لماذا أرجأت حكومة الوفاق رفع العقوبات ضد غزة؟

1. غزة، أكتوبر 2017، فلسطينيون ينظمون وقفات قابلة مقر مجلس الوزراء بغزة للمطالبة بحقوقهم حسب وصفهم.
فلسطينيون نظموا وقفات أمام مقر مجلس الوزراء بغزة للمطالبة بحقوقهم (الجزيرة)

محمد عمران-غزة

لم يتوقع المواطن الفلسطيني علاء البراوي أن تؤجل حكومة الوفاق قراراتها بشأن معالجة الأزمات الكبيرة التي تعاني منها غزة، انتظارا للنتائج التي ستسفر عنها اجتماعات حركتي المقاومة الإسلامية (حماس) والتحرير الوطني الفلسطيني (فتح) بالقاهرة منتصف الأسبوع المقبل.

وكان الشاب -الذي يعمل ناطقا إعلاميا لذوي شهداء 2014- يأمل أن تفصل الحكومة بين معالجة مشكلات الأوضاع الإنسانية كالكهرباء والصحة وخصم الرواتب ومستحقات الشهداء والجرحى وغيرها، وبين مشكلات تمكين الحكومة كموظفي غزة والأمن والمعابر.

لكن غياب القرارات الحكومية لحل بعض المشكلات التي تفاقمت بعد إجراءات الرئيس محمود عباس "العقابية" ضد قطاع غزة خلال الأشهر الماضية، أصاب الشاب -كغيره من فئات فلسطينية عديدة بالقطاع- بخيبة أمل، خاصة أن ما أعلنته الحكومة لم يلب تطلعاتهم.

ويقول للجزيرة نت إن ذوي الشهداء وقفوا أمام مقر مجلس الوزراء للمطالبة بحقوق شهداء الحرب الأخيرة كفئات أخرى متضررة كثيرة تظاهرت بحثاً عن حقوقها، لكنهم فوجئوا بأن "المشكلات الكبيرة" التي توقعوا حلها لم يتخذ قرار بمعالجتها، مضيفا أن الجميع ينتظر إجراءات حكومية تعيد الأمل لأهالي غزة وتبعث التفاؤل في نجاح المصالحة.

وبينما اعتبرت وزيرة الاقتصاد الوطني عبير عودة أن مشكلات عشر سنوات من الانقسام لا يمكن معالجتها بيوم وليلة وفي جلسة حكومية واحدة، رأت أن إرجاء اتخاذ بعض القرارات المتعلقة بالوضع العام بغزة جاء انتظاراً لمعالجة ملفات حساسة باجتماعات القاهرة بين حركتي فتح وحماس.

تداعيات الانقسام
وأكدت الوزيرة الفلسطينية للجزيرة نت أن لدى حكومة الوفاق خططا جاهزة للتعامل مع كافة ملفات القطاع، وأن كافة الإجراءات سيتم إلغاؤها بعد وصول اللجان الحكومية المتخصصة لصيغة متوافق عليها بين الطرفين.

‪‬ عودة: لدى حكومة الوفاق خطط جاهزة للتعامل مع كافة ملفات القطاع(الجزيرة)
‪‬ عودة: لدى حكومة الوفاق خطط جاهزة للتعامل مع كافة ملفات القطاع(الجزيرة)

وأوضحت أن الحكومة أعدت برنامجا لمدة عام لتواجد الوزراء والطواقم المختصة بغزة، بحيث تكون الإجراءات سريعة في إطار جاهزية الحكومة لتسلم مهامها وتحمل مسؤولياتها وحل المشاكل والتحديات الناتجة عن تداعيات الانقسام حسب الأولويات، وفق تعبيرها.

بيد أن أستاذ العلوم السياسية بجامعة الأمة حسام الدجني حذر من تداعيات البطء في معالجة الملفات، والانعكاس السلبي من حيث فقدان الشارع تدريجياً للثقة بالحكومة والقيادات السياسية، إضافة إلى السماح لجماعات المصالح بالضفة والقطاع بالعبث والتخريب بملف وطني بحجم إنهاء الانقسام.

ويبين في حديثه للجزيرة نت أن الشارع كان ينتظر رفع العقوبات، وليس تشخيص رئيس الوزراء للمشكلات من دون علاجها، داعياً إلى عدم الزج بالمشكلات الإنسانية كالكهرباء والأدوية والعلاج بالخارج وربطها بما سيحدث بالقاهرة لاحقاً، لتفادي توسع حالة الإحباط بين الفلسطينيين.

ويعزو الدجني تأجيل رفع العقوبات عن غزة إلى رؤية الرئيس محمود عباس أن حركة حماس جاءت للمصالحة نتيجة الضغوط التي مورست عليها وليس استشعاراً بالخطر على الوطن كما تقول الحركة.

 

أثمان باهظة
وبالتالي، فإن الرسالة الأساسية -بحسب أستاذ العلوم السياسية- هي أن رفع العقوبات والتخفيف من الأزمات يتطلبان وقتا طويلا سعيا وراء دفع حركة حماس لأثمان باهظة قد لا تتوقف عند ملفات صغيرة كالموظفين، بل تذهب إلى سلاح المقاومة، انطلاقاً من رؤية مبنية على هزيمة حماس السياسية، وفق تقديره.

في المقابل، فإن المحلل السياسي طلال عوكل يعتقد بأن توقع اتخاذ قرارات فورية برفع العقوبات غير واقعي، لأن تسلم الحكومة ووزرائها المقرات الحكومية لا يعدو كونه تسليما برتوكوليا، وليس تمكينها من إدارة غزة، كما أن سقف قرارات كهذه يعد سياسيا وليس من اختصاص الحكومة بوصفها أداة تنفيذية، حسب وصفه.

وفي الوقت الذي رجح فيه المحلل الفلسطيني أن السلطة بالضفة الغربية لن تقدم على خطوات كثيرة قبل أن تحصل على الكثير من حركة حماس بمفاوضات القاهرة المقبلة في إطار تكتيكها السياسي، أكد أن الشارع الفلسطيني مستعد لمزيد من الصبر والانتظار لمدة قصيرة، بعد تجربته المريرة خلال سنوات الانقسام الطويلة.

وتوقع في حديثه للجزيرة نت أن يلمس أهالي القطاع خطوات تخفيف ملموسة بعد اجتماعات القاهرة التي يرجح نجاحها في حسم العراقيل التي تواجه عمل الحكومة، معتبرا أن واقع غزة لا يحتاج لمجرد تحسين الكهرباء أو فتح المعابر، بل إن القطاع بحاجة إلى عملية إعادة ترميم شاملة لتداعيات الانقسام الكثيرة.

المصدر : الجزيرة