كوكس بازار.. مدينة يأتيها رزقها من شقاء الروهينغا

رحلات مطار كوكس بازار تضاعفت بعد اندلاع أزمة الروهينغا في أغسطسآب الماضي
رحلات مطار كوكس بازار تضاعفت بعد اندلاع أزمة الروهينغا في أغسطس/آب الماضي (الجزيرة نت)

سيد أحمد الخضر-كوكس بازار

طوال العام، كان البنغالي أمين نور يكافح للحصول على 15 دولارا يوميا ولكنه الآن يكسب أكثر من خمسين حيث يعمل مترجما ومرشدا، ولا يكاد يتوقف عن الحديث هاتفيا مع موظفي الفنادق ومكاتب المطار.

ابتسم الحظ لنور مع قدوم هيئات خيرية تركية لتوزيع مساعدات إغاثية على النازحين الروهينغا في ضواحي مدينة كوكس بازار، وبعدها تعلّم كيف يقتنص الوافدين الجدد من موظفي الإغاثة والصحفيين.

وكوكس بازار مدينة سياحية تطل على خليج البنغال، وتتبع لولاية شيتاغونغ الواقعة في الجنوب الشرقي من بنغلاديش على الحدود مع ميانمار (بورما).

وعادة ما تستقطب المدينة السياح الأجانب والمحليين في الفترة من أكتوبر/تشرين الأول وحتى مارس/آذار من كل عام، بينما تبقى شواطئها شبه خالية في بقية الأشهر.

ولكنها اكتسبت زخما آخر بعد 25 أغسطس/آب الماضي حين تدفق نازحو أقلية الروهينغا المسلمة إلى البلاد هربا من قمع الجيش والمليشيات البوذية في ميانمار.

وأقيمت مخيمات اللجوء في ضواحي كوكس بازار، فتحولت إلى وجهة عالمية يقصدها مراسلو وسائل الإعلام وموظفو الهيئات الخيرية وموفدو المنظمة الدولية.

صحفيون وعمال إغاثة أتراك أثناء مراقبتهم عبور النازحين الروهينغا على ضفة نهر ناف المقابلة لبنغلاديش
صحفيون وعمال إغاثة أتراك أثناء مراقبتهم عبور النازحين الروهينغا على ضفة نهر ناف المقابلة لبنغلاديش

فرص وأرزاق
وعندما طلبتُ الإقامة بفندق "أوشن باردايس"، ردت موظفة الاستقبال بأنه لا يمكنهم استضافة أي نزيل جديد، لأن نسبة إشغال الغرف بلغت 100% بعد أن كانت تتراوح في الأحوال العادية بين 30 و50%.

وكذلك الحال في فندق "سيغول" المطل على الشاطئ حيث يقيم موظفون من الصليب الأحمر والهيئات الخيرية التركية والعديد من الصحفيين الآسيويين والغربيين.

لقد أدرّت محنة الروهينغا أرزاقا لم تكن في الحسبان على مدينة كوكس بازار، فوفرت دخلا لبعض العاطلين عن العمل وأنعشت قطاعي النقل والفنادق بشكل خاص.

وتفيد موظفة الاستقبال بفندق "سايمان بيتش" بأن لديهم ضيوفا قدموا من الخليج وتركيا وماليزيا واليابان، وأن نسبة إشغال الغرف بلغت 80%، في حين كانت مستقرة في حدود الـ 30%.

وفي الظروف العادية كان مطار كوكس بازار المحلي يستقبل في المتوسط ثلاث رحلات يومية تقل سياحا من الغرب وبعض الدول الآسيوية، إلى جانب المواطنين القادمين من العاصمة داكا

لكن هذا الوضع تغير بعد بدء نزوح الروهينغا، إذ اكتظ المطار الصغير جدا بمسافرين من مختلف أنحاء العالم تقلهم غالبا طائرات محلية متواضعة في مظهرها وخدماتها.

وفي تصريح للجزيرة نت، أفاد مدير المطار شادون كومار ماهانتو بأنهم يستقبلون الآن في المتوسط سبع رحلات يومية بفعل تداعيات أزمة نزوح الروهينغا.

سيارات المنظمات الدولية لا تخطئها العين أمام فنادق كوكس بازار وعلى شوارعها
سيارات المنظمات الدولية لا تخطئها العين أمام فنادق كوكس بازار وعلى شوارعها

ارتفاع الإقبال
ويضيف ماهانتو أن المطار يشهد يوميا قدوم أعداد كبيرة من موظفي الهيئات الخيرية والمنظمات الدولية ومراسلي وسائل الإعلام من مختلف أنحاء العالم.

ويقول مسؤول بوكالة جاتولا لتأجير السيارات إن 50% من مركباتهم أجرها صحفيون وعمال إغاثة وموفدون دوليون للتنقل بها إلى مخيمات النازحين الروهينغا.

ويوضح مالك سيارة أجرة يدعى رمزان أن الطلب كان متوسطا، ولكنه اليوم ارتفع بشكل مذهل "إلى حد أنك تعتذر لزبونين في اليوم الواحد لأنك سبق أن التزمت لشخص سبقهما".

ويلاحظ رمزان أن الأميركيين والأوروبيين والصينيين توافدوا على المدينة بشكل كبير إلى جانب العرب والأتراك والماليزيين.

ولا تتوفر بيانات رسمية عن الأجانب الذين قدموا المدينة لتنفيذ مهمات بمخيمات الروهينغا، ولكن صحيفة "ديلي ستار" البنغالية نقلت في سبتمبر/أيلول الماضي أن أعداد عمال الإغاثة والصحفيين الأجانب كبيرة جدا إلى حد أنها أثرت على الحركة في الشوارع، فلم تعد الزحمة تتراجع في عطلة الأسبوع خلافا للوضع العادي. 

وتقول الصحفية الأميركية شيريل ماير إن الحكومات خذلت الروهينغا، ولكن أزمتهم استفزت الضمير الإنساني، مما يفسر تدفق عمال الإغاثة ومراسلي وسائل الإعلام على مخيمات النزوح.

المصدر : الجزيرة