هل تتشكل "ترويكا جديدة" في تونس؟

جانب من اجتماع المدير التنفيذي لحركة نداء تونس حافظ السبسي (يمين) وزعيم حركة النهضة راشد الغنوشي (وسط) ورئيس الاتحاد الوطني الحر سليم الرياحي (يسار)/مقر حركة نداء تونس/العاصمة تونس/نوفمبر/تشرين الثاني 2017
جانب من اجتماع المدير التنفيذي لحركة نداء تونس حافظ قايد السبسي (يمين) وراشد الغنوشي (وسط) وسليم الرياحي (الجزيرة)

خميس بن بريك-تونس

برزت في تونس مؤخرا جبهة سياسية ثلاثية تجمع حركة نداء تونس وحركة النهضة وحزب الاتحاد الوطني الحر، رأى مراقبون أنها تنبئ بإعادة رسم ملامح الخريطة الحزبية للمشهد السياسي في البلاد.

وقد أثار هذا التحالف الجديد تساؤلات لدى سياسيين ومراقبين حول إمكانية قيام "ترويكا جديدة" تقود البلاد خلال المرحلة المقبلة بعيدا عن الائتلاف الحكومي الحالي.

ويحكم البلاد حاليا ائتلاف وقّع على ما سميت "وثيقة قرطاج" في يوليو/تموز 2016. وتحدد الوثيقة أولويات حكومة الوحدة الوطنية المكونة من ثمانية أحزاب بعد انسحاب الحزب الجمهوري بسبب انتقاده أداءها.

ويستأثر نداء تونس وحركة النهضة بأكبر المناصب في الحكومة بعد أن طويا خصوماتهما والعودة لنهج التوافق بين مؤسس "نداء تونس" الرئيس الباجي قايد السبسي وزعيم النهضة راشد الغنوشي.

تحالف جديد
لكن هذا التوافق تعزز حديثا عقب إعلان الاتحاد الوطني الحر عن عودته إلى سرب الداعمين لوثيقة قرطاج بعدما طعن فيها منسحبا من الحكومة العام الماضي.

وبعد انسحاب وزرائه من حكومة الوحدة الوطنية التي يقودها حاليا القيادي في حركة نداء تونس يوسف الشاهد، وجّه رئيس الاتحاد الوطني الحر سليم الرياحي انتقادات لاذعة للتحالف بين نداء تونس والنهضة.

‪سليم الرياحي‬  (وسط)(الجزيرة)
‪سليم الرياحي‬ (وسط)(الجزيرة)

والعام الماضي، انضم الوطني الحر إلى ما سميت آنذاك بجبهة "الإنقاذ والتقدم" بمشاركة حركة مشروع تونس. وتضم الجبهة منشقين عن نداء تونس وأحزابا صغيرة بهدف مواجهة تحالف النداء والنهضة.

وبعدها، سرعان ما تعكرت أوضاع الرياحي -رجل الأعمال والرئيس المستقيل لفريق النادي الأفريقي الشهير- عقب منعه من السفر وتجميد أرصدته بسبب قضايا تتعلق بالفساد.

أسباب العودة
وأثار توقيت الإعلان عن الجبهة السياسية الجديدة بين نداء تونس والنهضة تساؤلا عما إذا كان خضع الرياحي إلى ضغوط سياسية للعودة إلى بيت الطاعة مقابل التسوية.

بيد أن الإجابة عن هذا السؤال وردت بالنفي على لسان الرياحي، إذ أكد أن عودة حزبه إلى وثيقة قرطاج أمر طبيعي بعد دعوة حركتي نداء تونس والنهضة لتقوية الحزام الحكومي.

ويقول الرياحي إن حزبه جرب المعارضة إثر مغادرته الحكومة بسبب تحفظات "واليوم يرغب في تحمل المسؤولية والمحاربة من أجل مصلحة تونس من داخل الحكم وليس خارجه".

ويبدو -حسب متابعين- جليا أن الرياحي حظي بمباركة الرئيس التونسي ومؤسس حركة نداء تونس الباجي قايد السبسي، الذي استقبله قبل أيام قليلة بقصر قرطاج بالعاصمة التونسية، وهذه علامة رضا بين الرجلين.

آفاق الجبهة
ويرجح مراقبون إمكانية تشكيل "ترويكا جديدة" تجمع حركة النهضة المتصدرة لكتل البرلمان (68 مقعدا) ونداء تونس (56 مقعدا) والاتحاد الوطني الحر الذي بقي لديه 12 مقعدا.

وإذا ما تحالفت هذه الأطراف لتشكيل جبهة سياسية ستجمع 136 مقعدا من جملة 217، وهو ما يجعلها حسابيا تمتلك أغلبية مريحة داخل البرلمان ويتيح لها فرضية الحكم ثلاثيا.

‪البحيري: عودة الاتحاد الوطني الحر تأتي فقط في إطار مزيد من توسيع سياسة التوافق على الحكومة‬  (الجزيرة)
‪البحيري: عودة الاتحاد الوطني الحر تأتي فقط في إطار مزيد من توسيع سياسة التوافق على الحكومة‬ (الجزيرة)

لكن رئيس كتلة حركة النهضة نور الدين البحيري يؤكد للجزيرة نت أن الترحيب بعودة الاتحاد الوطني الحر لدعم "وثيقة قرطاج" يأتي فقط في إطار مزيد من توسيع سياسة التوافق على الحكومة.

ويقول البحيري إن الاجتماع التشاوري الأول الذي جمع قبل أيام حزبه ونداء تونس والاتحاد الوطني الحر لم يكن من أجل تشكيل جبهة سياسية ضد تحالفات أخرى، وإنما لتعزيز وثيقة قرطاج.

وحول ما إذا كانت هناك نقاشات لإمكانية انضمام الاتحاد الوطني الحر للحكومة أو تشكيل تحالف حكومي، يؤكد أنه لا وجود لمشاورات في هذا الاتجاه، وأن "التحوير الوزاري بيد رئيس الحكومة".

بوادر ابتعاد
لكن المحلل السياسي نور الدين المباركي يقول للجزيرة نت إن هناك بوادر للابتعاد عن "وثيقة قرطاج" والتوجه إلى تأسيس تحالف سياسي حكومي جديد يحصر الحكم بيد الأحزاب الثلاثة المذكورة.

ويرى المباركي أن هناك حالة من التقلبات في المشهد السياسي بعد بروز هذه الجبهة السياسية، إضافة لما سميت مؤخرا بالجبهة البرلمانية التي تضم أحزابا في الحكم وانتقدت بشدة قيام هذه "الترويكا".

وكان يفترض أن ينعقد اجتماع تشاوري جديد بين حركة نداء تونس وحركة النهضة والاتحاد الوطني الحر يوم الاثنين، لكن تم تأجيله إلى موعد لاحق بخصوص مناقشة مشروع قانون المالية.

المصدر : الجزيرة