هل ينزع ماكرون فتيل أزمة الحريري؟

France's President Emmanuel Macron reviews troops during the Armistice Day ceremonies marking the end of World War I in Paris, France, November 11, 2017. REUTERS/Thibault Camus/Pool
ماكرون دعا الحريري لزيارة باريس ونفى أن تكون لجوءا سياسيا (رويترز)

هشام أبو مريم-باريس

يبدو أن الأزمة اللبنانية في أولى مراحلها للتدويل بعدما دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأربعاء رئيس الوزراء اللبناني المستقيل سعد الحريري إلى فرنسا، نافيا أن يكون هذا العرض بمثابة توفير لجوء سياسي.

وجاءت دعوة ماكرون بعد تصعيد الموقف اللبناني الرسمي ضد السعودية، وعبرت عن ذلك تصريحات الرئيس ميشال عون الذي اتهم الرياض باحتجاز الحريري وانتهاك المواثيق الدولية.

وكان قصر الإليزيه قد أصدر بيانا أعلن فيه أن دعوة ماكرون جاءت بعد اتصال هاتفي مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ورئيس الوزراء اللبناني المستقيل.

وزير الخارجية الفرنسي (يسار) التقى الحريري في الرياض (الجزيرة)
وزير الخارجية الفرنسي (يسار) التقى الحريري في الرياض (الجزيرة)

حراك فرنسي
منذ تفجر الأزمة اللبنانية بتقديم رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري استقالته من الرياض وفي ظروف غامضة عملت فرنسا على تحريك آليتها الدبلوماسية لحلحلة الأزمة.

ويرى حسني عبيدي أستاذ العلاقات الدولية في جامعة باريس مدير مركز الدراسات والأبحاث حول العالم العربي في جنيف أن الموقف الفرنسي مر بثلاث مراحل أساسية بدأت بالانتظار لمعرفة أين تتجه الأمور في لبنان وعدم التدخل بشكل مباشر.

أما المرحلة الثانية فكانت مرحلة توجس وقلق، وهو ما دفع ماكرون للاطمئنان على حال الحريري ولقائه بولي العهد السعودي والحصول منه على إجابات مباشرة فيما يخص آخر التطورات في المملكة.

وتبع ذلك التدخل في الأزمة بشكل مباشر بعد قناعة باريس بأن الأمور تتجه نحو الأسوأ، وأن غياب الحريري واستقالته في ظروف غير عادية قد تكون لهما تداعيات خطيرة على لبنان وعلى التوازنات الإقليمية.

الرحيل نحو باريس
وعن قبول سعد الحريري الدعوة الفرنسية للمجيء لفرنسا مع عائلته ونفي باريس في نفس الوقت أن يكون الأمر بمثابة لجوء سياسي يرى رئيس التحرير في إذاعة مونت كارلو الدولية بفرنسا مصطفى الطوسة أن ذلك يدخل في إطار الحلول التي اقترحتها باريس وبعض أصدقاء السعودية للخروج من الباب المسدود الذي وصلت إليه هذه الأزمة.

وقال إن هذا الحل يسمح للحريري بألا يتوجه الى لبنان بحكم التهديدات التي تلقي بظلالها على حياته، ويسمح له في نفس الوقت بألا يبقى في السعودية، ويرسخ الانطباع الدولي بأنه رهينة الرياض ومشلول الحركة.

ويضيف المحلل السياسي أن هناك اقتناعا راسخا بأن العامل الأساسي لهذا السيناريو هو تهديد الرئيس ميشال عون باللجوء إلى مجلس الأمن وتقديم شكوى ضد السعودية باحتجاز الحريري.

وفي السياق، استبعد عبيدي أن تؤثر الأزمة اللبنانية على العلاقة بين الرياض وباريس إلا في حال تعرض المصالح الفرنسية للخطر في لبنان، لأن فرنسا تربطها علاقات قوية بالسعودية بسبب المصالح الاقتصادية المشتركة.

يذكر أن الرياض كانت تعهدت لباريس بدفع فاتورة تسليح فرنسي للجيش اللبناني بقيمة تتجاوز أربعة مليارات دولار.

وأوضح أن إيمانويل ماكرون بصدد التحضير لزيارة رسمية إلى إيران، ولهذا يرغب بالبقاء على نفس المسافة بين طهران والرياض كي لا تفهم الأمور على أن هناك تقاربا فرنسيا إيرانيا على حساب السعودية.

محمد بن سلمان (يمين) التقى وزير الخارجية الفرنسي (الجزيرة)
محمد بن سلمان (يمين) التقى وزير الخارجية الفرنسي (الجزيرة)

دعم أوروبي
ويشير الطوسة إلى أن الحراك الدبلوماسي الفرنسي يمثل كنه المقاربة الأوروبية لهذه الأزمة لسبب بسيط هو أن ماكرون لا يقوم بأي خطوة دولية مؤثرة وبهذا الحجم وهذه الانعكاسات دون أن يستشير حلفاءه الأوروبيين، وعلى رأسهم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل.

وأضاف أن ماكرون يعتبر أن صوت فرنسا يسمع بقوة إذا كان مدعوما من طرف المنظومة الأوروبية، وإستراتيجية فرنسا تكون أكثر فاعلية إذا استطاعت أن تكون واجهة الدبلوماسية الأوروبية.

وتحظى العلاقات الفرنسية اللبنانية بعلاقات متميزة منذ عقود، ومع وصول رفيق الحريري إلى رئاسة الحكومة اللبنانية مطلع التسعينيات بات لفرنسا دور جديد في لبنان هو دور المانح والداعم لإعادة إعمار البلاد، ونشأت علاقة صداقة حميمة بين الحريري والرئيس الفرنسي الأسبق جاك شيراك.

وبعد اغتيال الحريري كانت فرنسا أول دولة تدعم إنشاء محكمة دولية خاصة بلبنان، ودعمت تولي سعد الحريري رئاسة الوزراء في لبنان الذي حافظ على علاقات قوية مع باريس حتى الآن.

المصدر : الجزيرة