الأردن والقدس.. حراك على وقع مخاوف "صفقة القرن"

وتتمتع القدس بخصوصية بالنسبة للأردن، حيث نصت معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية "وادي عربة" عام 1994 على أن تكون الأماكن المقدسة في القدس خاضعة للولاية الأردنية.
ولا تزال الأوقاف الإسلامية في القدس تابعة لوزارة الأوقاف الأردنية، كما أن المقدسات المسيحية تخضع لقانون أردني ينظم الإشراف عليها منذ خمسينيات القرن الماضي.
ومنذ أيام تعيش المملكة الأردنية على وقع إعلان ترمب الذي كانت ملامحه واضحة على ما يبدو للملك الأردني عبد الله الثاني الذي زار الولايات المتحدة نهاية الشهر المنصرم.
وعقد الملك في واشنطن اجتماعات في العديد من دوائر صنع القرار، وهي زيارة قال مقربون من هذه الدوائر إن الجزء الأهم منها خصص لبحث مستقبل السلام، على وقع المخاوف الأردنية من التسريبات المتعلقة "بصفقة القرن".

عمان وأنقرة
وقبل ساعات من إعلان ترمب المنتظر، غادر عبد الله الثاني عمان إلى أنقرة للقاء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بعد تصعيد الأخير من لهجته تجاه الولايات المتحدة وإسرائيل، وتلويحه بقطع العلاقات مع تل أبيب إذا ما قررت واشنطن الاعتراف بالقدس عاصمة لها.
وأمس الثلاثاء قال بيان للديوان الملكي الأردني إن الملك حذر ترمب في اتصال هاتفي من عواقب الإعلان المرتقب، بعدما أبلغ الرئيس الأميركي الملك عبد الله الثاني بأنه سيعلن اليوم الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.
الأردن وإسرائيل
ووقع النواب مذكرتين، الأولى تطالب بسحب السفير الأردني من تل أبيب، والثانية تطالب بعقد جلسة خاصة لمناقشة معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية. وفي تطور لافت، تظاهر 15 نائبا أمام السفارة الأميركية في عمان احتجاجا على الإعلان المرتقب.
والقلق الأردني نابع مما تصفه مصادر أردنية "بتغييب" عمان عن تفاصيل ما يجري في الكواليس من مباحثات يتولى ملفها مستشار ترمب وصهره جاريد كوشنر الذي زار السعودية وإسرائيل سرا قبل أسابيع.
وبيت القصيد في القلق الأردني -وفق مصدر تحدث للجزيرة نت- أن المملكة اعتادت أن تكون في قلب أي تحرك للإدارات الأميركية المتعاقبة لحل القضية الفلسطينية وإطلاق مفاوضات السلام، لكن ما يجري الآن هو إعداد صفقة سلام تصاغ في الرياض وتل أبيب، ويتم الضغط على الفلسطينيين لقبولها.

تغييب الأردن
وتعتبر عمان نفسها معنية بأن تكون حاضرة على طاولة أي مفاوضات للحل النهائي، لكونها معنية مباشرة بقضايا القدس واللاجئين والحدود النهائية، المتداخلة مع الأمن القومي الأردني.
لا تتم نصرة القدس والقضية وحتى الخبز بالفيسبوك والتويتر..كونوا مثل هذه السيدة او اصمتوا.
ا.ح.ز#القدس #نقل_السفارة_للقدس pic.twitter.com/nLBIeoNgG2— احمد حسن الزعبي (@alzoubi_ahmed) December 5, 2017
ويلخص مقال للكاتب عريب الرنتاوي في صحيفة "الدستور" اليوم الأربعاء المشهد من وجهة نظر أردنية، ويقول "واشنطن/ ترمب حالة غير مسبوقة منذ سنوات وعقود في السياسة والإدارة الأميركيتين، ألم يشتك ريكس تيلرسون من تغييبه عن مفاوضات غاريد كوشنر في الرياض وترتيباته لصفقة القرن؟".
وتابع "كنّا نظن أننا وحدنا لا نعلم بما يطبخ ويحاك للقدس والمسألة الفلسطينية، إلى أن قرأنا في صحافة واشنطن أن وزير خارجيتها لا يعلم الكثير.. في مناخات من هذا النوع، ما الذي بمقدور دبلوماسية بلد منفرد أن تفعله، إن لم تلحق بها وتتضافر معها جهود ومحاولات مختلف الدبلوماسيات العربية".
#القدس_عاصمه_فلسطين_الابديه
توأمنا ونصفنا الثاني ودمنا واهلنا … وكمان عاصمتنا وحده .. القدس مش بس عاصمة فلسطين ، هي عاصمة بلد رح ترجع وحده من البحر للجفر ومن عكا لمعان .. الأردُن وفلسطين بلد وحده دم واحد شعب واحد وعاصمة وحده القُدس … الأردُن معك للابد pic.twitter.com/h29rVaU8Xk— عبود بني سلامه (@aboood_jordan) December 6, 2017
شعبيا، اعتاد الشارع الأردني أن ينافس الشارع في الداخل الفلسطيني على الحراك، خاصة عندما يتعلق الأمر بالقدس، حيث تصدر التفاعل مع القدس منصات التواصل في الأردن، بينما بدأت الدعوات إلى تحركات جماهيرية في أنحاء مختلفة من المملكة رفضا للإعلان الأميركي، يتوقع أن تبلغ أوجها بعد غد الجمعة.
وعلى وقع الغضب الأردني، عززت السلطات الأردنية من التواجد الأمني حول السفارتين الأميركية والإسرائيلية، لكن محللين استبعدوا أن يؤدي كل هذا الحراك الرسمي والشعبي إلى أي تغيير في بوصلة العلاقات الإستراتيجية بين عمان وواشنطن، أو المس بالعلاقات مع إسرائيل التي ترتفع درجة حرارتها ارتفاعا وهبوطا دون أن يعاد النظر فيها منذ 23 عاما.