الاستحواذ الإماراتي ومستقبل قناة السويس

قناة السويس.. تخفيض رسوم السفن العملاقة 50%
مشروعات تطوير قناة السويس باتت محصورة على الإمارات (الجزيرة)

عبد الرحمن محمد-القاهرة

ضمن سياق مسلسل اتفاقيات التعاون الاقتصادي بين مصر والإمارات، والمعززة لاستحواذ الأخيرة على مشروعات قناة السويس؛ أعلن رئيس هيئة القناة رئيس الهيئة العامة الاقتصادية لمنطقتها مهاب مميش عن توقيع اتفاق للشراكة مع الجانب الإماراتي لإنشاء شركة مساهمة جديدة باسم "شركة التحدي" المصرية الإماراتية للأعمال البحرية والتكريك.

الاتفاق الذي وقعه مميش خلال زيارته الأخيرة للإمارات ووصفه بالمهم، يأتي لاحقا لاتفاقات سابقة تفردت بها الإمارات كمستثمر أجنبي بمشروعات قناة السويس، التي بدأت باستحواذ مجموعة موانئ دبي العالمية في 2008 على إدارة ميناء العين السخنة، وانتهت قبل هذا الاتفاق بتأسيس شركة مشتركة لتنمية قناة السويس في أغسطس/آب الماضي.

ويرى خبراء اقتصاد أن هذه الاتفاقات تقضي على أي طموح جاد لتطوير قناة السويس، حيث إن من المفترض بمشروعها منافسة مشروعات جبل علي بالإمارات، وبالتالي فإن منح مشروعات القناة لهذا المنافس يقطع الطريق على أي تطوير يضر بمصالحه، ويؤكد ذلك ما يُعلن كهدف لهذه الاتفاقيات وهو تحقيق التكامل بين المشروعين.

وبالنظر إلى الخريطة الملاحية، سيظهر أن أغلب السفن العابرة لقناة السويس تتجه أولا إلى جبل علي للحصول على خدماتها المختلفة، ثم تعود إلى البحر الأحمر للمرور عبر القناة التي لا تتجه إليها مباشرة؛ بسبب عدم توفر أي خدمات صناعية ولوجستية فيها.

ويدعم ذلك، ما رصده مراقبون من محصلة إدارة موانئ دبي لميناء العين السخنة، حيث تشير البيانات إلى أنه وبعد مرور تسع سنوات على الاتفاق المبرم بين الطرفين، لم تتحقق أغلب بنوده، وهو ما يوجب فسخ عقد الاتفاق، الأمر الذي لم يحدث، بل استدعى اتفاقيات جديدة لصالح موانئ دبي.

غياب الخبرة
عدم امتلاك الهيئة العامة الاقتصادية لقناة السويس الخبرات اللازمة التي تساعدها على المنافسة رغم عمرها الطويل، هي المسوغ الرئيسي حسب الخبير الاقتصادي ومدرس الاقتصاد بأكاديمية أوكلاند الأميركية مصطفى شاهين، الذي دفع إلى هذه الاتفاقيات والتي بدورها ستجعل للإمارات يدا عليا في صناعة شكل التطوير المنتظر وصناعة القرار الاقتصادي للقناة.

ولم يجد شاهين في حديثه للجزيرة نت تفرد الإمارات بهذه المشاريع أمرا مستغربا، في ظل نظام يدعم ثقافة الاحتكار بمختلف أشكالها، ويسعى لاستمرار علاقته القوية بالدول الداعمة له والمؤيدة لسياساته مهما كانت طبيعتها، لافتا إلى أن ذلك يحقق مصالح الإمارات بضمان عدم وجود أي منافس لمشروعاتها بمنطقة جبل علي.

‪مصطفى شاهين انتقد عدم امتلاك هيئة قناة السويس الخبرات التي تساعدها على المنافسة‬ (الجزيرة)
‪مصطفى شاهين انتقد عدم امتلاك هيئة قناة السويس الخبرات التي تساعدها على المنافسة‬ (الجزيرة)

وفي هذا الإطار، يتوقع الخبير الاقتصادي أن تحرص موانئ دبي على ألا تشمل الخدمات التي ستعمل على إلحاقها بمشروع قناة السويس أيًّا من الخدمات المتوفرة في جبل علي، لضمان عدم تأثيرها على مصالحها.

ودفع هذا التفرد الإماراتي بالمشاركة في مشروعات قناة السويس مساعد وزير الخارجية الأسبق عبد الله الأشعل إلى اعتباره أحد درجات الاحتلال الأجنبي، الذي يأتي -حسب قوله- كأثر من آثار دور الإمارات في الانقلاب العسكري الذي وقع في الثالث من يوليو/تموز 2013، وتصرف النظام بعدها في مصر كضيعة مستباحة.

تخلص سهل
إلا أن الأشعل، وهو أستاذ للقانون الدولي، يرى في حديثه للجزيرة نت أنه من السهل على أي نظام قادم التخلص من هذه الاتفاقيات واسترداد جميع الحقوق المسلوبة، مشيرا في هذا السياق إلى ما قام به الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر في ديسمبر/كانون الأول 1961 من تأميم لممتلكات الأجانب في مصر.

لكن الخبير الاقتصادي عبد النبي عبد المطلب يرى أن هذه الاتفاقيات تحقق مصالح اقتصادية كبرى لمصر، في إطار حاجتها الملحة لكافة أنواع الاستثمار الذي تتراجع عوائده بشكل عام على مستوى العالم، بينما تبقى المنطقة على ضفاف قناة السويس من أعلى تلك العوائد.

ويرفض عبد المطلب التكهنات بمستقبل قاتم لمشروعات القناة والتحليلات التي تتوقع عدم النهوض بها، حيث يرى في حديثه للجزيرة نت أن رأس المال الإماراتي يمتاز بأنه من أفضل أشكال الاستثمار، وأن مؤسسات الإمارات هي الأفضل في الإدارة على مستوى العالم، وأن تلك الإدارة ستكون عامل جذب للاستثمار بمصر.

ورغم كون مشروعات تطوير قناة السويس باتت محصورة على الإمارات، فإنه لم يجد ذلك دليلا على احتكار أو تفرد، وإنما هو نتاج تفوق مؤسساتها في الفوز بأي مشروعات تنافسية، لافتا إلى أن قانون الاستثمار المصري يساوي بين كافة أشكال الاستثمار.

المصدر : الجزيرة