الدستور العراقي.. بغداد وأربيل كلٌ يفسر وفق هواه

برلمان إقليم كردستان العراق - الأوروبية
برلمان إقليم كردستان يرفض قرارات برلمان بغداد معتبرا أنها غير دستورية (الجزيرة نت)

الجزيرة نت-بغداد

 

بات تفسير الدستور العراقي خاضعا للمصالح والأهواء بعد فرض الحكومة والبرلمان في بغداد عقوبات على إقليم كردستان بسبب استفتاء على الانفصال أجراه بصورة أحادية يوم 25 سبتمبر/أيلول الماضي.

وتصاعدت حدة الخلافات بعد أن رفض برلمان الإقليم استنادا إلى فهمه للدستور الاتحادي جملة قرارات اتخذتها بغداد وصادق عليها البرلمان الاتحادي باعتبارها تنفيذا للدستور، وفي مقدمتها حظر الطيران وتسليم المنافذ الحدودية إلى الحكومة الاتحادية.

ويرى التحالف الوطني (الشيعي) أن برلمان الإقليم لا يمثل "الإرادة الكردية" وأن الاعتراض على الدستور مرده "خلافات سياسية" يراد منها فرض سياسة الأمر الواقع، في حين اعتبر التحالف الكردستاني أن قرارات بغداد لا تمثل ما نص عليه الدستور بل تعتمد على قوانين سنها نظام الرئيس السابق صدام حسين.

وقال عضو ائتلاف دولة القانون النائب علي العلاق "الرغبة الكردية في الانفصال عن بغداد، حلم قديم يحاول الأكراد إثارته عبر مبررات سياسية وأخرى اقتصادية، فضلا عن خلافاتهم حول الدستور" معتبرا أن الدستور هو الفيصل في كل القضايا الخلافية، وأن الحوار الذي يستند لضوابطه وللقانون يعد السبيل الوحيد لحل كل المشاكل العالقة مع الإقليم.

‪العلاق: لا يمكن مخالفة الدستور من أجل مصالح جغرافية ضيقة‬ العلاق: لا يمكن مخالفة الدستور من أجل مصالح جغرافية ضيقة (الجزيرة)
‪العلاق: لا يمكن مخالفة الدستور من أجل مصالح جغرافية ضيقة‬ العلاق: لا يمكن مخالفة الدستور من أجل مصالح جغرافية ضيقة (الجزيرة)

الدستور فيصل
وقلل العلاق من أهمية رفض برلمان الإقليم لقرارات بغداد، وقال إن الأكراد "حولوا بعض الملفات خاصة ما يتعلق بتسليم آبار النفط إلى الحكومة الاتحادية، وعودة المناطق المتنازع عليها التي سيطروا عليها إلى خلافات دستورية، بعيدا عن الواقع".

وشدد على أنه "لا يمكن مخالفة الدستور من أجل مصالح جغرافية ضيقة" مضيفاً "يعلم الأكراد جيدا أن جميع القرارات دستورية، ومن يريد أن يعترض عليه ينبغي له اللجوء إلى المحكمة الاتحادية، وسنكون ملزمين بتنفيذ قراراتها".

ويتفق القيادي في تيار الحكمة فادي الشمري مع العلاق بشأن الاحتكام إلى المحكمة الاتحادية لتفسير الدستور، موضحا "إنها الخلاص الوحيد من تعدد التفسيرات وفق المزاجيات المتعددة".

وقال الشمري إن الاعتراضات الكردية "أغلبها لا يستند إلى دوافع قانونية أو تفسيرات دستورية، بل مرده خلافات سياسية تعكس وجهة نظر جهة دون أخرى".

ويعترف أن المجاملات السياسية التي كانت سائدة الفترة السابقة حالت دون تفعيل الدستور في كردستان، وأضاف "الوضع الحساس الذي تمر به البلاد ساهم في عدم تحرك الحكومة باتجاه تفعيل الدستور".

