إقالة وزراء بالمغرب.. تنفيس داخلي وحدّ لتهافت السياسيين

لحظة إعلان التحالف الحكومي القائم بقيادة سعد الدين العثماني
توقعات بتعديلات في تركيبة التحالف الحكومي بقيادة العثماني (الجزيرة)

الحسن أبو يحيى-الرباط

 
قرّر ملك المغرب محمد السادس إقالة أربعة وزراء ومعاقبة عدد من المسؤولين الكبار على خلفية تعثر عدة مشاريع تم إطلاقها منذ 2015 بمنطقة الحسيمة.

وبينما يرى مراقبون أن القرار يأتي في وقت يحتاج فيه الوضع الداخلي لتنفيس مرحلي، يعتبر آخرون أنه سيحُدّ من تهافت السياسيين على المسؤولية العمومية، ويقلص من حالة الاحتقان بالحسيمة، كما سيؤثر على تركيبة التحالف الحكومي الحالي.

وجاءت القرارات الملكية -بإقالة أربعة وزراء وتبليغ خمسة وزراء سابقين عدم رضاه عنهم، واتخاذ إجراءات ضد 14 مسؤولا آخر، بعد تقرير للمجلس الأعلى للحسابات (هيئة مستقلة تراقب المالية العمومية) تضمن نتائج وخلاصات المجلس حول برنامج الحسيمة منارة المتوسط- كشفت عن حصول اختلالات وذكر تفاصيلها والقطاعات الوزارية المعنية بها.

إدمينو: قرار الإعفاء سيحدّ من تهافت السياسيين على المسؤولية العمومية
إدمينو: قرار الإعفاء سيحدّ من تهافت السياسيين على المسؤولية العمومية

إيقاف التهافت
وتوقّع أستاذ القانون العام بجامعة محمد الخامس بالرباط عبد الحفيظ إدمينو أن يكون لهذا القرار تأثير بالغ على الحياة السياسية، وقال للجزيرة نت "إنه سيحدّ من تهافت السياسيين على المسؤولية العمومية، وتقديم بعض الأحزاب لأشخاص لا تتوفر فيهم الكفاءة المطلوبة في تدبير الشأن العام".

ويشاطره الرأي أستاذ العلوم السياسية بجامعة الحسن الثاني في الدار البيضاء عبد العزيز قراقي، حيث أكد أن ما وقع يشكل تحوُلا على مستوى النهوض بالمسؤولية، ويفرض على الأحزاب السياسية تقديم أجود الكفاءات للمناصب السامية.

من جهته، رأى المحلل السياسي محمد بودن أن قرار إعفاء وزراء جاء في وقت يحتاج فيه الوضع الداخلي لتنفيس مرحلي. وقال للجزيرة نت إن القرارات الملكية تؤسس لنظام قيم جديد على مستوى الحياة العامة، وتفرض إيقاعا جديدا على الفاعل السياسي والمؤسساتي، موضحا أن القرار الملكي جاء في توقيت دقيق تطرح فيه قضايا حاسمة في المجالين الاقتصادي والاجتماعي.

سيناريوهات
ويقول بودن إن القرار الملكي المذكور يفرض تعديلا حكوميا موسعا بعد إسقاط أمين عام حزب سياسي (التقدم والاشتراكية) من التشكيلة الحكومية بصفته وزير الإسكان، وهو ما يطرح سيناريو استمرار الائتلاف الحكومي الحالي مع تعويض الوزراء المقالين بأسماء من الحزبين المعنيين بالإقالات.

وبينما يطرح السيناريو الثاني -وفق بودن- خروج حزب التقدم والاشتراكية وتعويضه بـ حزب الاستقلال، يطرح السيناريو الثالث ارتفاع نسق التعديلات المرحلية على مستوى البنية الحكومية مع بقاء سعد الدين العثماني رئيسا لها.

بودن: إعفاء وزراء جاء في وقت يحتاج الوضع الداخلي للتنفيس
بودن: إعفاء وزراء جاء في وقت يحتاج الوضع الداخلي للتنفيس

وفي السياق نفسه، لم يستبعد إدمينو أن يتجه رئيس الحكومة لتوسيع تحالفه بالانفتاح على أحزاب سياسية أخرى كحزب الاستقلال، وفك الارتباط مع حزب أو حزبين ليست لهما القدرة العددية بمجلس النواب.

ويرجّح قراقي هذا السيناريو بالنظر لعدد المقاعد التي حصل عليها حزب الاستقلال في الانتخابات التشريعية الأخيرة (46 مقعدا) إلى جانب انتخابه لقيادة جديدة قبل أيام.

الاحتقان
وبخصوص انعكاس ما يجري على حالة الاحتقان الاجتماعي بمنطقة الحسيمة، قال قراقي إن هذا الاحتقان آخذ في التراجع "فبعد أن بات الناس يعرفون ما هي الجهة التي تسببت في معاناتهم، فإن هذه القرارات ستترك أثرا إيجابيا على الساكنة " في حين اعتبر إدمينو أن تخفيف الاحتقان مرتبط بطبيعة الأحكام التي ستصدر عن القضاء بحق المتابعين في ملف حراك الريف.

ويتشكل الائتلاف الحكومي -الذي يقوده العثماني عن حزب العدالة والتنمية- من أحزاب التجمع الوطني للأحرار والحركة الشعبية والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والاتحاد الدستوري، وكذلك التقدم والاشتراكية.

يُذكر أن بلاغ الديوان الملكي -الذي صدرت فيه قرارات الإعفاء لوزراء- قال إن هذه الخطوة "تندرج في إطار سياسة جديدة لا تقتصر على منطقة الحسيمة فقط، وإنما تشمل جميع مناطق المغرب، وتهم كل المسؤولين على اختلاف مستوياتهم، في نطاق إعمال مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة".

المصدر : الجزيرة