درنة الليبية.. حصار وقصف وتدهور إنساني

أكثر من عشر غارات جوية نفذها سلاح الجو المصري خلال يومين فقط، أسفرت عن وقوع خسائر كبيرة لحقت بممتلكات وبيوت المواطنين في المدخل الغربي والشرقي ووسط مدينة درنة شرق ليبيا، دون تسجيل خسائر بشرية.

وتتهم السلطات المصرية مجلس شورى مجاهدي درنة بالإشراف على معسكرات لتدريب عناصر تنظيم الدولة الإسلامية، نفّذوا عمليات استهدفت أقباط مصر بالمنيا.

وتصنّف قواتُ اللواء المتقاعد خليفة حفتر مجلسَ شورى مجاهدي درنة وضواحيها "تنظيما متشددا"، رغم خوضه معارك طاحنة ضد تنظيم الدولة فقد خلالها عددا كبيرا من مقاتليه ضمن عملية عسكرية انطلقت في أبريل/نيسان 2015.

ويفاقم القصف المصري من سوء الأوضاع المعيشية للمواطنين في ظل استمرار حصار قوات حفتر للمدينة وإحكام السيطرة على مداخلها الثلاثة.

نزوح
من جهته، قال رئيس المجلس المحلي لدرنة رمزي الشاعري إن 150 عائلة أجبرت على النزوح بعد أن تضررت بيوتها نتيجة القصف المصري. ويتحدث الشاعري للجزيرة نت عن حالة الاحتقان التي يعيشها الشارع في درنة بسبب قصف المدنيين واستمرار حصارهم منذ أكثر من عام.

ويضيف أن قوات حفتر تمنع وصول المواد الغذائية وأسطوانات غاز الطهي ووقود السيارات والمواد النفطية اللازمة لتشغيل المحطة البخارية الوحيدة في المدينة.

وبحسب الشاعري فإن قوات حفتر تحتجز أكثر من ثلاثين مواطنا اعتقلتهم أثناء خروجهم من المدينة للتزود بالاحتياجات الضرورية كالدواء والغذاء من المدن المجاورة، ورغم ذلك يسعى المجلس المحلي بالتعاون مع الجهات الأمنية إلى منع دخول المدينة في صراع أو ردة فعل شعبية لا يحمد عقباها بسبب تجاهل حكومة الوفاق لما حدث في درنة.

أزمة إنسانية
ويدعو مسؤول إعلام تجمع أهالي درنة اهويدي القزيري حكومة الوفاق الوطني والمؤسسات الإنسانية إلى تقديم الدعم لسكان المدينة بعد أن رصد التجمع عددا من الأطفال الذين يعانون اضطرابات نفسية، بالإضافة إلى إجهاض أكثر من ثلاثين امرأة نتيجة القصف المتكرر للأحياء السكنية.

وأضاف القزيري أن المعاناة تمتد إلى مستشفيات المدينة، فالأدوية المخصصة للأمراض المزمنة لا تتوفر بشكل دائم، فإما أن يقوم بعض التجار بتهريبها أو أن تسمح قوات حفتر بدخول بعضها، خصوصا أن هذه القوات تصادر الشحنات التي يرسلها الهلال الأحمر إلى المدينة من مناطق الغرب.

ويستهجن اهويدي قيام موالين لحفتر بممارسات غير إنسانية ضد كبار السن دون مراعاة الحالات المرضية، كما يجبرون النساء على الترجل من السيارات وتفتيشهن وإهانتهن عند مرورهن بنقاط التفتيش.

وعن ردة الفعل الشعبية، قال اهويدي إن عددا من أهالي المدينة سيخرجون الجمعة في وقفة للتنديد بالتدخل السافر وانتهاك السيادة الليبية من قبل الطيران المصري، مؤكدا أن سكان المدينة يتعايشون فيما بينهم بشكل سلمي، مضيفا أنه لا يوجد إرهابيين بينهم بعد طرد تنظيم الدولة، لكن قوات حفتر تمهد لاجتياح المدينة بريا وتقوم بتكثيف القصف الجوي.

انتهاك للسيادة
ويرى المتحدث باسم مجلس شورى مجاهدي درنة محمد المنصوري أن التدخل المصري وانتهاكه السيادة الليبية، قد يلفت انتباه العالم لتردي الأوضاع الإنسانية في المدينة ومعاناتها من الحصار والقصف.

ويضيف المنصوري أن درجة وعي أهالي درنة جعلتهم يدركون حقيقة التحالف بين النظام المصري واللواء المتقاعد خليفة حفتر الذي يسعى إلى تحقيق أجندته الانقلابية، مؤكدا أن اتهام المجلس بدعم عناصر تنظيم الدولة ما هو إلا ذريعة لتثبيت حكمه المستبد، بحسب قوله.

ويؤكد أن مجلس شورى مجاهدي درنة وضواحيها غير مرتبط بأي جماعة أو تنظيم داخل البلاد أو خارجها، وهدفه بسط الأمن في المدينة في ظل الشريعة الإسلامية، مشيرا إلى أن كثيرين من أنصار حفتر تراجعوا عن تأييده وأصبحوا قريبين جدا من ثوار فبراير.