ولاية الوحدة بجنوب السودان.. من النفط إلى المجاعة

ارتبط القتال في جنوب السودان بالسيطرة على مناطق النفط مثل ولاية الوحدة - غيتي
الاقتتال في ولاية الوحدة ارتبط بقضية السيطرة على النفط (غيتي)

مثيانق شريلو-جوبا

يطرح إقرار حكومة جنوب السودان بتركز المجاعة في ولاية الوحدة أكثر من تساؤل بالنظر إلى أن هذه الولاية ظلت طوال السنوات الماضية تحتل المرتبة الأولى في إنتاج خام مزيج النيل، وهو أفضل أنواع النفط المصدر للخارج، فضلا عن حصولها على نسبة 2% من إيرادات النفط التي تمنح للولاية تحت بند التنمية.

فكيف يستقيم مثلا تلقي الولاية ملايين الدولارات مع التدهور المريع في أحوالها الخدمية والاقتصادية لدرجة أوصلت أكثر من مئة ألف من مواطنيها إلى درجة المجاعة؟ وكيف وصلت المجاعة إلى هناك وباتت تهدد أيضا أكثر من مليون شخص آخر في مناطق أخرى بدولة جنوب السودان؟

تقسيم
تقدر مساحة ولاية الوحدة بنحو 38 ألفا و837 كيلومترا مربعا، ويقدر عدد سكانها بأكثر من نصف مليون نسمة بحسب التعداد السكاني الذي أجري في العام 2010، وكانت الولاية تضم إثنيتي "الدينكا والنوير" قبل أن تقسم إلى ثلاث ولايات بحسب الأمر الرئاسي الذي أصدره الرئيس سلفاكير ميارديت في العام الماضي، ونص المرسوم على منح إثنية الدينكا التي كانت تمثل الأقلية ولاية منفصلة عن ولايتين خاصتين بقبيلة النوير.

سجلت بعثة المراقبة التابعة للأمم المتحدة أكثر من سبعين شكوى متعلقة بانتهاكات وقف العدائيات وإطلاق النار في ولاية الوحدة وحدها بين قوات الحكومة والمعارضة المسلحة، وفي العام 2014 قامت المعارضة المسلحة باستهداف حقول للنفط ودمرت أجزاء من مشروع مصفاة سارجاس القريبة من منطقة بانتيو حاضرة الولاية

وينتمي لهذه الولاية قبل تقسيمها كل من زعيم المتمردين بجنوب السودان رياك مشار، والجنرال تعبان دينق قاي النائب الأول لرئيس الجمهورية حاليا والذي عينه سلفاكير ميارديت نائبا أول عقب أحداث يوليو/تموز من العام الماضي والتي شهدتها العاصمة جوبا، ودفعت رياك مشار إلى الخروج خارج البلاد، واتهم مشار حليفه السابق تعبان دينق بقيادة انقلاب ضده.

ويبرر وزير الزراعة والأمن الغذائي المكلف كورنيليوس كون تدهور الأوضاع الإنسانية في الولاية ووصولها لدرجة المجاعة بالقول إن "الوحدة ظلت مسرحا ميدانيا للنزاع المسلح بين الحكومة وقوات المتمردين منذ العام 2013".

ويؤكد أن هذه المواجهات مثلت عاملا رئيسيا حرم المواطنين المقيمين في هذه المناطق من الاستقرار بسبب موجة العنف المسلح التي ظلت سائدة في هذه المناطق.

يشار إلى أن بعثة المراقبة التابعة للأمم المتحدة سجلت أكثر من سبعين شكوى متعلقة بانتهاكات وقف العدائيات وإطلاق النار في ولاية الوحدة وحدها بين قوات الحكومة والمعارضة المسلحة.

وفي العام 2014 قامت المعارضة المسلحة باستهداف حقول للنفط ودمرت أجزاء من مشروع مصفاة سارجاس القريبة من منطقة بانتيو حاضرة الولاية.

ووصفت منظمات إنسانية إقليمية وعالمية الوضع الغذائي في الوحدة بأنه مخيف جدا، وأن هنالك حاجة ماسة للإسراع في حشد الدعم لإنقاذ حياة أكثر من مئة ألف مواطن أغلبهم من الأطفال، ولم تأت هذه التوصيفات لحالة الأمن الغذائي إلا بعد تزايد موجة العنف المسلح بين القوات الحكومية والمعارضة المسلحة بالإضافة إلى المليشيات المسلحة التي كانت تدين بالولاء إلى الحكومة.

وأسفرت هذه المواجهات عن نزوح الآلاف من مواطني الولاية إلى الولايات المجاورة أو إلى ولاية جنوب كردفان السودانية بحثا عن الأمن.

ويرى المختص في شؤون التنمية الريفية بجنوب السودان سايمون جيمس مدينق أن الصراع المسلح الذي شهدته الولاية يمثل سببا رئيسيا وراء المعاناة التي يواجهها مواطنوها حاليا.

وقال مدينق للجزيرة نت إن الولاية على الرغم من أنها كانت تحصل على نسبة 2% من إيرادات النفط شهريا والتي كانت تقدر بملايين الدولارات فإنه من المؤسف أن هذه الأموال لم توجه للمشاريع الحيوية التي كانت تحتاجها في قطاعي الزراعة والبنية التحتية.

جفاف ودمار
وبحسب مدينق، فإن القطاعين شهدا تدهورا مريعا مع اندلاع الحرب في العام 2013.

ويقول إن النفط في هذه الولاية لم يكن أكثر من نقمة جعلتها تعاني الجفاف ودمارا للمشاريع الزراعية بسبب التلوث البيئي الناتج من مخلفات النفط.

ويختم مدينق حديثه بالقول "لا يمكن أن نخفي أن انتشار السلاح في أيدي الكل بالولاية أدى أيضا إلى زيادة هذا التدهور بسبب استمرار دوامة العنف المسلح وتقاسم أراضي الولاية بين قوات الحكومة والمعارضة المسلحة الموالية لرياك مشار".

المصدر : الجزيرة