الاستفتاء ومجلس القيادة.. يؤججان الخلافات داخل البيت الكردي

اربيل مركز اقليم كردستان - البرلمان
البرلمان في إقليم كردستان العراق (الجزيرة نت)

الجزيرة نت-بغداد 

شكلت الانتقادات التي أطلقها عدد من القادة الأكراد ضد سياسة رئيس إقليم كردستان العراق مسعود البارزاني، تحديا جديدا أمام فرصة قيام الدولة الكردية.

جاء ذلك بعد الاستفتاء الذي تسبب في فرض عقوبات اقتصادية وسياسية على الإقليم من بغداد ودول مجاورة وخاصة تركيا وإيران الرافضتين لفكرة الانفصال.

وسبق للقيادية في حزب الاتحاد الوطني الكردستاني هيرو إبراهيم أحمد -زوجة الرئيس الراحل جلال الطالباني– أن حذرت من تبعات سياسة العناد التي ينتهجها البارزاني، ودعت إلى إعادة تقييم الأخطاء.

وأضافت هيرو في بيان صدر عنها أن المجتمع الدولي ودول الجوار ضغطوا لتأجيل الاستفتاء، إلا أن القيادة الكردستانية تحدت العالم وأجرته، لافتة إلى أن الشعب سيدفع ضريبة هذا العناد.

واستبعد القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني سعدي بيرة أن تكون هيرو من كتبت البيان، موضحا "أعرفها منذ سبعينيات القرن الماضي، وما جاء في البيان ضد توجهاتها والطريقة التي تفكر بها حيال مشاكل الإقليم"، لكنه اعترف بأنها اعترضت على قرار تشكيل مجلس القيادة السياسية الكردستانية بعد حل مجلس الاستفتاء، واعتبرته قرارا غير مقبول وأن المجلس الجديد شبيه بمجلس قيادة الثورة إبان نظام صدام السابق.

وأشار بيرة إلى أن قرار تأسيس المجلس ليس نهائيا، وأن حل الموضوع سيكون مطروحا خلال اجتماع الأحزاب الكردية المقبل، نافيا أن تؤثر تلك الخلافات على قرار الاستفتاء أو الحوار مع بغداد، خاصة مع وجود بوادر وإشارات تشجع عليه، مؤكدا "لسنا دعاة قوة، بل دعاة المنطق والقبول بالنظام الفدرالي أو الكونفدرالي في إطار دولة واحدة".

‪القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني سعدي بيرة‬ (الجزيرة نت)
‪القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني سعدي بيرة‬ (الجزيرة نت)

القيادة الكردستانية
وسبق أن أعلن الإقليم حلّ المجلس الأعلى للاستفتاء برئاسة البارزاني وتحويله إلى "مجلس القيادة الكردستانية" مهمته الحوار مع بغداد.

من جانبه، انتقد النائب عن حركة التغيير (الكردية) مسعود حيدر قرار تشكيل مجلس القيادة، مبينا "لسنا مع تشكيل مؤسسات أخرى خارج إطار برلمان وحكومة الأقاليم"، وتابع أن الأمر يحتاج إلى اتفاق الأحزاب الكردية، وأن يشرع وفق قانون يحدد صلاحيات هذا المجلس.

وحول الانشقاق الذي تعرض له الاتحاد الوطني، قال حيدر إن هناك بعض المشاكل المتعلقة بالجانب التنظيمي للحزب، وهو أمر غير مخفي، لكنه اعترف بأن الخلافات من شأنها أن تؤثر على اتخاذ القرار السياسي.

وسبق لنائب رئيس حزب الاتحاد الوطني الكردستاني برهم صالح الذي أعلن انشقاقه وتشكيل حزب معارض باسم "التحالف من أجل الديمقراطية والعدالة"، أن اتهم البارزاني وحزبه بـ"الاستيلاء على السلط"، وأن خيار الاستفتاء كان غير مدروس، ودعا إلى الاستجابة لدعوة المرجعية الدينية لحل الأزمة مع بغداد.

ويعترف حيدر بأن أزمة رئاسة الإقليم انتهت مع انتهاء الفترة القانونية للبارزاني، وحول خلافات بغداد مع البارزاني ومصير الحوار معها، قال إنه "لا يمكن ربط المشاكل بين أربيل وبغداد بالأشخاص، أو من الذي يقرر أو يقول، بل يتعلق الأمر بمواد دستورية ترفض الأخيرة تنفيذها".

‪النائب عن حركة التغيير الكردية مسعود حيدر‬ (الجزيرة نت)
‪النائب عن حركة التغيير الكردية مسعود حيدر‬ (الجزيرة نت)

معارضة داخلية
ويصر البارزاني على استمراره في السلطة رغم انتهاء ولايته عام 2015، الأمر الذي ولّد معارضة داخلية أسفرت عن توقف برلمان الإقليم لنحو سنتين، قبل أن يعود ويستأنف مهامه قبل إجراء الاستفتاء بأيام.

بالمقابل اعتبر عضو حزب الاتحاد الوطني الكردستاني طارق جوهر أن اختلاف رؤى الأحزاب الكردية بشأن الاستفتاء يعد أمرا طبيعيا، مؤكدا أنه رغم الخلافات فإن الجميع مع حق تقرير المصير، وأن الأحزاب التزمت بقرار الاستفتاء الذي صوتت عليه الشهر الماضي.

ويعترف بوجود خلافات سياسية داخل الإقليم قد تستمر إلى ما بعد الاستفتاء، بحسب رأيه، منتقدا الأطراف التي راهنت على خلافات الأكراد من أجل إفشال الاستفتاء الذي لجؤوا إليه بعد وصول الأمور إلى طريق مسدود مع بغداد.

ولا يختلف نمط الأحزاب الكردية عن نمط الأحزاب الموجودة في الشرق الأوسط التي ما زالت تعيش "الشرعية الثورية"، بحسب الخبير السياسي هفال زاخوي، ويرى أن الجانب الفكري غائب عن المشكلة الكردية لطغيان المصالح الحزبية، الأمر الذي لا يخدم عملية الاستفتاء والحوار مع بغداد مستقبلا.

وتوقع أن تشهد المرحلة المقبلة مزيدا من الانقسامات داخل الأحزاب الكردية، مما يخلق حالة من الضعف، موضحا "لن يكونوا بتلك القوة التي عهدناه بها خلال حوارهم مع بغداد".

المصدر : الجزيرة