ما مستقبل الحوار الليبي بعد انسحاب وفد البرلمان؟

أعضاء لجنة الصياغة المشتركة المنبثقة عن لجنتي الحوار الليبي في تونس في الجولة الأولى للحوار مطلع الشهر الجاري
أعضاء لجنة الصياغة المشتركة المنبثقة عن لجنتي الحوار الليبي في تونس في الجولة الأولى للحوار مطلع الشهر (الجزيرة)

فؤاد دياب-الجزيرة نت

بعد أن سادت أجواء حميمية تبعث على التفاؤل عقب لقاءات الأطراف الليبية وحواراتهم التي جرت لأول مرة وجها لوجه مطلع الشهر الجاري وتوصلهم لعدد من التفاهمات، فإن دخولهم هذه المرة في مناقشة النقاط الخلافية والجوهرية أدى إلى تعميق الفجوة وانسحاب أحد أطراف الأزمة وتعليق مشاركته في جلسات الحوار.

وكان رئيس لجنة الحوار بمجلس النواب عبد السلام نصية قد أعلن يوم الاثنين تعليق مشاركتهم في جلسات لجنة الصياغة الموحدة لمجلسي النواب والمجلس الأعلى للدولة، إلى حين الحصول على صيغ مكتوبة من مجلس الدولة بشأن القضايا الخلافية، وذلك لملاحظتهم إصرار وفد الأعلى للدولة على عدم حسم القضايا الخلافية والرجوع إلى نقاط وتفاهمات جرى حسمها مسبقا، على حد قوله.

واشتد الخلاف بين الطرفين على من يعين الحكومة ومن يوافق عليها ومن يمنحها الثقة، إذ يرغب المجلس الرئاسي في أن تكون مهمة تعيين الحكومة والموافقة عليها من صلاحيته، وتكون المصادقة عليها من صلاحيات مجلس النواب، في حين يريد وفد مجلس النواب أن يكون تعيين الحكومة والموافقة عليها ومنحها الثقة من صلاحياته وحده.

وتستضيف العاصمة التونسية منذ يوم الأحد الماضي مباحثات الجولة الثانية بين وفدي مجلسي النواب والأعلى للدولة، برعاية البعثة الأممية للدعم في ليبيا والتي تهدف إلى إجراء تعديلات على الاتفاق السياسي الموقع في مدينة الصخيرات المغربية عام 2015.

وتتمثل مطالب وثوابت أعضاء لجنة الحوار في مجلس النواب في حذف المادة الثامنة من الأحكام الإضافية، وضم جميع أعضاء المؤتمر الوطني العام السابق إلى المجلس الأعلى للدولة، وأن يتكون المجلس الرئاسي من رئيس ونائبين على أن يكون الرئيس ونائب من مجلس النواب والنائب الآخر من مجلس الدولة والمصادقة عليه من مجلس النواب.

وتتضمن المطالب كذلك، وفق وثيقة صادرة عن اللجنة في تونس يوم الثلاثاء، عودة صلاحيات القائد الأعلى للقوات المسلحة إلى المجلس الرئاسي مجتمعا، وتكون قراراته بالإجماع وبموافقة مجلس النواب، إضافة إلى أن منح الثقة للحكومة هو اختصاص أصيل لهم وفق الإعلان الدستوري والاتفاق السياسي.

‪جانب من اجتماع لجنة الصياغة المشتركة لمجلسي النواب والأعلى للدولة لتعديل الاتفاق السياسي بحضور المبعوث الأممي‬ جانب من اجتماع لجنة الصياغة المشتركة لمجلسي النواب والأعلى للدولة لتعديل الاتفاق السياسي بحضور المبعوث الأممي
‪جانب من اجتماع لجنة الصياغة المشتركة لمجلسي النواب والأعلى للدولة لتعديل الاتفاق السياسي بحضور المبعوث الأممي‬ جانب من اجتماع لجنة الصياغة المشتركة لمجلسي النواب والأعلى للدولة لتعديل الاتفاق السياسي بحضور المبعوث الأممي

تدخلات دولية
ويقول عضو مجلس النواب صالح افحيمة للجزيرة نت إن وفد المجلس لم ينسحب من جلسات الحوار، لكنه علّق حضوره فقط، معتقدا أن مجلس الدولة سوف يعود لجادة الصواب ويتراجع عن طموحاته غير المنطقية في تحقيق مكاسب سياسية حتى وإن كانت على حساب المصلحة العامة.

أما العضو المقاطع لجلسات مجلس النواب محمد الضراط فقد رأى أنه إذا استمر وفد مجلس النواب في تعليق مشاركته في جلسات الحوار، فإن تعديل الاتفاق السياسي سيتعثر ويصبح أمرا صعبا ولن يصلوا إلى نتيجة حقيقية.

وعن إمكانية التوصل إلى حل بين طرفي الخلاف، يقول الناشط السياسي الليبي المقيم في إيطاليا محمد فؤاد في حديث للجزيرة نت إن الحل يعتمد على الموقف الدولي بعد أن أصبحت القضية الليبية الآن في يده، وما يريده المجتمع الدولي سيحصل.

واتفق الضراط مع ما ذهب إليه فؤاد، إذ قال للجزيرة نت إن تأثير المجتمع الدولي سيكون كبيرا على طرفي الأزمة، لأن الجهات الخارجية ترغب في المحافظة على مصالحها في ليبيا من خلال دعمها أطرافا معينة، ولذلك لن ترضى بخروج الطرف الموالي لها "بخفي حنين".

ويُعد المجلس الرئاسي ثمرة اتفاق سياسي وُقّع يوم 17 ديسمبر/كانون الأول 2015 في مدينة الصخيرات المغربية بين أطراف ليبية عدة، برعاية المبعوث الأممي الأسبق الألماني مارتن كوبلر.

‪فؤاد: الحل يعتمد على الموقف الدولي‬ (الجزيرة)
‪فؤاد: الحل يعتمد على الموقف الدولي‬ (الجزيرة)

مؤتمر وطني
أما الباحث والأكاديمي من مصراتة محمد إسماعيل فقد اختلف رأيه عن فؤاد إذ أبدى تفاؤلا بإمكانية الوصول إلى الاتفاق من خلال خطة المبعوث الأممي غسان سلامة التي دعمها مجلس الأمن الدولي، والتي تتضمن عقد مؤتمر وطني يمكن من خلاله إحداث تفاهمات كبيرة.

واتفق الضراط مع ما ذهب إليه إسماعيل بشأن فكرة المؤتمر الوطني، إذ قال إن المبعوث الأممي لم يكن مستبشرا كثيرا بإمكانية نجاح خطوة تعديل الاتفاق السياسي، فلذلك وضع ضمن خطته فكرة عقد المؤتمر الوطني الجامع لتشكيل حكومة وحدة وطنية.

وكان غسان سلامة قد طرح خريطة طريق يوم 20 سبتمبر/أيلول الماضي، تتكون من ثلاث مراحل تبدأ بتعديل اتفاق الصخيرات، ثم عقد مؤتمر وطني تحت رعاية أممية لفتح الباب أمام الذين استُبعدوا أو همّشوا أنفسهم، والأطراف التي تحجم عن الانضمام إلى العملية السياسية.

ويتوقع مراقبون ومحللون أن جلسات لجنة الصياغة لن تفضي إلى قرارات حاسمة ونهائية بشأن تعديل الاتفاق السياسي جراء تعنت وفد مجلس النواب وإصراره على تنفيذ مقترحاته.

المصدر : الجزيرة