مصرع صالح هل يذكي حرب اليمن أم يخمدها؟

زهير حمداني
 
لا تشبه طريقة مصرع الرئيس الراحل علي عبد الله صالح إلا اليمن الغارق في الحرب والانقسام. لقي الرجل مصرعه على يد حليف شاركه في حكم اليمن "مكرها"، في نهاية لحقبة طويلة حضر فيها رئيسا وسياسيا مناورا، ومنقذا محتملا ليطرح موته تداعيات أكبر على اليمن.

 

أخرجت الثورة اليمنية عام 2011 الراحل علي عبد الله صالح من السلطة، ولم تخرجه من المشهد السياسي. بقيت له جذور ضاربة سمحت لها تقلبات الثورة وتوابعها بالنمو ليعود عام 2012 رقما صعبا كما كان يريد.

 

وراهن صالح في عودته الصعبة على الحوثيين وقد خاض ضدهم رئيسا ستة حروب (من 2002 إلى 2009) لم تمحهم من الخارطة السياسية، والتقت المصالح متغلبة على الإيديولوجيا وحرب السنوات الست. فهو كان يريد حليفا يعيده إلى المشهد، والحوثيون كانوا يريدون من يدخلهم إلى الساحة السياسية بغير اللبوس الطائفي.
 
ويرى محللون يمنيون أن تداعيات مقتل صالح على الأزمة اليمينة ستكون بحجم "رجل كل المراحل"، الذي رحل مخلفا تركة سياسية وميدانية ثقيلة، وتحالفات متقلبة في يمن مختلف وممزق تتنازعه الأطماع الإقليمية.
 

الحسم العسكري
ويشير محللون إلى أن الحسم العسكري في صنعاء -الذي بني على أساس تنسيق مفترض بين صالح وقواته والتحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات- قد يكون أبرز السيناريوهات المطروحة في الأيام المقبلة مستغلا أجواء العداوة التي عادت بين أنصار صالح وقواته بعد عملية التصفية.

 
ويشير هؤلاء إلى أن هذه اللحظة ومناخاتها النفسية كفيلة بتوحيد اليمنيين -من غير الحوثيين-، بدعم من التحالف العربي لدعم الشرعية، ويلتقي التحالف القبلي في كتلة وطنية شاملة ضد الحوثيين حسب تعبيرهم.
 
ويرى الكاتب والناشط السياسي اليمني خالد الآنسي أن اليمنيين كانوا منقسمين إزاء الانقلاب بسبب وقوف صالح مع الانقلاب والحوثيين. والآن توحدوا في موقفهم الرافض لمليشيا الحوثي ومشروعها الطائفي العنصري ولم يعد هناك ما يفرقهم حسب قوله.
 
وتبرز الدعوة التي أطلقها الرئيس عبد ربه منصور هادي للتصدي للحوثيين ونعيه علي عبد الله صالح وشهداء صنعاء، ودعوات قادة من حزب المؤتمر الشعبي العام إلى الثأر، كما يبرز في هذا السياق البيان الذي أطلقه أحمد علي عبد الله صالح نجل الراحل، وتعهد فيه بـ"قيادة المعركة حتى آخر حوثي من اليمن"، والذي حظي باهتمام وسائل الإعلام السعودية والإماراتية.
 
وطالب عضو مجلس المقاومة الشعبية بمحافظة صنعاء عبد الكريم ثعيل، أعضاء وقيادات حزب المؤتمر الشعبي بالتوحد خلف الشرعية بقيادة الرئيس هادي، وانضمام ما تبقى من قوات الحرس الجمهوري إلى قوات الجيش الوطني والتحام القبائل الوطنية بالمقاومة الشعبية لتحرير صنعاء.

لكن هذا السيناريو -وفق محللين- يصطدم بعراقيل بينها أن الجيش اليمني الموالي لصالح، لم يبد بالقوة الكافية ولم يتصد لمقتل زعيمه، كما لم يبدر بعد ما يؤكد انحيازه ضد الحوثيين، وما زالت عناصره
-بينهم قوات النخبة- تقاتل مع الحوثيين في جبهة تعز وعلى تخوم صنعاء، التي تبدو حتى اللحظة في قبضة الحوثيين.

 
ومع حالة الارتباك التي يشهدها حزب المؤتمر الشعبي العام بعد مقتل زعيمه صالح وكذلك أمينه العام ونائبه وانقسام الحزب بين عدة ولاءات، يشير محللون إلى أن الأحداث قد تتفاعل في الأيام المقبلة لتفرز حشدا أكبر ضد الحوثيين.
 
ويقارب محللون مسألة الحسم هذه من زاوية تاريخية، إذ يرى بعضهم أن الحوثيين أصبحوا اليوم في  حالة من القوة غير مسبوقة، وتبقى مسألة الحسم العسكري ضدهم -والتي جربت خلال عملية عاصفة الحزم أو إعادة الأمل أو قبلها من جانب صالح- غير واقعية بقطع النظر عن أطرافها، وأن أي  تصعيد بتوازنات جديدة سيقود إلى حرب طويلة الأمد تتخذ طابع الصراع الأهلي.
 
ولا يستبعد محللون أن تحصل تحولات داخل التحالف العربي ذاته، بعد فشل عودة الرهان علي عبد الله صالح، ووصول خياراتهم إلى مفترق الطرق، نحو انفراط عقده وانسحاب دول منه بما يؤدي إلى  تقليص التدخل العسكري المباشر والجنوح لدعم أطراف لإغراق اليمين في حرب طويلة.
 
 ومن غير المرجح -وفق متابعين- أن يتم التسليم بانتصارالحوثيين في اليمن من قبل التحالف العربي بقيادة السعودية والقبول بصفقة سياسية معهم، إلا أن الضغوط  الدولية المسلطة على السعودية والتحالف الدولي في الوقت الحالي وعدم الحسم السريع قد يؤدي إلى إعادة البحث في الحل السياسي.
 
وينتظر اليمنيون تحركا أكبر من المجتمع الدولي في الأيام القادمة مسنودا بعملية مقتل صالح وبعذابات الشعب اليمني المستمرة لوقف الحرب بدل إذكائها، ولا يستبعد أن يتم العمل على إعادة إحياء مهمة المبعوث الأممي في اليمن خلال الفترة القادمة.
المصدر : الجزيرة + وكالات