ديانا بعبيش..امرأة تؤوي الكلاب الضالة

عاطف دغلس-بيت لحم

قد لا يدهشك كأي فلسطيني أن ترى أحدهم يسوق كلبه ويقصد به طريقا أو مكانا عاما، أما أن تحظى الكلاب العامة (الضالة) باهتمام ورعاية خاصة فهذا غير المألوف في ظل التحذير من خطرها.

لم تر الفلسطينية ديانا بعبيش صعوبة في ما أوكلت به نفسها، بل إنها تخوض غمار البحث عن هذه الكلاب وإيوائها في جمعية الأولى من نوعها فلسطينيا التي وثقتها بالسجلات الرسمية.

وحيث تعيش بعبيش (45 عاما) بمدينة مهد المسيح (بيت لحم) جنوب الضفة الغربية تلقت اتصالا هاتفيا يطلب مساعدتها لإنقاذ كلب ألقي على قارعة الطريق بحالة صحية سيئة، حضرت  وأنقذت الكلب وشكرت الشاب موسى هريمي الذي أخبرها بالحادثة.

كان دافع الشاب هريمي مساعدة الكلب وإنقاذه من الموت, وقال للجزيرة نت إن بعبيش لم يزعجها أن تأتي ولو بمركبتها الخاصة لإنقاذ الكلب ونقله لجمعية الحيوان والبيئة الخاصة بها, حيث تؤوي وتعالج كلابا تعاني.

الشاب موسى الهريمي كان احد المبادرين بدعوة ديانا لإيواء أحد الكلاب الضالة(الجزيرة نت)
الشاب موسى الهريمي كان احد المبادرين بدعوة ديانا لإيواء أحد الكلاب الضالة(الجزيرة نت)

منعا لانتشار المشكلة
تسعى بعبيش وبجهد ذاتي لتوفير مأمن خاص للكلاب الضالة لتتجنب "الطرق السيئة" بالتخلص منها بقتلها رميا بالرصاص أو بالتسميم، وتقوم بعملها غير مبالية بإنفاق جُل مدخراتها على فكرتها.

يُبدد الخوف على مستقبلها أو وظيفتها التي فقدتها من قريب بداية الطريق لحلمها بالمحافظة على تلك الكلاب والحد من التسارع الكبير بأعدادها، لكنها لا ترى قتل الكلاب حلا للمشكلة رغم إدراكها قلق الجهات المسؤولة، فإطلاق النار يُروع المواطنين وقد يلحق أضرارا بهم، كما أن رش السموم له عواقب وخيمة قد تصل إلى الأطفال أو الحيوانات الأليفة إضافة لضررها البيئي.

وتُعزِّز موقفها بأن مواطنا من مدينتها تقدم بشكوى بسبب وفاة كلبه بعدما أكل طعاما ساما وضعته البلدية، حيث جرى تدارك الأمر "وحله عشائريا" قبل تأزمه، لذا فهي ترى الحل بإمساك الكلاب وتطعيمها لحماية من الأمراض ومنحها "حياة عمرية سليمة" ولحماية المواطنين من انتقال العدوى ثم إخصائها منعا لتكاثرها.

من المؤكد أن بعبيش لا تقوم بهذه المهمة وحدها، فالسيدة التي تتقن سبع لغات عالمية أنشأت صفحة خاصة للجمعية عبر فيسبوك واستقطبت متطوعين أجانب لمساعدتها، كما وفَّرت دعما ماديا عبر تواصلها بجهات خارجية.

وكان بلمار بوشر الشاب الهولندي أحد ثلاثة متطوعين قدموا للعمل مع ديانا وهي تعد لاستقبال آخرين خلال الأيام القادمة، ويبدي بوشر انزعاجه من قتل الكلاب، ويقول إن البدائل متوفرة لإنقاذها والتخفيف من خطرها إن وجد.

‪الجمعية تؤوي عشرات الكلاب الآن ويعمل على توسيعها‬ (الجزيرة نت)
‪الجمعية تؤوي عشرات الكلاب الآن ويعمل على توسيعها‬ (الجزيرة نت)

حل تقليدي
لكن لا حل تطرحه البلديات الآن باعتبارها الجهات المسؤولة عن الكلاب سوى التخلص منها بالطرق التقليدية بالقتل بالرصاص والتسميم، حسب يوسف مسلم طبيب الصحة ببلدية بيت لحم.

رغم ذلك، لا يخفي الرجل إعجابه بخطوة بعبيش في إيواء الكلاب الضالة والعمل على توفير ملاجئ أكبر لها, إلا أن هذه المشاريع تحتاج لأموال ضخمة وأطقم مؤهلة لا تتوفر الآن، حسب قوله.

بكل الطرق تبذل بعبيش جهودا لتثقيف الناس ودعوتهم لحماية الكلاب، إلا أن قلة من يقتنعون، كانت صديقتها ديانا حيمور إحدى أولئك الذين تبنوا كلابا فعلا، غير أن معظمها تتبناه جمعيات إسرائيلية وأجانب بدول غربية ككندا وألمانيا.

لقاموس معرفتها أضافت بعبيش كلمات مثل وولف ودوبر مان وجيرمان شابرد والهسكي من أصناف الكلاب التي تعثر عليها وأكسبت نفسها خبرة واسعة بعلاجها وتصحيح سلوكها لتصبح أليفة، وأنقذت حتى الآن أكثر من 400 كلب بينما تؤوي في جمعيتها العشرات منها.

المصدر : الجزيرة