أزمة الكهرباء تلاحق أهل غزة وتغير أنماط حياتهم

وقفة في غزة تنديدا باستمرار أزمة الكهرباء
جانب من وقفة في قطاع غزة تنديدا باستمرار أزمة الكهرباء (الأناضول)

أفسدت أزمة نقص الكهرباء حياة سكان قطاع غزة، وأجبرتهم على تغيير أنماط حياتهم، بالإضافة إلى تكبيدهم الكثير من الأعباء المالية الإضافية.

فعلى عكس الهدوء المعتاد في ساعات ما بعد منتصف الليل، يتحول منزل عائلة "محمود تيِّم" إلى ما تشبه "ورشة العمل"، بفعل ضجيج الأدوات الكهربائية، التي تعمل لساعات قليلة ومحددة نتيجة الانقطاع المتواصل للكهرباء.

وتطرد الأم مريم (52 عاماً) النوم من عينيها، وتسابق الزمن كي يتسنى لها استغلال الساعات المعدودة للتيار الموصول ضمن جدول لا يكفي لإتمام الأعمال المنزلية التي تراكمت. وتقول "أضطر للاستيقاظ فجرا لغسل وكوي الملابس وغيرها من الأعمال التي تتطلب الكهرباء، لقد تحول ليلنا نهارا".

ويعد فقدان "المياه" من أكثر تداعيات انقطاع الكهرباء، نظرا لحاجتها للطاقة من أجل ضخها من قبل البلديات للمواطنين أولا، كي يضخها السكان في خزاناتهم.

أما تخزين الطعام فأصبح من الماضي، حيث يتسبب انقطاع الكهرباء في إفساد محتويات الثلاجة، وهو ما يجبر العائلات على شراء الطعام بشكل شبه يومي.

وتلحق أزمة الكهرباء بالسكان خسائر مالية فادحة حيث يضطرون بشكل دائم لشراء بطاريات ومولدات كهربائية.

محطة توليد الكهرباء في غزة توقفت بعد نفاد الوقود(الجزيرة)
محطة توليد الكهرباء في غزة توقفت بعد نفاد الوقود(الجزيرة)

ويعاني قطاع غزة الذي يعيش فيه نحو 2 مليون نسمة، من أزمة كهرباء حادة في الوقت الراهن، إذ تصل ساعات قطع التيار الكهربائي إلى نحو 20 ساعة يومياً.

وتعتمد عائلة تيّم على الشموع مصدرا للضوء، فساعات القطع الطويلة للتيار الكهربائي لا تكفي حتى لشحن البطاريات الموفرة لأضواء الإنارة.

وتقول الطفلة فرح تيّم إنها عانت طوال العام الدراسي الماضي من الدراسة على ضوء الإنارة الخافتة. وأضافت فرح (12 عاما) الطالبة في الصف الأول الإعدادي، أنها شكت من ألم في عينيها جراء الدراسة على ضوء الشموع.

وعلى مقربة من فرح، جلس والدها محمود (55 عاما) يشكو معاناة أسرته، مشيراً إلى أن حياتهم لم تعد قائمة إلا على الشموع.

ويلجأ وهو أب لـ11 فردا، لهذه الوسيلة التي يصفها بالخطيرة لعدم إمكانية شحن البطاريات الموفرة لأضواء الإنارة بسبب الانقطاع الطويل للتيار الكهربائي، ويقول إنه يعيش وضعاً مأساويا، "في كل يوم تزداد العقبات والأوضاع الإنسانية سوءا في قطاع غزة دون من يد العون من أحد".

ولا يتوقف تأثير انقطاع الكهرباء على ما يسببه للمواطنين من معاناة، بل يتعداه إلى إلحاق أضرار كبيرة بالبيئة، حيث تضطر البلديات إلى ضخ مياه الصرف الصحي إلى مياه البحر (الأبيض المتوسط) دون معالجة، وهو ما يحرم السكان من فرصة الاستجمام على مياه الشاطئ.

أطفال يتظاهرون بالشموع احتجاجا على أزمة الكهرباء بغزة(وكالة الأناضول)
أطفال يتظاهرون بالشموع احتجاجا على أزمة الكهرباء بغزة(وكالة الأناضول)

وكانت سلطة الطاقة في غزة قد أعلنت منتصف الشهر الماضي عن توقّف محطة توليد الكهرباء عن العمل، وأرجعت السبب إلى الضرائب التي تفرضها الحكومة الفلسطينية برام الله على الوقود الخاص بالمحطة.

كما بدأت إسرائيل بتقليص إمداداتها من الكهرباء لقطاع غزة منذ الاثنين الماضي، حيث تعتزم خفضها بنحو 40 ميغاواطا من أصل 120 ميغاواطا، هو مجموع ما تمده للقطاع، بعد قرار السلطة الفلسطينية تخفيض مدفوعاتها الشهرية المخصصة لدفع فواتير الكهرباء بنسبة 30%.

ويحتاج قطاع غزة إلى نحو 450 ميغاواطا من الكهرباء، لا يتوافر منها حاليا سوى أقل من 100 ميغاواط.

وسبق للرئيس الفلسطيني محمود عباس أن أعلن أنه بصدد تنفيذ "خطوات غير مسبوقة" بغرض إجبار حركة المقاومة الإسلامية (حماس) التي تدير قطاع غزة، على إنهاء الانقسام وتسليم إدارة القطاع لحكومة التوافق الفلسطينية.

وتقول الحكومة الفلسطينية إن استمرار سيطرة حماس على شركة توزيع الكهرباء وسلطة الطاقة يحول دون تمكين الحكومة من القيام بواجباتها وتحمل مسؤولياتها تجاه إنهاء أزمة الكهرباء المتفاقمة.

المصدر : وكالة الأناضول