صحف لبنان تحتضر ومواقعه الإلكترونية تنهض

مطبعة في لبنان
مطابع الصحف في لبنان باتت من الماضي بعد ازدهاء المواقع الإلكترونية (الجزيرة)

وسيم الزهيري-بيروت

سلّط إقفال جريدة السفير، إحدى أعرق الصحف اللبنانية، الأضواء على الواقع المتردي الذي يرزح تحته قطاع الصحف.

فمنذ عشرات السنين ارتبط اسم لبنان بوجود فسحة من الحريات وإمكانية التعبير عن الرأي إلى حد كبير. وقد عرف لبنان الصحافة منذ منتصف القرن التاسع عشر، ولعبت الصحف اللبنانية دورا مهما في الإضاءة على الكثير من القضايا الوطنية والعربية، وفي طرح المسائل الاقتصادية والاجتماعية وتوعية الرأي العام، في وقت دفع صحفيون حياتهم ثمن تمسكهم بحرية الرأي.
 
ولا يختلف الرأي بين أصحاب الشأن بأن قطاع الصحف الورقية في تراجع مستمر منذ سنوات نتيجة تراجع المبيعات وغياب الدعم المالي الخارجي والتطور التكنولوجي. وتكاد لا تخلو اليوم أي صحيفة من صعوبات مالية أدت بشكل أو آخر إلى تراجع أدائها وتقليص عدد صفحاتها والاستغناء عن الكثير من موظفيها.
 
وإذا كان إقفال جريدة السفير قد شكل صدمة في الأوساط اللبنانية على اختلاف مجالاتها وتنوع اتجاهاتها، فإن أزمة الصحف غير المسبوقة مرشحة إلى المزيد من التفاقم في المرحلة المقبلة.

العدد الأخير لصحيفة السفير (الجزيرة)
العدد الأخير لصحيفة السفير (الجزيرة)

فحسب رأي المتخصص في دراسات المعلومات وتكنولوجيا الإعلام الدكتور عماد بشير، فإن إقفال المؤسسات الإعلامية الورقية كان متوقعا لأن الصحيفة بشكلها الورقي لم تعد قناة قابلة للاستخدام على مستوى إيصال الأخبار.

وقال للجزيرة نت إن الأزمة لم تعد مقتصرة على الصحف، بل تشمل كل وسيلة تعتمد الورق لنقل المعلومات بما فيها الكتاب بعدما أصبح كل شيء إلكترونيا. وتوقع بشير أن تصل كل الصحف الورقية إلى طريق مسدود كونها لم تعد تجذب المعلنين، ورأى أن الناشر العربي يعاني قصور المعرفة في هذا المجال ويفتقد الرؤية المستقبلية.
 
صحف مهددة
وفي استعراض لأوضاع الصحف اللبنانية، يتبين أنه وبعد إقفال صحيفة السفير فإن الخطر يتهدد صحيفة "النهار" العريقة التي تأسست عام 1933. فلقد باتت "النهار" اليوم في وضع لا تحسد عليه نتيجة الأزمة المالية الخانقة التي تعانيها منذ سنوات، مما اضطرها إلى تقليص عدد صفحاتها والاستغناء عن خدمات صحفيين لامعين بعدما توقفت إدارة الصحيفة عن تسديد رواتب ومستحقات موظفيها.
 
وتعاني المؤسسات الإعلامية التابعة لرئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري هي الأخرى أزمة مالية حادة تنذر بإقفال بعضها لاسيما صحيفة "المستقبل" بعدما ترك قسم من صحفييها العمل نتيجة عدم تلقيهم مستحقاتهم.

ولجأت معظم الصحف اللبنانية إلى اعتماد سياسة التقشف وشد الأحزمة والاستغناء عن قسم من العاملين لديها كالديار واللواء والشرق وغيرها.

وكانت جريدة البيرق التي تأسست عام 1912 قد توقفت عن الصدور بعد وفاة صاحبها نقيب المحررين ملحم كرم عام 2010، وقد أغلق معها عدد من المجلات التابعة للمؤسسة نفسها.
 
وتبرز في لبنان اليوم العديد من المواقع الإلكترونية التي تلقى إقبالا لاسيما "موقع النشرة" و"ليبانون فايلز" و"المدن" و"النهار"، إضافة إلى بعض المواقع الحزبية التابعة للتيار الوطني الحر وحزب القوات اللبنانية والكتائب وغيرها.

المصدر : الجزيرة