رائحة الموت تفوح في الموصل القديمة

Smoke billows after an air strike by Iraqi forces towards the positions of the Islamic State militants in the Old City of Mosul, Iraq June 25, 2017. REUTERS/Erik De Castro
أعمدة الدخان تتصاعد من مناطق المعارك بالموصل (رويترز)

مع تقدم القوات العراقية لطرد تنظيم الدولة الإسلامية من آخر حصونه في الموصل القديمة، التي كانت تضم أبرز المعالم التاريخية في العراق، صارت المباني المدمرة وأكوام الركام وجثث مقاتلي التنظيم الوجهَ الجديد المروع لأحياء المدينة.

كما تتناثر في شوارع أحياء الموصل القديمة بقايا دراجات نارية وبخارية كانت مفخخة وانفجرت.

وللمرة الثالثة في غضون دقائق، يمر المقدم محمد التميم من دون النظر إلى جثة متحجرة لأحد عناصر التنظيم، دفن نصفها تحت كومة أنقاض عملاقة كانت قبل أيام واجهة قديمة لمبنى في حي الفاروق.

وبسبب وجودها لأيام عدة في ظل حرارة تتخطى 40 درجة مئوية، فإن رائحة العفن المنبعثة من الجثة المتورمة والمدفون نصفها لا تُحتمل.

وقتل هذا العنصر الملتحي، بثياب القتال، حاملا سلاحه بيده، فيما يبدو أنه مصير نحو 200 من مقاتلي تنظيم الدولة المحاصرين في مساحة لا تتخطى كيلومترا مربعا من ثاني كبرى مدن العراق، والتي كان سيطر عليها التنظيم قبل ثلاث سنوات.
 

‪جنديان عراقيان يوثقان شخصا يشتبه في أنه أحد مقاتلي تنظيم الدولة بالموصل القديمة‬ (غيتي) 
‪جنديان عراقيان يوثقان شخصا يشتبه في أنه أحد مقاتلي تنظيم الدولة بالموصل القديمة‬ (غيتي) 

لا يستسلمون
يقول التميم إن "الدواعش لا يستسلمون"، في وقت تدوي قذائف الهاون والرصاص والصواريخ في المدينة القديمة. ويضيف "هم إما سيقتلون وإما سينتحرون عبر تفجير أنفسهم كملاذ أخير"، مشيرا إلى أن مقاتلي التنظيم حاولوا مرارا إبطاء تقدم القوات العراقية بشن هجمات انتحارية.

ويشير جندي شارك في معارك استعادة حي الفاروق إلى أن الغارات الجوية كانت عاملا مهما لصعوبة دخول الآليات المدرعة في الأزقة.

ويقول الجندي الذي طلب عدم كشف هويته "نتقدم ونحدد مكان العدو، ثم نطلب شن غارات جوية للقضاء عليهم، ثم نتقدم بحذر، ونرى العديد من الجثث، ونبحث عن الآخرين الذين ما زالوا أحياء".
 

‪المدنيون هم الأكثر تضررا من الحرب المستعرة‬ (رويترز)
‪المدنيون هم الأكثر تضررا من الحرب المستعرة‬ (رويترز)

مدنيون على خط النار
ويصل ارتفاع أنقاض الأسقف أو واجهات المباني التي تضررت جراء المعارك العنيفة في الشوارع الضيقة إلى أمتار عدة أحيانا.

كما يبدو الدمار في المدينة القديمة بغرب الموصل مروعا. مبان عدة سويت بالأرض تماما، في حين تتدلى منها كابلات الكهرباء بشكل خطير. أما تلك التي لا تزال صامدة، فتتجمع في طبقاتها العليا بقايا السيارات المفخخة.

وقُتل مئات المدنيين ومئات من عناصر تنظيم الدولة منذ بدء العملية. واضطر أكثر من 800 ألف شخص إلى الفرار من ديارهم، ولا يزال العديد منهم يقيمون في مخيمات مكتظة.

ويقول الناجون من معركة الموصل إن غالبية الأسر فقدت قريبا أو أكثر، بعضهم قتل بيد التنظيم، والبعض الآخر خلال المعارك.

وحي الفاروق، الذي كان يوما حيا سكنيا، صار مجموعة من المباني المدمرة، وشوارعه مغطاة بالأنقاض وجبال من الركام.

وداخل المنازل التي صمدت خلال القتال، تسود الفوضى، حيث تتناثر أدوات منزلية وأثاث وملابس وأوان في كل مكان، إلى جانب الدراجات وبعض البطانيات ولعب الأطفال. لكن لا روح في المكان.

وبدأت القوات العراقية يوم 18 يونيو/حزيران الجاري عملية اقتحام المدينة القديمة، بعد أكثر من ثمانية أشهر من انطلاق أكبر عملية عسكرية في البلاد منذ سنوات لاستعادة الموصل.

ويشير المدنيون الذين نزحوا من أرض المعركة إلى أن عائلات بأكملها لجأت إلى أقبية منازل يحتلها مقاتلو التنظيم، وقتلت جراء القصف.

المصدر : الفرنسية