إجماع تركي على رفض انفصال كردستان العراق

متظاهرون في اسطنبول يطالبون بتصعيد العمليات ضد حزب العمال الكردستاني
متظاهرون في إسطنبول يطالبون بتصعيد العمليات ضد حزب العمال الكردستاني (الجزيرة)

 خليل مبروك-إسطنبول

عزز استفتاء انفصال إقليم كردستان العراق الشعور القومي التركي، مثيرا المخاوف من قيام كيان كردي في جنوب البلاد، وتشهد المدن التركية خصوصا إسطنبول والعاصمة أنقرة مظاهرات شعبية تطالب الحكومة بحماية التركمان في كركوك، والحيلولة دون وضع مصيرهم بيد القيادة الكردية التي ستدير الإقليم إذا تم الانفصال.

ويرى الكاتب التركي أحمد فارول أن انفصال إقليم كردستان العراق "يعني للأتراك تحفيز مساعي انفصال الأكراد في بلدهم، الأمر الذي يرفضه الأتراك بالمجمل وإن اختلفوا في التفاصيل".

ووفقا لفارول، فإن قضية كركوك التي يقيم فيها تركمان العراق والتي شملها الاستفتاء "تمثل مركز اهتمام المجتمع التركي لارتباطها بالإنسان إضافة إلى الأرض" مضيفا أن قضية كركوك زادت من اهتمام الشارع التركي ومتابعته لملف الانفصال.

أحمد فارول: قضية كركوك تمثل محور اهتمام المجتمع التركي
أحمد فارول: قضية كركوك تمثل محور اهتمام المجتمع التركي

الخريطة السياسية
وعلى صعيد ردود فعل الأحزاب والقوى السياسية صعد ملف تعامل حكومة حزب العدالة والتنمية مع استفتاء أربيل سريعا على سلم العلاقات الوطنية بين الأحزاب والقوى التركية، دون أن يغير الكثير في خريطة الاصطفافات.

وأعلن زعيم الحركة القومية دولت بهتشلي أن خمسة آلاف متطوع من حزبه مستعدون للقتال دفاعا عن التركمان في كركوك، موجها النقد للحكومة التركية التي اتهمها بالتقاعس عن العمل على حماية التركمان في الإقليم.

وكانت تلك المرة الأولى التي يوجه فيها الحزب القومي النقد للحكومة منذ تحالف الجانبين عقب محاولة الانقلاب الفاشل، واتفاقهما على المضي في إجراءات تعديل الدستور التركي، لكن بهتشلي نفسه عاد في تصريح لاحق ليعلن أن "الدولة" تعاملت مع ملف استفتاء أربيل بما يليق بتركيا.

أما حزب الشعب الجمهوري فقد انتقد على لسان أوزتورك يلماز نائب رئيسه التقارب الذي كان يخيم على علاقة الحكومة التركية بقيادة إقليم شمال العراق، مطالبا حكومة بن علي يلدرم بالتعامل مع رئيس الإقليم مسعود البارزاني بـ"اللغة التي يفهمها".

وتغيب نواب حزب الشعوب الديمقراطي -الحزب الكردي الوحيد في البرلمان- الأحد الماضي عن المشاركة في الجلسة الافتتاحية للسنة البرلمانية الجديدة، لكنهم لم يغيبوا عن أسهم النقد التي وجهها الرئيس رجب طيب أردوغان لهم قائلا "إن مكانهم هو جبل قنديل" في إشارة إلى مقر قيادة حزب العمال الكردستاني.

‪ماجد عزام: استفتاء إقليم كردستان العراق كرس غياب حزب الشعوب الديمقراطي‬  ماجد عزام: استفتاء إقليم كردستان العراق كرس غياب حزب الشعوب الديمقراطي (الجزيرة)
‪ماجد عزام: استفتاء إقليم كردستان العراق كرس غياب حزب الشعوب الديمقراطي‬  ماجد عزام: استفتاء إقليم كردستان العراق كرس غياب حزب الشعوب الديمقراطي (الجزيرة)

الجدل الديمقراطي
ووصف الباحث ماجد عزام ما تشهده أروقة الأحزاب التركية تجاه ملف انفصال إقليم شمال العراق بـ "الجدل والسجال الديمقراطي المستند الى الاستفادة من الأخطاء والمواقف والفرص".

وقال عزام إن حزب الشعب الجمهوري "تصرف كحزب يقود المعارضة فوجه النقد للحكومة من مدخل علاقاتها السابقة مع أربيل، دون أن يستبعد احتمالية سعي الحزب للضغط على حكومة العدالة والتنمية لدفعها إلى ارتكاب أخطاء يستغلها في معارضته لها".

وفيما يتعلق بموقف الحركة القومية، لفت إلى أن "تقاربها مع حزب العدالة والتنمية استمر في ملف انفصال أربيل، مؤكدا أن تبادل الانتقادات بين الحزبين لا يمنع تقاربهما المتواصل في القضايا الكبرى"، مستشهدا بمحاولات تشكيل قوائم مشتركة من حزبي اليمين ويمين الوسط لخوض الانتخابات المرتقبة في العام 2019.

ورأى عزام أن قضية انفصال إقليم كردستان العراق كرست غياب حزب الشعوب الديمقراطي عن التأثير في مجريات الحياة العامة في تركيا منذ دعمه لانسحاب حزب العمال الكردستاني من عملية السلام في العام 2015.

ورأى أن الحزب نفسه لم يتحمس لمساعي الانفصال في شمال العراق "لاعتبارات تتعلق بالمناكفات مع قيادة مسعود البارزاني، معبرا عن قناعته بأن حزب العدالة والتنمية الذي يضم نوابا أكرادا أكثر من حزب الشعوب نفسه يضع كل تلك المعطيات نصب عينيه في تعاطيه مع ملف انفصال الإقليم العراقي".

المصدر : الجزيرة