هل يفجر ملف الموظفين بغزة المصالحة؟
أحمد عبد العال-غزة
رامي الذي تنقل بين جهازي الخدمات الطبية والدفاع المدني، كرجل إسعاف ورجل دفاع مدني، يخدم الشعب الفلسطيني في عمله الإنساني، تساءل باستنكار شديد: "أين حقوقنا اليوم بعد كل ما قدمناه لشعبنا الفلسطيني؟"
واعتبر رامي -في حديثه للجزيرة نت- أن هذه "الخطوة المستعجلة" من قبل الحكومة الفلسطينية محاولة للتنصل من اتفاق القاهرة الذي ضمن حقوق جميع الموظفين السابقين والحاليين.
ويستذكر رامي خطر الموت والظروف القاسية التي تعرض لها خلال تأديته واجبه الإنساني خلال ثلاث حروب قاسية على قطاع غزة، ورغم ذلك لم يتأخر عن تقديم الخدمة لأبناء الشعب الفلسطيني رغم عدم حصوله على راتب كامل خلال السنوات الثلاث الماضية.
رامي الذي كان سعيدا بأخبار المصالحة الفلسطينية ومستبشرا بها، لم يعد كذلك، فهو يرى أن المصالحة إن كانت على حساب حقوقه الكاملة والمشروعة وعلى حساب قوت أبنائه فهو لا يريدها.
محمد الشرافي الموظف في وزارة الداخلية، لم يختلف غضبه عن سابقه إثر قرار الحكومة، معتبراً أن تجاوز اتفاق القاهرة وإقصاء موظفي غزة هو إعلان لنهاية المصالحة الفلسطينية.
ولا يرى الشرافي في ما يحصل إلا حالة إقصاء لموظفين خدموا طوال 11 عاماً، معتبراً أن عودتهم يجب أن تكون بعد انتهاء اللجنة الإدارية والقانونية التي تم الاتفاق عليها في القاهرة عام 2011، وليس بهذه الطريقة.
وأمام هذا المشهد الضبابي يؤكد الشرافي للجزيرة نت أن الموظفين لن يتركوا أماكن عملهم، ولن ينجروا إلى من يحاول صنع الفتنة بين أبناء الشعب الفلسطيني أيضا.
قرار الحكومة
وكانت الحكومة الفلسطينية أكدت ضرورة عودة جميع الموظفين القدامى إلى عملهم، وتكليف الوزراء بترتيب عودتهم، من خلال آليات عمل تضمن تفعيل دور وعمل الحكومة في قطاع غزة، كجزء من التمكين الفعلي لتحقيق المصالحة، انسجاما مع اتفاق القاهرة.
واعتبرت في بيانها أن اختصاص اللجنة القانونية الإدارية هو النظر في وضع الموظفين الذين تم تعيينهم بعد 14 يونيو/حزيران 2007، وأن عمل اللجنة يأتي متمماً لجهود الحكومة لإنجاح مساعي المصالحة الوطنية.
وأعربت الحكومة اليوم عن أسفها لمنع النقابات التابعة لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) وزير الحكم المحلي حسين الأعرج من دخول مقر الوزارة برفقة موظفيه في غزة، إضافة إلى منعها موظفي المالية والأوقاف والموظفين الآخرين الذين دعتهم وزاراتهم للتوجه إلى مقرات عملهم حسب احتياجات تلك الوزارات.
من جهتها، عدت حركة حماس قرار عودة الموظفين لأماكن عملهم قرارا متسرعا، ويتنافى مع اتفاق القاهرة عام 2011، وهو تجاوز لمهام اللجنة الإدارية المكلفة بدراسة أحوال الموظفين وإعادة هيكلتهم ودمجهم.
وفي حديثه للجزيرة نت، قال الناطق باسم الحركة عبد اللطيف القانوع "الموظفون خط أحمر ولا يمكن تجاوز ملفهم، والمطلوب تفعيل اللجنة الإدارية والقانونية لدراسة أحوالهم ودمجهم".
وحملت حماس الحكومة الفلسطينية المسؤولية الكاملة عما حدث من فوضى وإرباك في عمل بعض الوزارات في غزة نتيجة لقرارها غير المسؤول والمخالف لاتفاق القاهرة بدعوة الموظفين المستنكفين للعودة إلى أماكن عملهم.
حملة
من جهتها، طالبت الحملة الشعبية لمناصرة موظفي قطاع غزة حكومة الوفاق بالتطبيق الأمين لبنود اتفاقية القاهرة، وأن تسرع في عملية دمج الموظفين المدنيين والعسكريين، وأن توحدهم ضمن سلم وظيفي موحد كما جاء في اتفاق القاهرة.
وأكدت أن تمكين حكومة الوفاق يبدأ بإنصاف موظفي قطاع غزة المدنيين والعسكريين والاعتراف بكل حقوقهم المالية والإدارية وسرعة دمجهم وعودة الخصومات وإلغاء قرار التقاعد المبكر الظالم.
من جهته، يرى المحلل السياسي مصطفى إبراهيم أن قرار الحكومة وصفة للفوضى والاقتتال الداخلي بين أبناء شعبنا، موضحاً أنها ليست أزمة تمكين بقدر ما هي ضغوط واضحة على الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
ويعتقد إبراهيم بأن الحكومة تشبثت بعدم "التمكين"، وهو مصطلح "مطاطي"، يعني أن الحكومة دخلت على خط المناكفات السياسية بعدما أعلنت أن لديها خططا وأنها جاهزة للعمل في قطاع غزة.
واعتبر أن مشهد منع الموظفين من دخول الوزارات اليوم خطير ويهدد المصالحة، واستمرار الحكومة في هذا الأمر سيحدث بلبلة وفوضى، مضيفاً أنه "من حق الموظفين أن يعودوا لكن وفق نتائج اللجنة الإدارية المخصصة".