الحكومة الجزائرية الجديدة.. مفاجآت وتحديات

أحدى البوابات الرئيسية لرئاسة الجمهورية بالجزائر
التكنوقراط وكبار الموظفين في الدولة هيمنوا على أغلب الحقائب الوزارية (الجزيرة)

عبد الحميد بن محمد-الجزائر

فوجئت الأوساط السياسية في الجزائر بإبعاد عبد المالك سلال من رئاسة الحكومة وتعيين وزير السكن عبد المجيد تبون بدلا عنه في قيادة التشكيل الجديد، كما فوجئت أيضا بأن هذه الحكومة خلت من قوى المعارضة، عكس ما جرى تداوله قبل وبعد إجراء الانتخابات البرلمانية الأخيرة.

ورغم أن حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم حل أولا بحصوله على 161 نائبا يليه التجمع الوطني الديمقراطي بمئة مقعد، فإن نصيب الأول لم يتعد سبعة وزراء، بينما لم ينل الثاني سوى ثلاثة وزراء، في حين هيمن التكنوقراط وكبار الموظفين في الدولة بينهم محافظون (ولاة) على أغلب الحقائب الوزارية.
 
ويقول القيادي في حزب جبهة التحرير رشيد عساس إن الدستور الحالي ينص فقط على استشارة الأغلبية البرلمانية في تعيين رئيس الوزراء لا على وجوب تشكيل الحكومة منها.

وشدد عساس في حديث مع الجزيرة نت على أن الجزائر في الظروف الحالية تحتاج إلى حكومة كفاءات "لأنها حكومة البلاد وليست حكومة حزب جبهة التحرير الوطني".

واعتبر أن التحديات الاقتصادية هي أبرز ما ستواجه الحكومة الجديدة "فهي لا يمكنها المساس بميزانية الدعم الاجتماعي المقدرة سنويا بـ17 مليار دولار ولا يمكن انتهاج سياسة أكثر تقشفا من المطبقة حاليا".

‪أحمد عظيمي يتحدث عن انسداد سياسي وأزمة خانقة‬ (الجزيرة)
‪أحمد عظيمي يتحدث عن انسداد سياسي وأزمة خانقة‬ (الجزيرة)

الأزمة أعمق
من جهته، يرى القيادي في حزب "طلائع الحريات" المعارض أحمد عظيمي أن الوضع في الجزائر لا يتعلق بتغيير حكومة ولا بتغيير وزراء.

ويشير عظيمي إلى "أزمة سياسية خانقة وانسداد سياسي شامل، لذلك فإن المنتظر هو إصلاح جذري عميق للنظام السياسي الجزائري وحل الأزمة الاقتصادية".

وبحسب عظيمي، لا يمكن لأي حكومة أن تحل مشاكل الجزائر "على اعتبار أنه لا رئيس الوزراء ولا الوزراء لهم صلاحيات مع استمرار غياب مؤسسات الدولة، فمجلس الوزراء مثلا لم يجتمع منذ ديسمبر/كانون الأول 2016".
 
أما عضو البرلمان عن حركة البناء الوطني سليمان شنين فيرى أن تشكيلة الحكومة الجديدة "فرصة أخرى ضاعت على الجزائر لأن السلطة لم تفهم رسالة الناخبين والمقاطعين في الانتخابات الأخيرة".
 
كما يعتبر الحكومة الجديدة "استمرارا للمنطق نفسه السائد من قبل رغم بعض ما يتميز به رئيس الوزراء الجديد عبد المجيد تبون من جرأة في القرارات واستيعابه للمشاكل الأساسية للجزائريين كالسكن والقدرة الشرائية".

ويرى أن غياب الطابع السياسي عن الحكومة "سيصعب عليها مواجهة أي نوع من الاضطرابات الاجتماعية المتوقعة، كما أن غياب ثقة المواطن في الفعل السياسي هي مشكلة كبيرة يصعب استيعابها".

ويتوقع سليمان شنين أن يدفع قلة التمويل الحكومة إلى فرض مزيد من الضرائب مما يزيد من المتاعب الاجتماعية، مضيفا أن إسناد القطاعات التي يمكنها أن تكون مصدرا للثروة إلى من لا يملك الخبرة ستجعل الانطلاق في التوجه الاقتصادي الجديد غير ممكن.
 

‪سليمان شنين يتوقع أن تفرض الحكومة الجديدة مزيدا من الضرائب‬  (الجزيرة)
‪سليمان شنين يتوقع أن تفرض الحكومة الجديدة مزيدا من الضرائب‬  (الجزيرة)

تصريف أعمال
من جانبه، يؤكد أستاذ علم الاجتماع السياسي نورالدين بكيس أن التشكيل الجديد أقرب لحكومة التكنوقراط، واصفا إياها بأنها حكومة تصريف أعمال إلى غاية 2019 موعد إجراء الانتخابات الرئاسية.

وأشار بكيس إلى أن التشكيلة الجديدة "استبعدت كل الشخصيات التي قد تشكل أي تهديد لخيارات السلطة أو حتى التشويش عليها، كما تعبر عن رفض السلطة الحاكمة الإقرار بوجود أزمة سياسية رغم نسبة المشاركة الضعيفة التي ميزت الانتخابات التشريعية الماضية".

وخلص إلى القول "إن الضعف السياسي للحكومة الجديدة يجعلها غير قادرة على اتخاد إجراءات اقتصادية صادمة لمعالجة أزمة انخفاض مداخيل البلاد جراء تدني أسعار النفط".

المصدر : الجزيرة