دعم متمردي دارفور عنوان أزمة بين مصر والسودان

مدونات - دارفور
السلطات السودانية اتهمت القاهرة بدعم حركات مسلحة في دارفور بمدرعات ومركبات (رويترز)

دعاء عبد اللطيف-القاهرة

نفى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي اتهامات وُجهت لبلاده بدعم متمردي دارفور غربي السودان، وذلك بعد اتهام مباشر وجهه الرئيس السوداني عمر البشير للسلطات المصرية بدعمها عمليات عسكرية نفذتها حركات مسلحة في دارفور.

وفي أواخر مايو/أيار الماضي، قال البشير في كلمة أمام القوات المسلحة السودانية إن قوات الجيش ضبطت مدرعات ومركبات مصرية استخدمها متمردون في هجمات مسلحة بولايتي شمال وشرق دارفور يوم 19 مايو/أيار الماضي.

ورغم هذه الاتهامات التقى السيسي أوائل يونيو/حزيران الجاري وزير الخارجية السوداني إبراهيم غندور في القاهرة، ضمن إطار زيارة رتب لها قبل اتهامات البشير لـمصر، وهو اللقاء الذي سماه وزير الخارجية المصري سامح شكري جلسة المكاشفة.

وخلال مؤتمر صحفي أعقب لقاء السيسي بغندور، أكد الأخير أن بلاده تعرضت لهجمات من الشمال والجنوب، مضيفا أن "تفاصيلها وضعت أمام الرئيس السيسي، وليس من المصلحة أن ندخل في تفاصيلها هنا".

متمردون على ظهر دبابة في إقليم دارفور (الجزيرة)
متمردون على ظهر دبابة في إقليم دارفور (الجزيرة)

عوامل استعداء
وتأتي هذه الاتهامات في وقت دخلت فيه العلاقات المصرية السودانية مرحلة العداء المعلن، وفق  ما يراه الدبلوماسي السابق بالخارجية المصرية بلال المصري.

وأوضح المصري في حديثه للجزيرة نت أن جذور العداء زرعها نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك في تسعينيات القرن الماضي بسبب وصول الإسلاميين إلى الحكم في السودان، وهو ما دفع الخرطوم لتوطيد علاقاتها مع تركيا وإثيوبيا.

وعن مدى واقعية اتهامات البشير لمصر بدعم حركات تمرد في البلاد، يرى المصري أن توقيت الاتهامات يدفع إلى رؤية الأمور من زاوية أوسع، مشيرا إلى أن الهجوم الأخير -وفق الرواية السودانية- جاء في توقيت شديد الحرج لحكومة الخرطوم.

وأشار المصري إلى أن السودان ينتظر انسحابا تدريجيا لقوات حفظ السلام من دارفور، ويستعد في يوليو/تموز القادم لرفع العقوبات الأميركية المفروضة عليه منذ العام 1997 نهائيا والمشروطة بتنفيذ عدة نقاط، منها المصالحة الشاملة.

وقال الدبلوماسي السابق إن انسحاب قوات حفظ السلام من دارفور سيتيح للسودان تحقيق استقرار نسبي يؤدي إلي تنمية شاملة، بما يجعله قوة مؤثرة إقليميا على حساب مصر، خاصة مع وصول العلاقات السودانية الإثيوبية إلى ذروتها في مختلف المجالات، ومنها التنسيق في شأن سد النهضة الإثيوبي.

وأشار إلى أن متمردي دارفور ليس أمامهم -للحصول على الأسلحة- سوى اللجوء إلى المستفيد الأول من إضعاف الخرطوم، الذي صارت بينه وبين السودان عداوة معلنة على حد تعبيره.

في المقابل، استبعد المحلل السياسي أسامة الهتيمي تواصل مصر بشكل مباشر مع قيادات التمرد في دارفور لإدراكها خطورة الموقف.

ورجح الهتيمي أن الأسلحة المصرية التي يتحدث عنها البشير ربما وصلت هؤلاء المتمردين عن طريق أطراف أخرى تقدم لها القاهرة الدعم كالقوات التابعة للواء المتقاعد خليفة حفتر في ليبيا.

‪الرئيس السوداني عمر البشير مع نظيره المصري عبد الفتاح السيسي في القاهرة عام 2014‬  (الأوروبية
‪الرئيس السوداني عمر البشير مع نظيره المصري عبد الفتاح السيسي في القاهرة عام 2014‬ (الأوروبية

أزمات وضغوطات
وكان أمين حسن عمر مبعوث الرئيس السوداني للاتصالات الدبلوماسية والمفاوضات، قال يوم 19 مايو/أيار الماضي إنه "عندما تُتهم مصر بدعم المعارضة السودانية المسلحة, فإنها تقول إنها تساعد بالفعل ليبيا وجنوب السودان بالأسلحة, لكن إذا تسربت هذه الأسلحة إلى طرف ثالث فإنه لا مسؤولية على القاهرة".

ويؤكد الهتيمي للجزيرة نت أن هذا الأمر "ربما قصد به الضغط على نظام البشير الذي فتح أبواب بلاده لاستقبال مناوئين للنظام المصري، فضلا عن بعض الملفات الأخرى وفي مقدمتها موقف الخرطوم من سد النهضة".

ورأى الهتيمي أن مصر تقف ضد تجزئة جديدة في السودان، وعليه فإن تعاطيها مع الحركات المعارضة يستهدف الاحتواء ومتابعة مواقفها عن كثب حتى لا تتطور الأمور إلى الانفصال، وفق المحلل السياسي.

من جانبه يرى مدير مركز "تكامل مصر" لدراسات الإعلام والرأي العام مصطفى خضري، أن نظامي البلدين يعملان على إعادة توجيه الرأي العام الداخلي فيهما من خلال افتعال مشكلات خارجية.

وأكد خضري للجزيرة نت أن العلاقة بين نظامي السيسي والبشير تخضع لعدة متغيرات، أهمها صراع  الرئيس السيسي مع جماعة الإخوان المسلمين، في الوقت الذي يتحالف فيه الرئيس البشير مع الجماعة ويؤمن لهم مستقرا في بلاده، على حد تعبيره.

وأشار إلى أن الحليف السعودي يمثل أحد المتغيرات المؤثرة في العلاقة بين مصر والسودان، فكلاهما يطرح جيشه كوقود لما سماها مغامرات الرياض في اليمن مقابل المال.

المصدر : الجزيرة