قائمة الخمسين.. "تأميم" الفتوى بالفضائيات المصرية

(تصوير خاص لمواطن يسأل مفت حول أحد المسائل الشرعية ـ القاهرة ـ يوليو 2017)
قصر الحق في الفتوى على شخصيات معينة يعكس رغبة السلطة في تعزيز سيطرتها على المجال الديني (الجزيرة)
عبد الله حامد-القاهرة

أعدت مؤسستا الأزهر ودار الإفتاء بمصر قائمة بخمسين عالما يحق لهم وحدهم الفتوى على القنوات الفضائية، مما اعتبرها مراقبون خطوة لضبط عشوائية الفتاوى، في وقت رأى فيه آخرون محاولة من النظام للهيمنة على الخطاب الديني بدعوى تحديثه.

وتتألف القائمة من مشايخ شغلوا مناصب رسمية في السابق وآخرين يتولون حاليا مسؤوليات في الأزهر ودار الإفتاء، مثل مفتي مصر الحالي شوقي علام والسابق علي جمعة.

وقد سقط من القائمة اسم المستشار الديني لرئيس الجمهورية أسامة الأزهري، لكنه سرعان ما أضيف لها بأوامر عليا.

وكذلك خلت القائمة من عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية خالد الجندي، الذي تحدث في مداخلته بإحدى الفضائيات المحلية عن حزنه لخلوها ممن "ساندوا الجيش والشرطة في الحرب على الإرهاب"، مؤكدا أنه سيفتي خارج الأستوديو لمن يستفيته.

لكن الجندي ظهر لاحقا منقاداً للقرار في برنامج بإحدى الفضائيات، مبرزا على الشاشة عبارة "الحلقة ليست للفتوى".

ولم تضم القائمة بعض المشايخ الذين ظلوا قريبين من الأنظمة المتعاقبة على الحكم كرئيس جامعة الأزهر الأسبق أحمد عمر هاشم، كما خلت من سلفيين لا تزال علاقاتهم جيدة بالنظام كالشيخ محمد حسان.

ومن المتوقع أن يناقش البرلمان المصري مشروع قانون تنظيم الفتوى نهاية نوفمبر/تشرين الثاني الجاري.

هيمنة السلطة
وقال الشيخ سلامة عبد القوي مستشار وزير الأوقاف السابق إن "تحديد هذه القائمة أمر غير مسبوق، ويستهدف الهيمنة على الفتوى، ليظل الحد بين الحلال والحرام هو ما يراه الحكم العسكري، لتنطق به ألسنة هؤلاء المشايخ ومن يعترض سيحال للتقاعد كمفت سابق".

ويرى عبد القوي في حديث للجزيرة نت أن "القائمة تتعارض مع إجراءات اتخذتها لجنة الفتوى بالأزهر من قبل كأكشاك الفتوى"، ملمحاً إلى حالة من التخبط تعانيها المؤسسة الدينية بعد أن فقدت استقلاليتها ومصداقيتها "تحت الحكم العسكري". ولكنه يؤيد تنظيم الفتوى من حيث المبدأ ويطالب بتأهيل آلاف المشايخ لهذا الغرض.

الأزهر تعهد بمحاسبة من يخطئ في الفتوى على الهواء وكشف عن عزمه إصدار قوائم جديدة من المفتين (الجزيرة)
الأزهر تعهد بمحاسبة من يخطئ في الفتوى على الهواء وكشف عن عزمه إصدار قوائم جديدة من المفتين (الجزيرة)

ويعتبر المتحدث باسم الجبهة السلفية خالد سعيد أن "قرارات الأزهر ودار الإفتاء غير ملزمة لأحد، فمعلوم سيطرة الأجهزة الأمنية على المؤسسات الدينية".

وقال إن الفضاء الإعلامي الذي يبث فيه غالبية هؤلاء فتاواهم يساهم في تشويش الرأي العام لصالح السلطة دائما، ويضاعف زهد الجماهير في قيمة الفتوى بسبب التضارب والغرابة.

ورقة تهديد
ورأى أن تحديد قائمة للمفتين قرار فوقي بلا نتائج لدى الناس، ومحاولة جديدة لتأميم الفتوى، وذلك من أجل "إشغال الرأي العام عن إخفاقات النظام، وغاية ما في الأمر أن تستخدم القائمة كورقة تهديد لبعض المخالفين لرؤية النظام الدينية".

وبالتوازي، تسلم أمس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام قائمة الخمسين. وشدد رئيسه مكرم محمد أحمد على "عدم أخذ أي وسيلة إعلام بأي فتوى إلا من المسجلين بالقائمة".

ويرحب الكاتب الصحفي فتحي مجدي بـ"تنظيم الفتوى على الفضائيات"، إلا أنه يبدي تحفظا على "اختيار قائمة بعينها وكأن بقية العلماء لا يصلحون للفتوى، وهذا أمر ضد فكرة التنوع الذي هو رحمة".

ويلقي مجدي -وهو خريج أزهري- باللائمة على وسائل الإعلام الباحثة عن الانتشار عبر ترويج الفتاوى الشاذة.

وتابع "الأزهر يزخر بكوادر في الإعلام وغيره على قدر كبير من العلم والفقه، بما يساعده على تنفيذ هذه الفكرة واكتساب ثقة الناس، لو جرى توسيع الدائرة".

بدوره، تعهد وكيل الأزهر عباس شومان بمحاسبة أي شخص من قائمة الخمسين يخطئ في فتواه على الهواء، وكشف في مداخلة بإحدى الفضائيات عن قوائم أخرى ستصدر لاحقا تضم شخصيات يحقّ لها ممارسة الفتوى.

المصدر : الجزيرة