القصر أوطانهم، مخاطرين بتعريض أنفسهم للغرق بمياه المتوسط أو الموت عطشا وجوعا عبر صحراء أفريقيا، رصدت دراسة "أنقذوا الأطفال" دوافع مختلفة، يأتي في مقدمتها الجوع، وأشارت إلى أسباب أخرى من بينها "الفرار من بطش نظام ديكتاتوري عسكري بإريتريا، أو الهروب من أوضاع اقتصادية متردية بمصر، أو من الفقر والأوبئة في نيجيريا".

ولفتت الدراسة إلى أن ديون اللاجئين القاصرين تتصاعد بشكل حاد خلال رحلة اللجوء، وأشارت إلى أن أعدادا كبيرة من الذكور من هذه الفئة تعرضوا للاختطاف في ليبيا ولم يطلق سراحهم إلا بعد إرسال أسرهم فدية.

وذكرت أن هذه الديون تمثل عبئا كبيرا للباحثين الصغار عن حماية، وتدفعهم إما للاستغلال الشديد بفرص عمل بأجور متدنية وبلا ضمانات، أو للجنوح لارتكاب جرائم صغيرة.

ونبهت الدراسة إلى أن معظم اللاجئين القصر من إريتريا وسوريا وأفغانستان يفضلون مغادرة إيطاليا بعد الوصول إليها لبلدان أخرى بأوروبا، وقالت إن هذه الفئة تصبح خلال رحلتها الجديدة نحو الشمال عرضة لأخطار أكثر، وأشارت إلى أن العام الماضي شهد تسجيل اختفاء ستة آلاف من هؤلاء القصر بعد وصولهم إيطاليا.

‪اللاجئون يخاطرون بعبور المتوسط أملا في الوصول إلى أوروبا‬ (رويترز)
‪اللاجئون يخاطرون بعبور المتوسط أملا في الوصول إلى أوروبا‬ (رويترز)

القصر المصريون
ولم تفد الإجراءات الأوروبية المشددة التي يدور الجدل حولها منذ فترة بشأن إعادة توزيع اللاجئين من إيطاليا واليونان على دول باقي الدول الأوروبية إلا أعدادا محدودة من اللاجئين القصر لا تتعدى أصابع اليد الواحدة حسب "أنقذوا الأطفال".

وقالت المنظمة إن أعدادا كبيرة من هؤلاء الصغار تسعى للتغلب على هذا الوضع بمحاولة اجتياز الحدود الأوروبية الداخلية بالخفاء، غير أن أكثرهم يرفضون هناك مما يجعلهم يتجهون لشبكات المهربين.

ونوهت ممثلة "أنقذوا الأطفال" بإيطاليا إلى أن القاصرين المصريين بشكل خاص يفضلون البقاء بإيطاليا، غير أنهم يواجهون صعوبات لا حصر لها بمراكز الإقامة أو في التعليم أو في إلحاقهم بسوق العمل.

وخلصت ميلانو إلى أن القانون الجديد الذي أعدته الحكومة الإيطالية لإدماج اللاجئين وتفعيل إجراءات لم الشمل من شأنه المساعدة في تحسين أوضاع المهاجرين القصر بإيطاليا.

المصدر : الجزيرة