أتكفي أحكام الإعدام لتنفيس غضب أهالي بورسعيد؟

صورة لتصاعد الأحداث والمواجهات بين متظاهرين بالمدينة وقوات الأمن
بورسعيد شهدت تصاعدا للأحداث والمواجهات بين متظاهرين وقوات الأمن (الجزيرة)
عبد الرحمن محمد-القاهرة

رغم عودة الهدوء لشوارع مدينة بورسعيد المصرية عقب تصاعد الأحداث فيها بعد إصدار محكمة النقض حكما نهائيا بإعدام 11 شخصا في قضية ملعب بورسعيد التي قتل فيها أكثر من سبعين مشجعا لكرة القدم قبل خمس سنوات، فإن النار لا تزال توقد تحت الرماد.

كانت المدينة قد شهدت تصاعدا للأحداث عقب إصدار الحكم منذ أسبوعين، بدأ بوقفات محدودة وتصريحات رافضة أطلقها سياسيون ومحامون، ووصلت ذروتها الاثنين الماضي بمظاهرات واسعة في أحياء مختلفة وانتهت بمواجهات حادة وعنيفة بين مشاركين في المظاهرات وقوات الأمن والقبض على 25 منهم.

وفي إطار هذا التصعيد، استجاب قاطنو عدد من أحياء المدينة خلال الأيام الماضية لدعوات إطفاء الأنوار في ساعات محددة ليلا اعتراضا على الحكم، الأمر الذي أغرق تلك الأحياء في ظلام دامس شقه ضوء نيران الإطارات التي أشعلها متظاهرون.

ويرى حسن المصري، وهو أحد أبناء المدينة، أن إلقاء قوات الأمن القبض على عدد من المتظاهرين ضد الحكم ثم قرار حبسهم 15 يوما على ذمة التحقيقات سيزيد من حجم الغضب والإحساس بالظلم الذي يسيطر على أهالي بورسعيد، ولن يرهبهم كما يظن النظام، وسيعجل من انفجار المشهد مرة أخرى.

‪مجزرة بورسعيد راح ضحيتها أكثر من سبعين من المشجعين قبل خمس سنوات‬ مجزرة بورسعيد راح ضحيتها أكثر من سبعين من المشجعين قبل خمس سنوات
‪مجزرة بورسعيد راح ضحيتها أكثر من سبعين من المشجعين قبل خمس سنوات‬ مجزرة بورسعيد راح ضحيتها أكثر من سبعين من المشجعين قبل خمس سنوات

التماس
وعلى خلفية هذا التصاعد في الأحداث، أعلن محامي أحد المحكوم عليهم بالإعدام -في تصريحات صحفية- قبول النائب العام نبيل صادق الالتماس المقدم منه لوقف تنفيذ الحكم، وإعادة النظر والتحقيق في الأدلة التي تثبت براءة موكله، وهو ما استبعده مراقبون، ولم يصدر أي تأكيد رسمي بشأنه.

وفي هذا السياق، يقول الإعلامي أيمن جاد (أحد أبناء بورسعيد) إن هذه الأحكام عززت الشعور بالظلم لدى أبناء المدينة، والذي يسيطر عليها منذ عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك بعد اتهام أحد مواطنيها بمحاولة اغتياله على خلفية محاولته تقديم شكوى إليه أثناء إحدى زياراته لبورسعيد.

ويرى في حديثه للجزيرة نت أن تصاعد الأحداث طبيعي، وهو انعكاس لما يراه أهالي المدينة من أن المتهمين الحقيقيين لم يحاكموا، بل تمت مكافأة أحدهم (اللواء عادل الغضبان مسؤول تأمين المدينة حينها) بتعيينه محافظا لبورسعيد، وإصدار عفو رئاسي عن آخر (اللواء محسن شتا مدير أمن ملعب بور سعيد وقت المذبحة).

ويذهب جاد إلى أن الهدوء الذي أعقب التصعيد الذي شهدته المدينة يرجع إلى تعويل أهاليها على حدوث تدخل سياسي قد يؤدي إلى إيقاف حكم الإعدام من خلال عدم تصديق الرئيس عبد الفتاح السيسي على الحكم والأمر بإعادة النظر في القضية مرة أخرى.

مطالب بالتدخل
وقام العشرات من أبناء المدينة بإرسال التماسات إلى السيسي يطالبونه فيها بعدم التصديق على الحكم وتخفيفه أو إعادة النظر مرة أخرى في القضية، كما وجه عدد من أبناء بورسعيد "نداء عاجلا" لشيخ الأزهر د. أحمد الطيب يطالبونه فيه بـ "التدخل لإصلاح ذات البين والعمل على تغيير الأحكام وحقن الدماء".

لكن المدير التنفيذي للتنسيقية المصرية للحقوق والحريات عزت غنيم يستبعد إيقاف حكم الإعدام الصادر في القضية رغم تصاعد الأحداث الحاصل في المدينة.

ويقول للجزيرة نت "قضية بورسعيد من القضايا الشائكة التي لا يمكن الجزم فيها يقينا من ارتكاب المتهمين للجرائم، لكن ما أشيع حول وقف التنفيذ بحق أحد المحكوم عليهم غير صحيح، لأن ما حدث هو قبول تظلم قدم من محاميه للنائب العام لكن سلطة وقف تنفيذ الحكم بيد الرئيس فقط".

وأشار إلى أنه "لو تم إرسال مذكرة لرئاسة الجمهورية بطلب العفو عن عقوبة المتهم الذي قبل النائب العام تظلم محاميه ووُوفِق عليه فإن ذلك لا يعني تعميم القرار على باق المتهمين وإنما سيكون العفو خاصا به فقط".

المصدر : الجزيرة