تصريحات البشير بموسكو.. أي معنى وأي مقصد؟

Russian President Vladimir Putin shakes hands with Sudan's President Omar al-Bashir during their meeting in the Black Sea resort of Sochi, Russia, November 23, 2017. Sputnik/Mikhail Klimentyev/Kremlin via REUTERS ATTENTION EDITORS - THIS IMAGE WAS PROVIDED BY A THIRD PARTY.
البشير وبوتين يتصافحان قبيل اجتماعهما في منتجع سوتشي الروسي أمس الأول الخميس (رويترز)

عماد عبد الهادي-الخرطوم

ما يزال حديث الرئيس السوداني عمر البشير في موسكو أمس الأول الخميس واتهامه الولايات المتحدة أثناء زيارته روسيا؛ الشغل الشاغل للخبراء والمحللين السياسيين في البلاد، دون أن يجدوا تفسيرا مناسبا لها. 

وسحبت تلك الاتهامات الأضواء من ملفات أخرى مهمة، كونها جاءت في وقت يخطو فيه السودان أولى خطوات التطبيع مع واشنطن بعد تخفيف عقوبات أميركية اقتصادية استمرت عشرين عاما.  

وكان الرئيس السوداني قال في معرض حديثه مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين إن بلاده بحاجة إلى حماية من العدوان الأميركي. وذلك عندما ذكر أن "الأميركان نجحوا في تقسيم السودان لدولتين وساعين لمزيد من التقسيم". وأضاف "ونحن نحتاج كسودان لحماية من العدوان الأميركي علينا".  

وما فتح باب التكهنات بعزم السودان على الانتقال إلى محور روسيا والتخلي عن التقارب الذي حدث مؤخرا مع واشنطن، هو ما صرح به البشير عما يجري في سوريا، حينما قال "حتى الوضع في سوريا هو سببه الأميركان". 

لكن وزير الخارجية السوداني إبراهيم غندور فسّر الحديث الأول بأنه "جاء في إطار مجمل وليس مجزأ"، حيث قال للصحفيين بمطار الخرطوم -عقب وصوله رفقة البشير من روسيا- "إن طلب الرئيس الحماية الروسية من أميركا "جاء في سياق الاستهداف الذي كان يواجهه السودان منذ 1990 بقرارات متتالية قادتها بعض الدول الغربية".  

وزاد غندور "أن حديث البشير لبوتين جاء كذلك على خلفية الاستهداف الذي سببته محاولة إصدار قرار لإيقاف تصدير الذهب وهو الصادر الأول للبلاد".

‪‬ إبراهيم غندور حاول أن يعطي قراءة أخرى لتصريحات البشير(الجزيرة)
‪‬ إبراهيم غندور حاول أن يعطي قراءة أخرى لتصريحات البشير(الجزيرة)

وما يدعم التكهن بشأن انتقال أو تحول كلي للسودان نحو محور روسيا، ذلك الاتهام السوداني لأميركا بالتسبب في ما يحدث في سوريا حاليا، والطلب من الجانب الروسي التعاون في مجالات أخرى من بينها العسكري، كما يرى محللون. 

ولم يجد عضو المكتب القيادي في حزب المؤتمر الوطني الحاكم ربيع عبد العاطي بداً سوى الإعراب عن اعتقاده بأن الحديث يحتاج إلى قراءة عميقة "لأن قراءة فقرة واحدة قد تخرجه من سياقه ولا تعطي كل المضامين".  

ويقلل عبد العاطي في تعليقه للجزيرة نت من ثورة الشك التي انتابت أغلب المحللين، حيث دعا إلى ضرورة التثبت والتدقيق من أن الرئيس يعني ما قاله في سياق العبارات التي أطلقها.  

أما أستاذ العلوم السياسية في جامعة أم درمان الإسلامية أسامة بابكر فوصف حديث البشير بالخطير؛ "كونه جاء والسودان ما زال يئن من وطأة العقوبات الأميركية الاقتصادية".  

وعاد وزير الخارجية السوداني محاولا قطع الطريق أمام أي تكهنات بشأن العلاقة مع أميركا، حيث قال "أنا استغرب ممن يريدون لنا الاكتفاء بعلاقات مع دولة واحدة دون الأخرى، وليس هناك ما يمنع أن يتعاون السودان مع أميركا ويقوي علاقاته معها، ويحتفظ في نفس الوقت بعلاقات إستراتيجية مع روسيا".  

وحسب رأي الوزير، فإنه "قد انتهى زمن المحاور في العالم، وأنه مع الانفتاح والتعاون لفائدة الجميع". 

غير أن كلام الوزير لم يقنع أستاذ العلوم السياسية في كلية شرق النيل الجامعية عبد اللطيف محمد سعيد، الذي يرى أن حديث البشير يوحي باليأس من إمكانية تعاون أميركا مع السودان، خاصة بعد زيارة نائب وزير الخارجية الأميركي للخرطوم منتصف الأسبوع الماضي.  

وحسب رأي سعيد، فإن حديث الرئيس ينم عن تغير غريب في السياسة الخارجية السودانية، مشيرا إلى أن "البشير أراد من ورائه البحث عن مخارج وتحالفات تقلل استمرار بقاء اسم السودان ضمن قائمة الدول الراعية للإرهاب وما يترتب عليه من عقوبات".  

المصدر : الجزيرة