ليبيا والتدخل الإماراتي.. فوضى أمنية وتمزق سياسي

مركبات وآليات عسكرية لكتيبة القعقاع تنتمي لبلدة الزنتان، لها علاقة وثيقة مع تحالف القوى الوطنية الذي يقوده محمود جبريل, وكذلك مع دولة الإمارات - صورة خاصة عام 2013 أثناء انسحابهم من طرابلس.
لجنة العقوبات الدولية اتهمت الإمارات بخرق حظر التسليح المفروض على ليبيا (الجزيرة)
فؤاد دياب-الجزيرة نت

يرى محللون أن دولة الإمارات تلعب دورا له تبعات كارثية  داخل الساحة الليبية، فمنذ إطاحة ثورة 17 فبراير بنظام العقيد الراحل معمر القذافي وهي تسعى جاهدة لإجهاض الثورة وإقصاء الإسلاميين، من خلال دعمها لقوى الثورة المضادة بالسلاح.

وتسبب التدخل الإماراتي -وفق مراقبين ومحللين- بفوضى عارمة داخل البلاد وانقسام سياسي داخل مؤسسات الدولة وتمزيق النسيج الاجتماعي وتدهور الاقتصاد.

وكشف التقرير السنوي للجنة العقوبات الدولية الخاصة بليبيا مؤخرا عن خرق دولة الإمارات وبصورة متكررة نظام العقوبات الدولية المفروضة على ليبيا، من خلال تجاوز حظر التسليح المفروض عليها، مشيرة في تقريرها إلى أن الإمارات قدمت الدعم العسكري لقوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر على أنها شحنات مواد غير قاتلة.

وقد أدى الدعم الإماراتي وفق تقرير اللجنة إلى زيادة قدرات قوات حفتر الجوية. واعتبرت اللجنة أن المساعدات الإماراتية قد أدت إلى تزايد أعداد الضحايا في النزاع الدائر في ليبيا.

‪الضراط: الإمارات هي الواجهة الأمامية لمشروع الثورة المضادة‬ (الجزيرة)
‪الضراط: الإمارات هي الواجهة الأمامية لمشروع الثورة المضادة‬ (الجزيرة)

مشروع سعودي
ويقول عضو مجلس النواب محمد الضراط -الذي يقاطع جلسات المجلس- إن الإمارات لا تستطيع إدخال السلاح إلى ليبيا في ظل وجود حظر دولي، دون تواطؤ من بعض الدول المتنفذة والكبيرة.

وعن أهداف التدخل الإماراتي بليبيا، يقول الضراط للجزيرة نت إن "الإمارات الآن أصبحت تتدخل في كل المنطقة، وهي الواجهة الأمامية لمشروع الثورة المضادة الذي تقف خلفه وتديره السعودية"، معتقدا أن الإمارات ليس لها أي بعد إستراتيجي أو نفوذ في ليبيا.

ويتفق المحلل السياسي محمد فؤاد مع ما ذهب إليه الضراط، إذ قال إن السعودية تلعب دورا كبيرا في ليبيا لم يكن معلنا من خلال دولتي مصر والإمارات، وظهر مؤخرا خلال أزمة الخليج.

أما عصام الجهاني عضو مجلس النواب بطبرق والموالي لعملية "الكرامة" التي يقودها حفتر فقال إن التدخل في ليبيا وإرسال الأسلحة إليها لا يقتصر على الإمارات وحدها، موضحا أن دولا إقليمية أخرى تتدخل في ليبيا.

الجهاني: الدول التي تتدخل بليبيا تسعى لتكوين نظام هيمنة وتبعية
الجهاني: الدول التي تتدخل بليبيا تسعى لتكوين نظام هيمنة وتبعية

نظام هيمنة
وأضاف الجهاني "لا أحد يقدّم لك الحلوى دون مقابل أو لسواد عيونك"، وإنما لكل طرف أهداف ومصالح خاصة.

ويعتقد الجهاني أن أهداف الدول التي تتدخل بليبيا هي السعي لتكوين نظام هيمنة وتبعية، من خلال دعم منظومة معينة تصل إلى سدة الحكم بليبيا، مستندا على ذلك إلى وجود عناصر استخباراتية لمعظم الدول في ليبيا يعملون على تحريك الأطراف الليبية مثل "بيادق الشطرنج"، وفق تعبيره.

في حين يرى فؤاد أن "الإمارات دولة صغيرة ليس لها وزن حقيقي في السياسة الدولية أو أهداف إستراتيجية سوى إعادة كل دول الربيع العربي إلى مربع الدكتاتورية العسكرية، خدمة لأجندات صهيونية" على حد تعبيره، مشيرا إلى أن ابتعاد الولايات الأميركية قليلا عن الملف الليبي، ساهم في تدخل الدول الإقليمية في الشأن الليبي.

ولا يمانع الجهاني من تقديم الدعم العسكري لمؤسسة الجيش المنبثقة عن مجلس النواب باعتبارها السلطة الشرعية الوحيدة بالبلاد، من أجل محاربة ومكافحة الإرهاب والقضاء على تنظيم الدولة المنتشر في عدد من المدن الليبية.

‪صورة‬ نشرها تقرير لجنة العقوبات الدولية 
‪صورة‬ نشرها تقرير لجنة العقوبات الدولية 

فوضى
وعن تأثير التدخل الإماراتي على الليبيين، يقول الضراط إنه أدخل البلاد في فوضى عارمة من خلال دعمها لخليفة حفتر وعمليته العسكرية في المنطقة الشرقية التي تقبع الآن تحت حكم العصابات والمليشيات المسلحة وتنتشر بها الجرائم والاعتقالات والسجون خارج إطار القانون.

أما أحمد القصير عضو منظمة التضامن لحقوق الإنسان -مقرها في سويسرا- فقال إنهم على تواصل مستمر مع فريق الخبراء ويعملون على تزويدهم بالمعلومات المتعلقة بالانتهاكات والجرائم القانونية التي ترتكبها قوات حفتر.

لكن فيما يخص انتهاكات الدول ضد ليبيا وطرق الحد منها، أوضح القصير للجزيرة نت أن هذا من اختصاص ومهام حكومة الوفاق الوطني التي يجب أن تعترض على ذلك أمام مجلس الأمن الدولي، مستغربا في الوقت ذاته صمتها تجاه التدخلات العسكرية بليبيا.

وشن الطيران الإماراتي غارات في أغسطس/آب 2014 على خمسة مواقع عسكرية في طرابلس، أسفرت عن وفاة 21 شخص وإصابة أكثر من سبعين آخرين.

ولا يقتصر التدخل الإماراتي بليبيا على السلاح والعتاد العسكري، بل سخرت ملايين الدولارات من أجل الهيمنة على الرأي العام الداخلي وتحشيده لصالح الثورة المضادة.

المصدر : الجزيرة