ورأى الشمري أن إجراء الاستفتاء كان "شعرة معاوية التي قطعها الأكراد مع بغداد، حتى اضطرت إلى استخدام أوراقها لضمان وحدة العراق".

الشمري: المحكمة الاتحادية هي الخلاص الوحيد من التفسير وفق المزاج
الشمري: المحكمة الاتحادية هي الخلاص الوحيد من التفسير وفق المزاج

وكشف القيادي بتيار الحكمة أن الحكومة بعثت موظفين عن طريق إيران وتركيا لاستلام المنافذ الحدودية، كما أنها بصدد استلام المطارات رسميا، وإلا فإن حركة الطيران ستبقى متوقفة في الإقليم لحين القبول بالقرارات السيادية".

 قرارات غير دستورية
من جانبه، أكد القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني سعدي بيرة أن الإقليم غير ملزم بتنفيذ قرارات حكومة وبرلمان بغداد، موضحا أن "الدستور العراقي لا يتضمن مادة ولا فقرة تشير إلى حركة الملاحة، كما لا يتوفر قانون خاص بالطيران، وبالتالي فإن القرارات تعتبر لاغية وغير قانونية".

وأشار إلى أن بغداد اعتمدت في قرار حظر الطيران على قانون سنه نظام صدام السابق عام 1974، وجاء ضد الأكراد -وفق رأيه- مشددا على أنه "لا يمكن للإقليم الاعتراف بقوانين لا تتماشى مع الواقع الفدرالي الحالي وما حصل بعد عام 2003".

واعتبر بيرة إجراءات بغداد "سياسية" ولا علاقة لها بالقانون والدستور، وأن أي قرار لا يصوت عليه برلمان الإقليم لا يمكن تنفيذه على الشعب الكردي، واصفا التشكيك في شرعية برلمان الإقليم بأنه "محاولات يائسة" مؤكدا أنه تم تفعيله وفق القانون و"لا غبار على قراراته".

سعدي بيرة: إجراءات بغداد سياسية ولا علاقة لها بالقانون والدستور (الجزيرة)
سعدي بيرة: إجراءات بغداد سياسية ولا علاقة لها بالقانون والدستور (الجزيرة)

كما ذكر برلمان الإقليم أن "إغلاق المنافذ الحدودية ليس من صلاحية الحكومة الاتحادية" داعيا إلى تنفيذ نتائج الاستفتاء الذي جرى الاثنين الماضي في إقليم كردستان والمناطق المتنازع عليها.

ليست كونفدرالية
ويجد المحلل السياسي واثق الهاشمي أن الإقليم يتصرف وكأنه في كونفدرالية لكن الأمر ليس كذلك، وبالتالي عليه أن يمتثل لقرارات بغداد وللدستور، موضحاً "الصراع السياسي بدأ يغلب على لغة العقل والقانون، والأكراد على معرفة تامة بالدستور الذي شاركوا في كتابته عام 2005″.

وأشار إلى أن المحكمة الاتحادية أعطت رأيها في الاستفتاء وفي تصدير النفط الذي يعد من مسؤولية الحكومة الاتحادية، ووصف محاولات الإقليم أمام إصرار بغداد بـ "المكابرة".

وأكد الهاشمي أن "زمن التوافقات انتهى، وعلى الطفل المدلل أن يقبل بالدستور أسوة بالآخرين" على حد تعبيره.

وكان مجلس الوزراء العراقي قد أمهل إقليم كردستان حتى مساء الجمعة الماضية لإخضاع عمل مطاري أربيل والسليمانية لرقابة وإشراف السلطات الاتحادية، وقرر حظر الرحلات الجوية الدولية من وإلى الإقليم في حال عدم تنفيذ ذلك، في حين وجه بغلق كافة المنافذ الحدودية البرية غير الرسمية التي تستخدم للعبور بين كردستان ودول الجوار.

المصدر : الجزيرة