"ميثاق الإمام" يفجر جدلا بين المنظمات الإسلامية بفرنسا

داخل باحة مسجد باريس
باحة المسجد الكبير في باريس (الجزيرة)

هشام أبو مريم-باريس

أثار إعلان "ميثاق الإمام" على يد المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية في باريس حفيظة كبرى المنظمات الإسلامية الفرنسية رغم مشاركتها في إعداده، بينما تعتبره بعض المنظمات صمام أمان ضد التطرف.

وتحفّظ كل من "اتحاد المساجد في فرنسا" و"مسجد باريس" و"اتحاد المنظمات الإسلامية الفرنسية" و"اتحاد المنظمات الإسلامية التركية" على "الوثيقة" التي تهدف إلى مساعدة المساجد على مواجهة التطرف، والتزام الأئمة بخطاب إسلامي معتدل، حيث يدعو القائمون على "الميثاق" كامل مساجد فرنسا إلى التوقيع عليه، وجعله شرطا أساسيا لتوظيف الأئمة.

ويقع ميثاق الإمام في 12 بندا، بينها ثمانية بنود على شكل ضوابط يتوجب على الأئمة الالتزام بها.

ويدعو الميثاق في أهم بنوده إلى نشر إسلام "وسطي معتدل"، ويحث الإمام على التأكيد على أنه "لا إكراه في الدين"، وعلى "احترام حرية اختيارات" كل مواطن.

الالتزام بالعلمانية
وفي بنده الرابع، يشير الميثاق إلى التزام الإمام "بالعلمانية" التي تحفظ حرية التدين لكل المعتقدات، إضافة إلى "احترام قوانين الجمهورية". كما يدعوه إلى تشجيع الحوار بين الأديان، ويحذره من "التحريض على الكراهية أو ارتكاب أعمال إجرامية".

‪محمد موسوي: صدمنا لأن الإعلام حصل على الوثيقة التي شاركنا في صياغتها قبلنا‬ (الجزيرة)
‪محمد موسوي: صدمنا لأن الإعلام حصل على الوثيقة التي شاركنا في صياغتها قبلنا‬ (الجزيرة)

ويدعو البند الثامن الإمام إلى حث المصلين على "رفع الدعاء لوطنهم فرنسا" أثناء صلاة الجمعة وفي الأعياد.

وكان اتحاد المساجد في فرنسا قد انتقد المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية عقب المصادقة على "ميثاق الإمام".

وفي حديث للجزيرة نت، قال رئيس الاتحاد محمد موسوي "عبرت للسيد الرئيس عن استيائي من الطريقة التي تمت بها المصادقة على الميثاق الذي شاركنا في صياغته، وكنا اقترحنا نحو 60% مما جاء فيه".

وأضاف "كان على الرئيس عقد اجتماع لكافة المنظمات الإسلامية من أجل مناقشة آخر النقاط الخلافية، وبعدها يتم التصويت عليه، وكنا سنوقع عليه بدورنا".

واستغرب موسوي من الهدف من نشر "الوثيقة" في وسائل الإعلام التي "توصلت بها قبلنا، وكان الأمر صادما بالنسبة لنا"، معتبرا أن المجلس الفرنسي "نشر غسيل مشاكلنا الداخلية"، وهو ما يعطي "صورة سيئة عن المسلمين" لدى الرأي العام الفرنسي.

‪أنور كبيبش: بعض المنظمات وافقت على الميثاق مبدئيا ثم تراجعت عن ذلك‬ (الجزيرة)
‪أنور كبيبش: بعض المنظمات وافقت على الميثاق مبدئيا ثم تراجعت عن ذلك‬ (الجزيرة)

رسالة طمأنة
في المقابل، ذكر رئيس المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية أنور كبيبش أن العمل في صياغة الميثاق بدأ منذ ما لا يقل عن خمسة أشهر، بمشاركة كل المنظمات الإسلامية.

وقال "عقدنا عدة اجتماعات وتباحثنا في كل النقاط الخلافية، كما أرسلنا نص الميثاق في صيغته النهائية إلى الجميع ولم نتلق ردا منهم، وفي 29 مارس/آذار الماضي اجتمعنا وقررنا المصادقة عليه بالإجماع".

وعبر كبيبش عن أسفه إثر "تراجع البعض عن موقفه بعدما أبدى موافقته في البداية".

ورغم الجدل الذي أثارته هذه الوثيقة، فإن عددا من الأئمة يعتزمون المصادقة عليها من أجل ترسيخ ما أسموه "الإسلام المعتدل" في فرنسا.

وفي تصريح للجزيرة نت، أكد الدكتور أمين النجدي إمام مسجد السلام في مدينة نانسي ورئيس مجلس الديانة الإسلامية في إقليم اللورين (شرقي فرنسا)، أنه سيوقع على الميثاق لأنه "وسيلة لحماية الجمعيات المسيّرة للمساجد عندما تستخدم إماما، كما أنها ضمانة لأهلية الإمام وحسن سيرته وعلمه بواقع البلد ورغبته في خدمة المسلمين، وفقا لمقتضيات وسطية الإسلام، في إطار احترام المبادئ العامة للجمهورية".

كما اعتبر النجدي أن الميثاق وسيلة ناجحة لاختيار الأئمة الأكفاء، ولحماية المسلمين من "الأدعياء الذين يتطفلون على وظيفة الإمامة، والذين قد يدفعون الشباب إلى التطرف بطرق مباشرة أو غير مباشرة".

المصدر : الجزيرة