بلطجة ترمب بعد وعده.. سابقة بالعلاقات الدولية
ووجه تهديده العلني بعدما أرسلت سفيرته في الأمم المتحدة نكي هيلي رسالة إلى عشرات الدول الأعضاء بالجمعية العامة الثلاثاء تقول فيها إن الرئيس طلب منها إبلاغه بـ "الدول التي تصوت ضد الولايات المتحدة".
ترمب ومندوبته
وعبر ترمب عن إعجابه برسالة هيلي، وقال "تروق لي الرسالة التي بعثت بها نكي في الأمم المتحدة إلى كل هذه الدول التي تأخذ منا المال ثم تصوت ضدنا في مجلس الأمن أو يحتمل أن تصوت ضدنا في الجمعية العامة".
وبدا موقف ترمب وهيلي مفاجئا لكثير من مندوبي الدول بالأمم المتحدة، حيث صرح عدد منهم لوكالة الصحافة الفرنسية عن انزعاج دولهم من التهديد العلني.
عزلة كبيرة
وبرأي صيام فإن ذلك التهديد الأميركي كان يمكن أن يقبل لو كان في إطار علاقات ثنائية مع دول تربطها معها مساعدات، لكن أن يكون علنيا ولـ 193 دولة أممية، فإنه يشكل سابقة ويعبر عن العزلة الكبيرة التي تعيشها واشنطن اليوم.
الخبير بالشؤون الأممية قال إن تهديد ترمب يعبر عن سياسة أميركية جديدة في التعامل مع الأمم المتحدة، لافتا إلى التهديد غير المسبوق الذي أطلقه ترمب من على المنبر الأممي بمحو دولة ذات سيادة عن الخريطة هي كوريا الشمالية.
وتابع "واشنطن انسحبت أيضا من اتفاقات المناخ والتنمية، كما توقفت عن تمويل مجلس حقوق الإنسان".
"ترامب يهدد بوقف المعونة لمن يصوت ضد قراره بشأن القدس". موتور يظن العالم حلبة مصارعة، أو سوقا للعقارات. كل تهديداته لن تجدي نفعا، لكن الرد عليه لا يكون إلا بانتفاضة شاملة، تجعله وأحبته الصهاينة يدركون أي قرار أرعن اتخذ.
— ياسر الزعاترة (@YZaatreh) ٢٠ ديسمبر، ٢٠١٧
وأشار صيام لسلوك المندوبة الأميركية نيكي هيلي التي قال إنها تتصرف وكأنها "وزير الخارجية القادم" مشيرا إلى أن أيام ريكس تيلرسون "معدودة".
وقال إن هيلي تقدم أوراق اعتماد للمنصب الذي تطمح فيه إلى دعم اللوبي الصهيوني، لافتا بشكل أساس إلى تصريحها المثير للجدل بأنها تلبس كعبا عاليا لركل كل من يتعرض لإسرائيل في الأمم المتحدة.
قضية جانبية
وفيما كان وزيرا الخارجية الفلسطيني رياض المالكي والتركي مولود جاويش أوغلو الوحيدين اللذين هاجما تهديد ترمب، جاء موقف عربي مغاير تماما وغرد خارج سرب الغضب العربي من قرارات ترمب بشأن القدس وتهديده للدول بقطع المساعدات.
الموقف جاء في تغريدة نشرها وزير الخارجية البحريني خالد بن أحمد الذي دعا لما وصفه "عدم افتعال أزمة" مع الولايات المتحدة قبيل التصويت المرتقب اليوم في الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن القرار الأميركي اعتبار القدس عاصمة إسرائيل.
It’s not helpful to pick a fight with the USA over side issues while we together fight the clear and present danger of The Theo-Fascist Islamic republic
— خالد بن أحمد (@khalidalkhalifa) December 20, 2017
الوزير البحريني ذهب لاعتبار أن القدس "قضية جانبية" وقال "ليس من المفيد افتعال معركة مع الولايات المتحدة حول قضايا جانبية، ونحن نواجه معا الخطر الواضح والقائم للجمهورية الإسلامية الفاشية" في إشارة إلى إيران.
