من يحمي صحفيي مصر بعد تخاذل نقابتهم؟

تحدى الصحفيون حصار الداخلية لنقابتهم قبل عام. (تصوير خاص لتظاهرات الصحفيين أمام نقابتهم ـ مايو 2016 ـ القاهرة).
مظاهرة سابقة للصحفيين على مدخل نقابتهم في القاهرة (الجزيرة-أرشيف)

عبد الله حامد-القاهرة

لم يتصور الصحفي المصري أحمد عبد العزيز أن وقفته من أجل القدس الأسبوع قبل الماضي ستنتهي باختطافه على يد قوات الأمن التي داهمت بقية المتظاهرين على مدخل النقابة (السلم)، فاندفع بعضهم للاحتماء بمبنى النقابة.

دقائق وتداعى الصحفيون مجدداً لنصرة مناصري القدس المختطفين، فداهمتهم القوات لتختطف الصحفي حسام السويفي.

وليومين، ظل الصحفيون يحاولون بجهود فردية التوصل لمكان احتجاز الصحفييْن دون جدوى، حتى ظهرا في نيابة أمن الدولة، متهمين بتشكيل خلية إعلامية تتبع جماعة الإخوان المسلمين.

وبحسب بيان لجبهة الدفاع عن الصحفيين والحريات، وهي تجمع مستقل لصحفيين نشطاء، جرى القبض على خمسة صحفيين في غضون شهر، اثنان منهم غير معروف مكانهم، وآخر اعتقل بالمطار أثناء سفره.

وتقدم عدد من صحفيي الجبهة للنقابة بخمسة مطالب للتصدي لحملة السلطة ضد الصحافة والتحقق من أنباء تعرض بعض الصحفيين للاعتداء والتعذيب أثناء التحقيق.

وندد صحفيو الجبهة بصمت النقابة على تكرار الأمن وقائع الاعتداء على حرم النقابة واقتحام مقرها وسلمها، وهو ما تسبب في توسع نطاق استهداف الصحفيين.

وطالبوا بتفعيل دور النقابة في الدفاع عن الصحفيين وحرياتهم، والتحقيق بشكل عاجل في وقائع انتهاك ميثاق الشرف الصحفي بنشر الاتهامات للمختطفين في الصحف الرسمية كأنها حقائق لتشويه الصحفيين المعتقلين.

 التضييق على فعاليات الصحفيين بدأ بحجة تجديد مبنى النقابة (الجزيرة)
 التضييق على فعاليات الصحفيين بدأ بحجة تجديد مبنى النقابة (الجزيرة)

جدل
وعلى خلفية هذا البيان، ثار جدل باجتماع مجلس النقابة الأخير، فرفض أعضاء محسوبون على النظام عدداً من المطالب الواردة فيه، في حين عدّ أعضاء معارضون بالمجلس هذا الاعتراضات "انحيازاً لوجهة نظر السلطات ضد الصحفيين، باعتبار السلم ليس من حرم النقابة، وعدم تحريك دعاوى ضد السلطة".

وتداول نشطاء صحفيون فكرة اللجوء لمنظمات دولية للتدخل عقب العجز الواضح للنقابة في حماية أعضائها، بينما قال المدير التنفيذي للجنة حماية الصحفيين جويل سيمون في بيان للجنة مؤخراً إن "الدول التي تسجن الصحفيين بسبب ما ينشرونه تنتهك القانون الدولي ويجب مساءلتها".

وأشار تقرير اللجنة إلى معاناة معظم الصحفيين السجناء في مصر، من ظروف صحية سيئة، مؤكداً أن هناك 12 صحفياً معتقلاً لم يدانوا بارتكاب أي جريمة أو لم تصدر ضدهم أي أحكام.

وتابع التقرير أن سياسات سجن الصحفيين المصريين فترات طويلة تأتي في الوقت الذي تتعاون فيه القاهرة وواشنطن على نحو وثيق في المجال الأمني.

مدخل نقابة الصحفيين بات هدفا للمداهمات الأمنية واصطياد المتظاهرين (الجزيرة)
مدخل نقابة الصحفيين بات هدفا للمداهمات الأمنية واصطياد المتظاهرين (الجزيرة)

تضامن أجوف
ورأى الأمين العام للمجلس الأعلى للصحافة السابق قطب العربي في موقف النقابة "مجرد تضامن أجوف"، مؤكدا أن "واجب النقابة ممثلة في نقيبها ومجلسها إعلان حالة طوارئ حتى يتم الإفراج عن الصحفيين لأن سكوتها من قبل أغرى الداخلية بالقبض على المزيد منهم".

وأكد العربي في حديث للجزيرة نت أن التحرك الفعلي للنقابة يجب أن يوجه للجهات الرسمية المختصة، لمطالبتها بالإفراج عن الصحفيين، وفي حال عدم الاستجابة للمخاطبات الرسمية فإن على النقابة أن تدعو لاجتماع جمعية عمومية طارئة لعرض الأمر عليها، كما يمكن للمجلس تنظيم اعتصام مفتوح حتى يتم الإفراج عن الصحفيين".

وتوقع الأمين العام السابق للأعلى للصحافة ألا يقوم النقيب الحالي وأغلبية المجلس بهذه القرارات التي تحمي أبناء المهنة وتحفظ كرامتهم كما ينص قانون النقابة، حيث إن انتماءهم للسلطة الحالية المعادية لحرية الصحافة يجعلهم دوما في حالة تبرير لقراراتها وقمعها.

من جهته، رأى الباحث بالمرصد العربي لحرية الإعلام سيد أمين أن النظام يسعى لتكميم أفواه الصحفيين باختراع تهم مثل تشكيل خلية إعلامية في محاولة منه لتجريم العمل الصحفي والتخلص من كل من لا يسايره في مواقفه.

وألمح أمين في حديثه للجزيرة نت إلى أن "هناك أنباء بأن القضية "مكملين 2" التي اعتقل بتهمتها الصحفيان عبد العزيز والسويفي، ستبقي مفتوحة لضم عشرات الصحفيين مستقبلا، وهو ما يفسر الهجمة الشديدة التي يتعرض لها الصحفيون مؤخراً، حيث تم اعتقال نحو خمسة أعضاء بنقابة الصحفيين، فضلا عن تسعة آخرين من غير أعضاء النقابة.

وطالب المتحدث بضرورة تحرك الجهات الدولية المعنية بحرية الصحافة والإعلام لممارسة ضغوط قوية لتحرير الصحفيين وضمان حماية حرية الرأي والتعبير.

المصدر : الجزيرة