الأميركيون في منبج.. سياقات التدخل وخيارات أنقرة

عربات قتالية امريكية توجهت الى الجهة الشمالية من مدينة منبج
عربات قتالية أميركية في محيط مدينة منبج شمالي سوريا (أرشيف)

خليل مبروك-إسطنبول

فرض دخول القوات الأميركية إلى مدينة منبج قواعد جديدة في حسابات اللاعبين الأساسيين في الملف السوري وفي مقدمتهم تركيا، التي تعتبر المدينة حجر زاوية في مسعاها لقطع الطريق على تشكيل إقليم كردي انفصالي.

وتعمل الدبلوماسية التركية بنشاط باد للعيان للحفاظ على التوازن بين خطوطها الحمر ومقتضيات الوجود الأميركي الذي طالما مارس دور الراعي لــ"حزب الاتحاد الديمقراطي" الكردي، الذي تصنفه أنقرة على أنه تنظيم إرهابي لارتباطه بحزب العمال الكردستاني المناوئ لها.

فقد قال رئيس الوزراء التركي بن علي يلدرم في تصريحات لإحدى قنوات التلفزة التركية، إن أي حملة عسكرية على مدينة منبج بريف حلب الشرقي لن تسفر عن نتائج إيجابية دون التنسيق مع كل من الولايات المتحدة الأميركية وروسيا.

وعزا يلدرم ذلك إلى دور هذا التنسيق في تجنب أي اشتباك بين القوات التركية من جهة والقوات السورية المدعومة من روسيا من جهة أخرى.

وتباينت توقعات المحللين السياسيين المهتمين بالشأن التركي حيال قدرة أنقرة على اتخاذ الخطوة التي تحفظ فيها ثوابتها دون استدراج ردات فعل عكسية من القوى الكبرى الحاضرة عسكريا على حدودها الجنوبية.

‪المحلل ماجد عزام: التدخل العسكري الأميركي في منبج يحمل سياقات متعددة‬ (الجزيرة)
‪المحلل ماجد عزام: التدخل العسكري الأميركي في منبج يحمل سياقات متعددة‬ (الجزيرة)

سياقات التدخل
ففي رده على سؤال للجزيرة نت، رأى الكاتب والمحلل السياسي ماجد عزام أن التدخل العسكري الأميركي في منبج يحمل سياقات متعددة، وقد لا يعني بالضرورة قطع الطريق على حملة "درع الفرات" العسكرية التي تنفذها تركيا في الشمال السوري.

وقال عزام إن من ضمن السياقات رغبة واشنطن في التعبير عن امتعاضها من استبعادها من تنسيق حلفائها في القوات الكردية مع الجانب الروسي وقوات النظام السوري، و"قد يكون محاولة أميركية لإبعاد منبج عن السيطرة التركية".

لكن عزام أكد في الوقت ذاته أن واشنطن لم تبد أي مؤشرات على تنصلها من تعهدات الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما وكل مسؤولي إدارته الذين زاروا أنقرة منذ أواسط يوليو/تموز الماضي بإجبار المليشيات الكردية الحليفة لبلاده على الانسحاب إلى شرق الفرات.

وأشار إلى أن اللقاء التركي الأميركي الروسي الذي شهدته مدينة أنطاليا التركية أمس الثلاثاء يعكس القواعد الجديدة في المسألة السورية، وفي مقدمتها احتجاب إيران والمليشيات التابعة لها في سوريا ونظام الرئيس السوري بشار الأسد من المشهد.

وأكد عزام أن اللقاء الثلاثي كان خطوة أولى سيتبعها لقاء الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان والروسي فلاديمير بوتين في العاصمة الروسية موسكو في العاشر من مارس/آذار الجاري، مرجحا أن تنجح أنقرة عبر هذه المساعي في تثبيت خطوطها الحمر المتمثلة في رفض أي وجود للمليشيات الكردية غرب الفرات.

‪أوكتاي يلماز: خيارات تركيا باتت تنحصر بالتمسك بالعمل الدبلوماسي للبحث عن مخارج في منبج‬ (الجزيرة)
‪أوكتاي يلماز: خيارات تركيا باتت تنحصر بالتمسك بالعمل الدبلوماسي للبحث عن مخارج في منبج‬ (الجزيرة)

الخيارات المتاحة
وكان يلدرم قد أشار إلى أن مسؤولين عسكريين أتراكا يناقشون مع نظرائهم الأميركيين والروس آليات القضاء على المنظمات الإرهابية الناشطة في سوريا، مؤكدا أن بلاده عرضت على واشنطن خطة لحملة عسكرية على تنظيم الدولة الإسلامية في محافظة الرقة شمالي سوريا دون أن تتلقى ردا إلى الآن.

وتأتي كل تلك التطورات بعد أسبوع واحد من إعلان الرئيس التركي أن منبج ستكون الهدف التالي في حملة "درع الفرات" لمواجهة تنظيم الدولة والانفصاليين الأكراد.

وقال المحلل السياسي التركي أوكتاي يلماز إن منبج تمثل أولوية لتركيا نظرا لمكانتها في قطع الطريق على قيام كيان كردي متواصل الأطراف على الحدود التركية، معتبرا أن حملة درع الفرات لن تحقق أهدافها دون الوصول للمدينة.

وفي حديثه للجزيرة نت رأى يلماز أن أميركا وروسيا وقوات النظام السوري والمليشيات الكردية اتفقت -رغم ما بينها من خلافات- على منع تركيا والجيش السوري الحر الحليف لها من دخول منبج، لمنع إقامة المنطقة الآمنة القابلة للحياة تحت إدارة المعارضة السورية.

وأشار إلى أن الخيارات التركية في مواجهة هذا الواقع أصبحت محدودة وصعبة نظرا لاكتظاظ المنطقة بالجيوش، الأمر الذي يجعل العمل العسكري شبه مستحيل.

وقال إن خيارات تركيا باتت تنحصر في التمسك بالعمل الدبلوماسي للبحث عن مخارج وتوافقات مع كافة الأطراف دون التخلي عن مطلب طرد المليشيات الكردية من منبج.

المصدر : الجزيرة