ترامب المدير يرهب الدول الأعضاء في #الأمم_المتحدة بأنه سيراقب تصويتهم مع أو ضد قراره البائس وغير القانوني والشرعي باعترافه ب #القدس عاصمة للاحتلال الإسرائيلي -في بلطجة علنية لم يسبقه إليه أحد.بعدما مهدت له الناظرة هيلي الأرضية بتسجيل اسماء الدول المشاغبة التي ستصوت ضد قراره! https://t.co/X9CyfbmECR
— عبدالله الشايجي (@docshayji) ٢٠ ديسمبر، ٢٠١٧
وعكس موقف ابن أحمد ما يراه سياسيون موقفا تتبناه البحرين تبعا للسياسة السعودية والاماراتية التي ترى أن الأولوية الأولى للصراع في المنطقة مع إيران وليس إسرائيل.
وأثار التهديد الأميركي ومندوبته في الأمم المتحدة بقطع المساعدات، وكذلك موقف وزير خارجية البحرين، الكثير من الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي.
بلطجة معلنة
فقد غرد محللون وسياسيون بأن الجديد في التهديد الأميركي كان "البلطجة المعلنة" بعد أن كانت الولايات المتحدة تمارس ذات التهديدات ضد الدول الأعضاء بالأمم المتحدة سرا.
لا أعتقد معالي الوزير انك تقصد #القدس بالقضية "الجانبية"!!
نحن معك في المعركة ضد ايران.. ولكن ليس بالتضحية بقضيتنا الرئيسية "فلسطين" وتهميشها.— النائب محمد العمادي (@engammadi) December 20, 2017
وقرأ آخرون في القرار بأنه يمثل حلقة في سياق مستمر لسلوك ترمب الذي قالوا إنه دائم الانتقاد للأمم المتحدة، ومن ضمن ذلك أن بلاده تساهم بنحو 22% من موازنتها.
الحمدلله أن ليس لكم أي ثقل سياسي وأن دوركم ينحصر في كونكم تابعاً يا معالي الوزير.
— Noora (@thenunura) December 20, 2017
وقد حاز وزير الخارجية البحريني على هجوم لافت من مغردين انتقدوا موقفه من القدس الشريف، وقد أكد البعض على تأييده بشأن خطر إيران إلا أنهم رفضوا اعتباره القدس قضية جانبية.
معركة #القدس في منظمة الأمم المتحدة اليوم الخميس قدر جميل ساقه ربنا العزيز الحكيم لإلحاق هزيمة ديبلوماسية مؤكدة بالطاغية المتعجرف دونالد ترامب وحليفه نتنياهو، ومن والاهما من قريب أو بعيد.
.#القدس_عاصمة_فلسطين#القدس_عاصمة_القدس_الأبدية#ربع_قرن_على_ميلاد_المستقلة pic.twitter.com/EE5osq8onI— محمد الهاشمي الحامدي (@MALHACHIMI) ٢١ ديسمبر، ٢٠١٧
وقرأ مغردون في تغريدة ابن أحمد بأنها تعبر عن سلوك سياسي بحريني بات يتقرب من إسرائيل بحجة مواجهة إيران حتى لو كان ذلك على حساب فلسطين والقدس والمقدسات.
ولا يتوقع مراقبون أن يؤدي التصويت بالأمم المتحدة اليوم وفي أي وقت قادم إلى أن "تنطبق السماء على الأرض" -كما قالت هيلي بتهكم تعليقا على التحركات العربية والإسلامية بعد قرار ترمب- إلا أنه يعبر عن استمرار تحدي واشنطن وعزلها، كما سيوجه لها المزيد من الصفعات التي لن توقف انحيازها لإسرائيل، وإنما الأمل بأن تؤدي لاستيقاظ أنظمة عربية لا تعول على غيرها.