تباين بشأن عودة قيادييْن متمرديْن بإقليم دارفور للخرطوم

لحظة وصول العائدين في مطار الخرطوم ويظهر فيها أبو بكر نور متحدثا ... الجزيرة نت
القيادي السابق بحركة العدل والمساواة أبو بكر نور يتحدث للصحفيين لدى عودته للخرطوم (الجزيرة)

عماد عبد الهادي-الخرطوم

فاجأ قياديان مؤثران في حركة العدل والمساواة المتمردة بدارفور متابعي أزمة الإقليم بالعودة إلى الخرطوم، ورأى البعض أن العودة انتقال من النضال المدني، في حين استبعد آخرون أن تسهم بإحلال السلام.

المتمردان العائدان هما أمين الشؤون الإنسانية الشيخ سليمان محمد جاموس وأمين التنظيم والإدارة أبو بكر حامد نور اللذان يمثلان القوى الكبرى في حركة العدل والمساواة، وقد دفعت عودتهما بكثير من التساؤلات بشأن الأسباب الحقيقية لهذه الخطوة رغم المواقف العدائية التي امتدت لأكثر من 15 عاما ضد حكومة الخرطوم.

وبعيدا عن تساؤل المتابعين بررت حركة العدل والمساواة عودة القائديْن بقولها إن ما حدث يمثل امتدادا طبيعيا لفتور همة بعض من تولوا قيادة العمل النضالي، حسب الناطق الرسمي باسم الحركة جبريل آدم بلال.

السلام والاستقرار
ويفسر أمين التنظيم والإدارة في الحركة قبل انشقاقه أبو بكر حامد نور عودته بأنها محاولة لتأكيد السلام والاستقرار في السودان، مع ضرورة إرساء أدب جديد للسلام عبر إرادة سودانية بعيدا عن التدخلات الأجنبية.

في المقابل، رد الناطق الرسمي باسم الحركة جبريل آدم بلال على تلك المبررات بالقول إن المنشقيْن فضلا الطريق الأقصر للتوافق مع السلطة "بل فضلاه بأبخس الأثمان على الاستمرار في النضال".

‪بلال: عودة القيادييْن تناقض مواقفهما السابقة من النظام السوداني‬ (الجزيرة)
‪بلال: عودة القيادييْن تناقض مواقفهما السابقة من النظام السوداني‬ (الجزيرة)

ولم يستبعد بلال إحساس المنشقيْن بغياب أفق لتسوية سياسية قريبة "لذلك قررا الذهاب للنظام دون مقابل سياسي حقيقي".

ويرى بلال في حديثه للجزيرة نت أن هذه الخطوة لن تؤدي إلى حل الأزمة التي ناضلا من أجلها "لأنها تناقض مواقفهما السابقة التي كانا يعتبران فيها النظام مجرما وقاتلا ومغتصبا"، مضيفا "الآن أصبحا شركاء له بغير ثمن".

ولم يلبث أن أعاد متابعون للذاكرة علاقة العائديْن بالحركة الإسلامية عموما وحزب المؤتمر الشعبي على وجه التحديد، إذ كانا من القيادات البارزة للحزب قبل التحاقهما بالتمرد في 2003.

دور تشاد
بالمقابل، فضل آخرون الحديث عن دور الرئيس التشادي إدريس ديبي في إقناع العائديْن بخيار السلام، إذ بدأ مفاوضات جادة من العاصمة الألمانية برلين انتهت قبل أسبوع بحضور حسبو محمد عبد الرحمن نائب الرئيس السوداني في نجامينا قادت جاموس وحامد للعودة إلى الخرطوم.

ويكشف العائد حامد للصحفيين ملامح المبادرة التشادية التي قادته للعودة "بأنها تشمل شقين: سياسي وآخر اجتماعي، مشيرا إلى أن تنفيذها سيشكل إضافة حقيقية لاستقرار السودان ويعالج آثار الحرب ويساهم في تنمية البلاد، فضلا عن رتق النسيج الاجتماعي".

أما نهار عثمان نهار الأمين السياسي لحركة العدل والمساواة جناح السلام التي انشقت عن الحركة الأم فيرى أن عودة الرجلين سيكون لها ما بعدها في مسار العملية السلمية، خاصة أنهما من القيادات المؤثرة وكانا وراء العمليات العسكرية في إقليم دارفور بالسنوات الماضية.

وقال نهار للجزيرة نت إن جاموس وحامد نور اختارا السلام باعتبارهما فردين ليست خلفهما قوة عسكرية "لكن رغم ذلك سينعكس ذلك سلبا على الوضع الميداني لحركة العدل والمساواة، بل سيحدث اختلالا في عمليات تخطيطها".

‪نهار: عودة الرجلين ستصب إيجابا لصالح السلام لأن لهما نفوذا لدى المتمردين‬ (الجزيرة)
‪نهار: عودة الرجلين ستصب إيجابا لصالح السلام لأن لهما نفوذا لدى المتمردين‬ (الجزيرة)

لكن المتحدث نفسه استبعد أن تكون عودة الرجلين مقدمة لسلام كلي للحركة المتمردة، "لكنها ستصب إيجابا لصالح السلام، خاصة أنهما ذوا نفوذ عال وسط المتمردين".

النضال المدني
ويؤكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة أم درمان الإسلامية صلاح الدومة أن التحاق نور وجاموس سيكون مقدمة لعودة آخرين كثر، ويشير إلى أنه يمثل دعاية إضافية لفكرة النضال المدني لدى منسوبي الحركات المسلحة.

ويرى الدومة في تعليق للجزيرة نت ضرورة أن يتحول أبناء دارفور إلى العمل السلمي للدفاع عن قضيتهم التي وصفها بالعادلة "لأن ذلك هو الطريق الأقصر للوصول للحقوق خلافا للبندقية".

ويذهب المحلل السياسي حسن حاج علي للقول إن عودة القيادييْن تعكس مشكلات داخلية عسكرية وسياسية أدت إلى تضاؤل خياراتهما، لافتا إلى أن المعارك التي دارت في دارفور مؤخرا توضح بجلاء ضعف القوة العسكرية لدى الحركات المسلحة.

ويضيف علي في تصريح للجزيرة نت أن هذه العودة سيكون لها تأثير سياسي على بناء حركة العدل والمساواة أكثر من التأثير العسكري، مشيرا إلى أن الضغوط الإقليمية والدولية ستعجل بعملية سلام متكاملة في دارفور.

المصدر : الجزيرة