ماذا وراء إزاحة السيسي شركاء الانقلاب؟

السيسي أدخل الجيش طرفاً في صراع سياسي، وأنزله الشارع في مواجهة المتظاهرين". (تصوير خاص لمتظاهرين مؤيدين للرئيس مرسي في شوراع القاهرة وخلفهم مدرعات الجيش ـ الجيزة ـ يوليو 2013)
شخصيات عديدة من العسكريين والمدنيين الذين شاركوا في الانقلاب اختفوا من المشهد (الجزيرة-أرشيف)

عبد الله حامد-القاهرة

عاد رئيس أركان القوات المسلحة المصرية محمود حجازي من مهمة عمل رسمية بالولايات المتحدة ليتفاجأ بقرار إقالته في انتظاره، ليلحق بعشرين قيادة عسكرية سبقته بسيناريوهات إقالة قريبة من ذلك.

وفسر بعض المراقبين عزل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي صهره الفريق حجازي بأنها إطاحة لشخصيات لم يعد يأمنها، في حين اعتبرها آخرون تجديدا للدماء داخل الجيش.

معتز حجازي نجل الفريق المقال سارع لكتابة عبارات تضامنية مع والده على صفحته بموقع فيسبوك، يواسيه فيها ويصفه "بالسابح ضد التيار".

وجاء نبأ الإقالة على صفحة المتحدث العسكري ليرفع سقف التكهنات، حيث وصف محمود حجازي بـ "السيد" مجردا إياه من رتبته العسكرية الرفيعة.

وحجازي هو المقال رقم 21 من القيادات على مدى السنوات الأربع الماضية، بعضهم تم تعيينه في مواقع شكلية، كحجازي الذي استحدث له موقع مستشار رئيس الجمهورية للتخطيط الإستراتيجي.

وتولى آخرون من القيادات المقالة مناصب وزارية مثل محمد العصار وزير الإنتاج الحربي ومحمد علي المصيلحي وزير التموين السابق.

ويشترك حجازي والعصار في كونهما قريبين من الدوائر العسكرية الأميركية والأوروبية؛ فالعصار كان مسؤولا عن التسليح، بينما جمعت حجازي بالعسكريين الأميركيين والأوروبيين عدة لقاءات، كان آخرها في الولايات المتحدة مؤخرا.

نجل حجازي وصفه بأنه لا يسبح مع التيار (مواقع التواصل الاجتماعي)
نجل حجازي وصفه بأنه لا يسبح مع التيار (مواقع التواصل الاجتماعي)

ويبدو أن العصار وحجازي تحديدا لم يكونا موافقين تماما على كافة سياسات السيسي منذ الانقلاب العسكري؛ فالعصار كان من الأسماء التي استشهد بها مرشد جماعة الإخوان المسلمين محمد بديع خلال جلسات محاكمته على حرص الجماعة على تجنب أي تعقيدات مع الجيش.

أما حجازي، فقد كان من بين ما كتبه نجله على صفحته نقد ساخر من حملة ترشيح السيسي الرئاسية الأخيرة "علشان تبنيها"، الذي ربما كان انعكاسا لموقف والده.

أسباب مختلفة
ويفرق الباحث بمركز كارنيغي لشؤون الشرق الأوسط يزيد صايغ بين إقالة رئيس الأركان محمود حجازي وبين إقالة باقي القيادات، موضحا في حديثه للجزيرة نت أن "إقالة رئيس الأركان أمر متعلق بالحسابات السياسية، بينما إقالة باقي القيادات مسألة تتعلق بتجديد الدماء بالجيش".

وينبه صايغ، وهو مؤلف الكتاب الشهير "جمهورية الضباط"، إلى أن "إزاحة شخصية مركزية قد تتطلب إزاحة المقربين له، والسؤال عندئذ يكون حول إذا كان السيسي قد جاء برئيس أركان جديد له جماعته المنافسة، أم عيّن شخصا ضعيفا يفتقر إلى شبكة نفوذ بين كبار الضباط الآخرين"، وهو ما ستوضحه الأيام المقبلة.

واعتبر رئيس المركز المصري لدراسات الإعلام والرأي العام مصطفى خضري ما جرى في السنوات الأربع الماضية من إقالات مفاجئة وغامضة أسلوبا متبعا في الأنظمة الديكتاتورية التي جاءت بانقلاب، للتخلص من الشركاء.

وأوضح أن السيسي تخلص أولا من الشركاء المدنيين جملة واحدة، في حين "حرص على التخلص من الشركاء العسكريين على فترات، خشية اتفاقهم بالانقلاب عليه؛ فالبعض رُقي لمناصب مدنية استرضاء لهم، والبعض أحيل للتقاعد، والبعض الآخر توفي في حوادث طرق غامضة"، حسب قوله.

‪مواقع التواصل الاجتماعي)‬ السيسي أزاح أكثر من عشرين من قيادات الجيش منذ الانقلاب العسكري
‪مواقع التواصل الاجتماعي)‬ السيسي أزاح أكثر من عشرين من قيادات الجيش منذ الانقلاب العسكري

ويرى الخضري أنه "يمكن تقسيم القيادات المقالة لفريقين: أحدهما رافض لتوجهاته (السيسي)، وهؤلاء هم الذين يعمل على إخراجهم بأي شكل، وقيادات شريكة للسيسي في توجهاته، لكنه رغم ذلك يخشى منهم سواء لتجمعهم أو لعلاقاتهم الخارجية، وهؤلاء يتم استرضاؤهم بمناصب مدنية".

الدوائر الخارجية
أما الكاتب والمحلل السياسي سيد أمين فيرى أن للإدارة الأميركية يدا في التغييرات التي تمت بحق القيادات، ويقول إن بعضها يستهدف تحجيم أذرع السيسي بالجيش الذي يعد شريكا للولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب بالمنطقة، حتى "لا يتلاعب السيسي بمصيره وحده".

وتابع أمين بحديثه للجزيرة نت "لكن إسرائيل ربما لا تريد أن تؤثر تلك الإقالات على قدرة السيسي على السيطرة الكاملة، لأنه قدم لها ما لم يقدمه حاكم عربي من قبل".

المصدر : الجزيرة