تجاذبات إزاء تسليم منظمة "إيتا" قائمة بمخابئ سلاحها

French police officers and bomb-disposal experts are seen during investigations in Saint-Pee-sur-Nivelle near Bayonne, France, April 8, 2017, after Basque militant separatist group ETA passed a list with the location of its arms caches to French authorities ,effectively ending an armed separatist campaign after almost half a century. REUTERS/Regis Duvignau
الشرطة الفرنسية خلال تحقيقات قرب مدينة بايون غداة تسليم منظمة "إيتا" الانفصالية لائحة بمخابئ الأسلحة (رويترز)

أيمن الزبير-مدريد

هي قصة لم تعد تتصدر قائمة مخاوف الإسبان، لكن حبكتها ما زالت تفرز تجاذبات في المشهد السياسي الإسباني الذي ترك صفوفه المتراصة في مواجهة ما يوصف الإرهاب، وتباينت مواقفه حيال إعلان منظمة "إيتا" تسليم أسلحتها.

مباشرة بعد منح إحداثيات ثمانية مخابئ للأسلحة والمواد المتفجرة والذخيرة للوسطاء الدوليين، تسارعت ردود الفعل في إسبانيا، التي اختلفت باختلاف التوجهات الأيديولوجية للأحزاب الإسبانية.

فبينما رحبت الأحزاب القومية الباسكية بهذه الخطوة، لم يخرج الحزب الشعبي الحاكم عن نبرته المعهودة، إذ شكك خافيير ماروتو نائب أمين السياسات الاجتماعية والقطاعية بالحزب في جدوى هذه الخطوة التي تظل منقوصة -على حد تعبيره- ما لم تحل إيتا منظمتها وتقدم اعتذارا دون قيد أو شرط لضحايا اعتداءاتها.

موقف شبيه بمواقف أعضاء جمعيات ضحايا الإرهاب، إذ ترى مايتي باغاثاورتوندوا -السياسية الإسبانية التي اغتيل أخوها رئيس الشرطة البلدية بإحدى مدن إقليم الباسك في فبراير/شباط 2003- أن تسليم منظمة إيتا أسلحتها خطوة رمزية لن تسهم في فك ألغاز الاغتيالات التي سقط ضحيتها مئات الإسبان على أيادي خلايا إيتا.

تطبيق القانون
وتضيف في تصريحات للجزيرة نت أن الحل الوحيد هو تطبيق القانون الذي ينص في أشد قراءاته على مواصلة سياسة إبعاد سجناء إيتا عن سجون إقليم الباسك وعدم تطبيق عفو شامل على أعضاء هذه المنظمة.

مطلب يبدو أنه يجد آذانا مصغية لدى الحكومة الإسبانية، لكن ذلك لا يعني غياب مشاورات بين إدارة ماريانو راخوي والحزب القومي الباسكي المعتدل الذي يمسك مقاليد السلطة في إقليم الباسك لطي صفحة هذا النزاع الذي استمر 58 عاما.

‪باغاثاورتوندوا: تسليم منظمة إيتا أسلحتها خطوة رمزية لن تحل ألغاز الاغتيالات‬ (الجزيرة)
‪باغاثاورتوندوا: تسليم منظمة إيتا أسلحتها خطوة رمزية لن تحل ألغاز الاغتيالات‬ (الجزيرة)

لويس أيثبيوليا، الصحفي في يومية "الباييس"، تابع فصول هذا النزاع منذ أن كانت منظمة إيتا كابوسا يجثم على صدور آلاف الإسبان الذين وقعوا داخل دائرة استهداف هذه "المنظمة الإرهابية"، لذلك يقر الآن بأن قدرتها على التهديد أصبحت شبه منعدمة منذ أعلنت هدنة دائمة سنة 2011.

يقول أيثبيوليا إن "ضعف منظمة إيتا، التي هُزِمَت أمنيا، أفرز قرار تسليم الأسلحة، وأتوقع أن تجتمع قياداتها في الأشهر المقبلة لترتيب ومناقشة تفاصيل حل التنظيم وتفكيك خلاياه".

ويضيف "هذه الخطوة قد تساعد الحكومة الإقليمية الباسكية لتحقيق مطالب تقريب السجناء".

عدالة انتقالية
وجهة النظر هذه لا تتقاسمها بعض الجمعيات الأهلية في إقليم الباسك، التي تقدم سندا لأسر سجناء إيتا.

إذ يرى الناطق باسم شبكة "صاري" لدعم السجناء جوسيبا أثكاراغا أن إيتا قدمت كل التنازلات لتحقيق السلام، لذلك بات عاجلا البحث عن عدالة انتقالية تنهي ما يصفه بشتيت معتقلي هذا المنظمة في السجون الإسبانية، وتتكلل بإصدار عفو شامل عن أعضائها، أسوة بمسلسل السلام في أيرلندا الشمالية.

هذا التشبيه لا يلقى استحسان مايتي باغاثاورتوندوا، التي توضح أن 90% من ضحايا منظمة إيتا اغتيلوا بعد خروج إسبانيا من حقبة الدكتاتورية، فضلا عن أن الجيش الجمهوري الأيرلندي (إيرا) وقع اتفاقات السلام، وهو في أوج قوته، وليس كمنظمة إيتا التي تراجعت قوتها في السنوات الأخيرة.

مثل هذه المواقف لا تساعد -حسب الوسطاء الدوليين الذين رعوا مسلسل تسليم السلاح- على التعجيل بإحلال السلام في إقليم الباسك.

فقد وصف رايموند كيندال الأمين العام السابق لمنظمة "الإنتربول" والعضو في ما يعرف باسم "مجموعة التنسيق الدولية لإنهاء النزاع في إقليم الباسك"؛ بعض مواقف الأحزاب المحافظة الإسبانية "بالبدائية" لأنها توجه رسالة مفادها أن الدولة الإسبانية تريد فقط الفوز وهزيمة إيتا ولا شيء آخر، ويرى كيندال أنه بهذه المواقف يستحيل بدء أي مفاوضات.

المصدر : الجزيرة