انقسام عراقي حول مشروع تطوير طريق بغداد عمان

مقاتلون من شرطة الأنبار يتوقع أن يقوموا بحماية الطريق بالتعاون مع شركات أمريكية
أفراد من شرطة الأنبار يتوقع أن يقوموا بحماية طريق بغداد-عمان الدولي بالتعاون مع شركات أميركية (الجزيرة)
الجزيرة نت-بغداد
يثير مشروع تطوير الطريق الدولي الرابط بين بغداد والعاصمة الأردنية عمان جدلا كبيرا في الساحة السياسية العراقية، خاصة بعدما أعلن إسناد إعادة تأهيله واستثماره لشركات أميركية.
 
فقد نشرت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية تقريرا أشارت فيه إلى أن طهران تعد المشروع تهديدا لمصالحها، وأن الولايات المتحدة تسعى لتطوير هذا الطريق عبر زيادة محطات الخدمة والاستراحات والمقاهي والمحلات متعددة الأغراض.
 
واعتبر سياسيون وبعض قادة الحشد الشعبي في العراق أن مشروع تطوير الطريق الدولي يمثل تهديدا للأمن في البلاد، وربما يكون مقدمة لـ"عودة الاحتلال" الأميركي مرة أخرى.
 
ويرى المتحدث باسم هيئة الحشد الشعبي، النائب أحمد الأسدي، أن هذه الاعتراضات تنبع من دافع الرغبة في المحافظة على سيادة وأمن البلاد، وأن المعترضين لا يمانعون من تولي شركة استثمارية أو أمنية أخرى المشروع شريطة أن تكون عراقية.
 
ويضيف للجزيرة نت أن تجارب العراقيين مع الشركات الأمنية الأميركية لم تكن موفقة، وهناك عشرات الشركات الأمنية العراقية يمكن إسناد المشروع إليها، ولا مانع من أن تكون من حصة أبناء محافظة الأنبار بالتنسيق مع وزارة الداخلية العراقية. 
‪‬ حراسة مشتركة للطريق الدولي من قبل قوات الأمن العراقية(الجزيرة)
‪‬ حراسة مشتركة للطريق الدولي من قبل قوات الأمن العراقية(الجزيرة)

تحريك للاقتصاد
ولا تزال الحكومة العراقية تلتزم الصمت حيال هذا المشروع، لكن الكثير من أهالي الأنبار يرحبون به على اعتبار أنه سيسهم في تطوير محافظتهم اقتصاديا.

ويقول النائب عن الأنبار فارس الفارس إن هناك أسبابا تدفع للاعتراض، فهناك من يرى المشروع شراكة بين أطراف سياسية عراقية مع الأميركيين، وهناك من لا يريد للأردن أن يستفيد ماليا من المشروع، فيما يسعى آخرون إلى ربط أمن العراق واقتصاده وسياسته مع دولة واحدة فقط "الأمر الذي يجعل البلاد تعيش حالة من التبعية"، حسب رأيه.

ويضيف الفارس أن العراق يعيش حالة من التقشف وأزمة مالية ويحتاج إلى تحريك اقتصاده، وهذا المشروع الذي يعيد افتتاح منفذ طريبيل مع الأردن يمكن أن يكون "متنفسا وحيدا لأهل الأنبار، وشريانا حيويا لزيادة واردات الموازنة وتحريك التنمية وإعادة الإعمار".

ويقول النائب إنه تحدث مع الجانب الأميركي مؤخرا للاستعجال بتنفيذ المشروع، وهناك توقعات بأن يبدأ العمل فيه بجدية بعد اكتمال استعادة الموصل ثم الأقضية الغربية لمحافظة الأنبار التي ما زال تنظيم الدولة الإسلامية يسيطر عليها، وأضاف أنه لا يوجد تصور حقيقي حول تكلفة المشروع ولا تاريخ محدد للانتهاء منه. 

تمتد المساحة الكبرى من هذا الطريق على أرض محافظة الأنبار غربي بغداد (الجزيرة)
تمتد المساحة الكبرى من هذا الطريق على أرض محافظة الأنبار غربي بغداد (الجزيرة)

مصادر قوة
ويثير الحديث عن وجود قوات أمنية تابعة للشركات المستثمرة في المشروع مخاوف لدى بعض أحزاب السلطة في بغداد، ولا سيما مع التوجهات الجديدة للإدارة الأميركية في عهد الرئيس دونالد ترمب، التي أصبحت أكثر "عداء" لطهران، كما يقول البعض.

ويرى الصحفي أسامة القيسي أن سبب تخوف القوى المتحالفة مع إيران من هذا المشروع هو أنه سيحيي محافظة الأنبار اقتصاديا ويمنحها مصادر مستقلة وكبيرة للدخل ويقلل من حاجتها أو اعتمادها على الحكومة المركزية. وأضاف أن من شأن ذلك أن يساهم في توفير موارد لأي إقليم أو حكومة محلية مستقبلا، هذا إلى جانب تجدد الحديث عن رغبة شركات أجنبية في الدخول إلى المحافظة لاستثمار بعض المشاريع المتوقفة، أو للتنقيب عن النفط والغاز الطبيعي في مناطقها الغربية.

وحسب القيسي، فإن السياسة التي انتهجتها حكومة بغداد منذ 2003 عمدت إلى إفقار المحافظات التي رأتها مناوئة لها وإغراقها بالمشاكل، وهو ما أدى إلى تفجر الأوضاع فيها أكثر من مرة.

وفي تقديره فإن عودة القوات الأميركية إلى العراق مرة أخرى تثير هواجس بعض القوى الشيعية، التي ترى أن الأميركيين قدموا هذه المرة بشكل مختلف ولم يعودوا حلفاء للقوى الشيعية التقليدية كالسابق.

وأشاروا إلى أن وجود الأميركيين هذه المرة قد يقوي موقف العرب السنة ويمنحهم مساحة للتوجه نحو خيارات أكثر حدة في التعامل مع حكومات المركز التي يرون أنها "تهمشهم وتحاول إقصاءهم".

المصدر : الجزيرة