مؤتمر سوتشي بشأن سوريا.. غموض وتخوفات

سوريا والمعارضة بين #سوتشي و #الرياض_2
روسيا وتركيا وإيران ترعى مؤتمر سوتشي والمعارضة منقسمة بشأنه (الجزيرة)

عمرو حلبي-غازي عنتاب 

لا يزال الغموض يكتنف أجندة مؤتمر "الحوار الوطني السوري" المزمع عقده في مدينة سوتشي الروسية نهاية يناير/كانون الثاني المقبل. ولم تفصح الدول الراعية للمؤتمر، روسيا وتركيا وإيران، إلا عن القليل من أهدافه وجدول أعماله. 

وكشف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في وقت سابق "أن المؤتمر سيفضي إلى صياغة مشروع دستور تُقام على أساسه انتخابات حرة في سوريا". وأوضح ميخائيل بوجدانوف نائب وزير الخارجية الروسي -وفق وكالة سبوتنيك الروسية- أن "لجنة دستورية ستُشكّل في المؤتمر لتكون بمثابة مصدر للتشريع حول كافة المسائل".

لكن مبعوث الكرملين الخاص إلى سوريا ألكسندر لافرنتيف أثار جدلا واسعا حين قال في تصريح لوكالة سبوتنيك إنه "لا مكان في سوتشي لمن يطالب بالرحيل الفوري لبشار الأسد".

‪العريضي: هناك من يحاول مصادرة دور المجتمع الدولي ليفصل حلا على مقاسه‬ (رويترز)
‪العريضي: هناك من يحاول مصادرة دور المجتمع الدولي ليفصل حلا على مقاسه‬ (رويترز)

رفض واسع
لأجل ذلك فإن المؤتمر لقي رفضا واسعا لدى أطياف كثيرة من المعارضة السورية السياسية والعسكرية.

وفي هذا الإطار، أكد المتحدث باسم هيئة التفاوض السورية يحيى العريضي للجزيرة أن الحل السياسي يرتكز على مسار جنيف والقرارات الدولية وتطبيقها الكامل لا الانتقائي الذي يؤدي إلى إجهاض الحل.

وأضاف العريضي أن "هناك من يريد أن يصادر دور المجتمع الدولي والدول الفاعلة فيه ليُفصّل الحل السياسي على مقاسه ولأجل مصالحه ومصلحة حلفائه في تجسد صارخ لفرض قانون القوة على مسار الحل وليس قوة القانون".

وبشأن خلفيات الرفض القاطع من جانب مجموعات مُعارضة، كشف عضو الهيئة السياسية في الائتلاف الوطني عقاب يحيى -في بيان صحفي- أن المسؤولين الروس وضعوا الشروط على المعارضة السورية قبل أن يعلنوا أجندة مؤتمر سوتشي، مشيرا إلى أن ذلك يضع العديد من إشارات الاستفهام على ذلك المؤتمر.

وتجدر الإشارة إلى تلاق لافت لموقفي المعارضة، السياسي والعسكري، تجلى في بيان لكبرى فصائل المعارضة المسلحة رفضت فيه رفضا صريحا المشاركة في سوتشي.

‪طعمة ترك الباب مفتوحا بشأن إمكان مشاركة المعارضة في سوتشي‬  (الجزيرة)
‪طعمة ترك الباب مفتوحا بشأن إمكان مشاركة المعارضة في سوتشي‬  (الجزيرة)

مسار مواز
وأمام هواجس خلق مسار تفاوض مستقل يبدأ من سوتشي سارعت موسكو على لسان عدد من مسؤوليها إلى تأكيد أن الهدف من مؤتمر سوتشي هو "تسريع التسوية السورية وليس خلق بديل عن مفاوضات جنيف".

لكن هذه التطمينات لم تقنع المعارضة السورية، لتؤكد صراحة أن الهدف الحقيقي لمؤتمر سوتشي هو إعادة إنتاج نظام بشار الأسد، وترسيخ الوجود الروسي في سوريا.

في هذا السياق تساءل أمين سر الهيئة السياسية في الائتلاف الوطني يحيى مكتبي عن غياب الجدية الروسية في مفاوضات جنيف من خلال إحجامها عن ممارسة أي نوع من الضغوط على وفد حليفها بشار الأسد الذي عرقل محادثات الجولة الأخير من جنيف، رافضا بشكل قاطع الدخول في مفاوضات مباشرة مع وفد المعارضة، بل وغادر جنيف معلنا انتهاء عملية التفاوض بالنسبة له.

في المقابل، هناك من يقول إن رفض شرائح واسعة من المعارضة السورية الذهاب إلى سوتشي، يقابله كذلك سياسة الأمر الواقع، فالدول الراعية للمؤتمر هي المؤثرة في القرار السوري ولها الكلمة العليا فيه. فكيف ستوازن المعارضة رفض سوتشي بناء على تخوّفها من نيّة المؤتمر مع سياسة الأمر الواقع؟

ولعل هذا ما دفع رئيس وفد المعارضة السورية في مفاوضات أستانا 8 أحمد طعمة لترك الباب مفتوحا بشأن إمكان المشاركة في سوتشي حين قال للجزيرة إنه "لا مشكلة من حيث المبدأ في حضور المؤتمر إن كان يحقق تطلعات الشعب السوري ويضمن عملية الانتقال السياسي في سوريا".

وأكد في الوقت نفسه أن "المعارضة لن تتخذ أي قرار حول سوتشي إلا بعد التشاور فيما بينها والاستجابة لتطلعات السوريين كافة".

في المقابل ثمة شخصيات "مُعارضة" لا تشترط رحيل الأسد، وتُوجه لهؤلاء اتهامات بأنهم "موالون للنظام السوري، تسعى موسكو من خلالهم إلى تصنيع معارضة تتجاوز معها عقدة مستقبل الأسد".

وأوجدت هذه المواقف المعارضة لمؤتمر سوتشي فتورا وتخوفا إقليميا ودوليا تجاهه، فالأمم المتحدة وفرنسا أعلنتا أن أي محادثات حول سوريا يجب أن تدعم جهود جنيف في إيجاد حل لإنهاء الحرب في سوريا، لا أن تتجاهل قرارته وتقفز فوقها.

المصدر : الجزيرة