علاقات السودان ومصر بين التكامل والتشاحن

وزيرا خارجية السودان ومصر إبراهيم غندور وسامح شكري على التوالي ... الجزيرة نت
وزيرا خارجية السودان إبراهيم غندور (يمين) ومصر سامح شكري (الجزيرة)

عماد عبد الهادي-الخرطوم

شهدت العلاقات السودانية المصرية تدهورا وصف بالمكتوم منذ نحو أربع سنوات وكاد أن يتحول إلى مواجهة عسكرية بعدما ضجت ساحة الطرفين الإعلامية بالتراشق والاتهامات.
 

وخرج ذلك التدهور إلى العلن بعدما حسم السودان موقفه الداعم لبناء سد النهضة الإثيوبي، وترميم علاقاته مع بعض الدول الخليجية، مع تحريكه ملف مثلث حلايب وشلاتين الذي تسيطر عليه مصر منذ منتصف تسعينيات القرن الماضي، وقراره بوقف استيراد بعض المنتجات المصرية.

وكرد فعل مباشر لقرار السودان وقف استيراد المنتجات المصرية ومن قبلها مواقفه المناقضة لمواقف القاهرة، اتجهت مصر إلى فرض قيود هي الأولى من نوعها حينما استوقفت صحفيين ورعايا سودانيين في مطار القاهرة بشكل غير مسبوق.

ومقابل ذلك، شددت الخرطوم من ناحيتها وقف استيراد المنتجات الزراعية المصرية، مع فرض الحصول على تأشيرة دخول على جميع المصريين الراغبين في السفر إلى السودان معاملة منها بالمثل، كما تقول.

غير أن تهدئة حدثت على كافة المستويات خلال الأيام الماضية بعيد زيارة وزير الخارجية السوداني إبراهيم غندور إلى القاهرة، ولم يفصح بعد عن كامل تفاصيلها.

‪متوكل محمود وجّه نصحه لمسؤولي البلدين بضرورة توخي الحكمة‬ (الجزيرة)
‪متوكل محمود وجّه نصحه لمسؤولي البلدين بضرورة توخي الحكمة‬ (الجزيرة)

مرحلة سياسية
ولا يرى أغلب السودانيين هذه الخلافات تهديدا ينبغي تجاوزه، وإنما يعتبرونها مرحلة سياسية تستوجب التعامل معها بشيء من الحكمة، حسب نائب رئيس لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان السوداني متوكل محمود.

وبدا محمود أكثر وثوقا في تجاوز الدولتين للأزمة الحالية لأن "المتضرر هو شعب وادي النيل بأكمله"، لافتا إلى عمل الطرفين لتنفيذ اتفاقات تم توقيعها مؤخرا خاصة عمليات دخول وخروج مواطني البلدين.

ولم يجد متوكل غير إسداء النصح لمسؤولي البلدين بضرورة توخي الحكمة لما يربط البلدين من مصالح "تصل مستوى الأمن القومي"، مشيرا إلى أن ردود الأفعال التي حدثت من هنا وهناك كانت طبيعية واقتضتها ممارسات كل طرف تجاه الآخر.

وفي وقت أبدى فيه محمود رفضه لأي استفزازات لبلاده من الجانب المصري، شدد على وجود أياد وصفها بأنها "خبيثة" لها أجندات ومصالح في تدهور علاقات البلدين.

وبرأيه، فإن جميع القرارات التي اتخذها السودان خلال الفترة الماضية تصبّ في صالح مصر لا سيما قرار تشديد منح تأشيرة الدخول.

‪أسامة عبد الماجد: مصر كانت تنظر إلى السودان بمنظور التبعية‬ (الجزيرة)
‪أسامة عبد الماجد: مصر كانت تنظر إلى السودان بمنظور التبعية‬ (الجزيرة)

مشكلات جوهرية
من جانبه، أكد الكاتب الصحفي أسامة عبد الماجد أن تدهور العلاقات السودانية المصرية نتاج لمشكلات جوهرية في التعاطي المصري مع السودان، لافتا إلى أن مصر كانت تنظر إلى السودان بمنظور التبعية لها في كل القرارات والمواقف الدولية والإقليمية.

وحسب رأيه، عندما انفرد السودان بقراراته ورمّم علاقاته مع دول خليجية واتخذ موقفه بشأن سد النهضة الإثيوبي، "ارتبكت وقتها حسابات مصر وأحست بالخطر على أمنها القومي، مما دفعها لإساءة معاملة صحفيين سودانيين ودعم الحركات المسلحة لأول مرة".

واعتبر عبد الماجد أنه كان لزاما على السودان استخدام سلاح حظر المنتجات المصرية، وتصعيد ملف مثلث حلايب لمواجهة الإجراءات المصرية، متهما الاستخبارات المصرية بالمسؤولية عن هذه الإجراءات وليس دبلوماسيتها.

وقال إن ما حدث لن يؤثر على علاقة الشعبين ولن يولد أي كره بينهما، مضيفا أنه على الرغم مما يحصل لا يجد السودانيون في أنفسهم غبنا تجاه الشعب المصري.

ندية الخرطوم
من جهته أبدى محيي الدين علي، وهو معلم، ارتياحه لما أسماها الندية التي أظهرتها الخرطوم في علاقاتها مع مصر "بعدما كانت تواجهها بشكل ناعم خلال الفترة الماضية".

وبرأيه، فإن بلاده نجحت في وضع علاقة البلدين في إطارها الصحيح بشكل يحفظ كرامة السودان رغم ما أحدث ذلك من توتر.

ويقول للجزيرة نت "نحترم الشعب المصري، لكن الغبن الذي نشعر به هو تجاه مصر الرسمية التي لم تعرف قدر تلك العلاقة الممتدة".

المصدر : الجزيرة