هل انتهت حاجة النظام المصري لأذرعه الإعلامية؟

لقطة من آخر حلقة مذاعة من برنامج "مع إبراهيم عيسى"
لقطة من آخر حلقة مذاعة من برنامج "مع إبراهيم عيسى" (الجزيرة)

 عبد الرحمن محمد-القاهرة

ما زالت تداعيات وقف برنامج الإعلامي إبراهيم عيسى في إحدى الفضائيات المصرية الخاصة مطلع العام الجديد 2017 مستمرة، حيث انتقد العديد من الإعلاميين المؤيدين للسلطات الحالية الأمر، معتبرين أنه جاء نتيجة ضغوط من قبل النظام، بينما رأى آخرون أن الأمر راجع لرغبة الإعلامي وإدارة قناته ولا علاقة للنظام بذلك.

ورغم تبرير فضائية "القاهرة والناس" المصرية في بيان لها وقف البرنامج باعتذار عيسى عن عدم الاستمرار بتقديمه لانشغاله بأعمال أخرى فإن الأخير تحدث في بيان له عن ضغوط تعرض لها برنامجه، وعن "أن مجريات الوقائع وطبائع المقادير تقود لأن يترك مساحة التعبير التلفزيوني لمرحلة أخرى".

وجاء تفاعل إعلاميين ممن لهم علاقات وثيقة بالنظام مع هذا التوقف ليؤكد تلك الضغوط، ومن ذلك بكاء يوسف الحسيني وتوجيهه رسالة للنظام بقوله "خففوا عنا.. الحمل أصبح ثقيلا"، وتعليق الإعلامية لميس الحديدي بقولها "نحن فريق 30 يونيو الذي دعم النظام.. لا توقفونا"، وتبرير الإعلامي عمرو أديب دعمه لعيسى بخوفه على نفسه.

أديب ذهب إلى أبعد من ذلك، فرغم إقراره ضمنا بمسؤولية السلطات المصرية عن تلك الضغوط المؤدية لإيقاف البرنامج فإنه حمل جماعة الإخوان المسلمين مسؤولية التمهيد لذلك بنشر مؤيديها عناوين إعلامية على لسان عيسى ليست صحيحة، وهو ما دفع إلى هذه الضغوط، حسب رأيه.

بينما تمسك إعلاميون آخرون بأنه لا علاقة للنظام بإيقاف برنامج عيسى، وهو ما ذهب إليه رئيس لجنة الثقافة والإعلام والآثار في مجلس النواب أسامة هيكل والإعلاميان تامر أمين ومحمد الغيطي.

‪العربي: النظام المصري يستخدم هذه الوجوه الإعلامية مطية لتحقيق وتثبيت حكمه‬ (الجزيرة)
‪العربي: النظام المصري يستخدم هذه الوجوه الإعلامية مطية لتحقيق وتثبيت حكمه‬ (الجزيرة)

وجوه ومطية
وقف بث برنامج عيسى لم يكن الأول وربما لن يكون الأخير، فخلال العامين الماضيين تم إيقاف برامج إعلاميين كانوا داعمين رئيسيين للانقلاب العسكري، وذلك بعد إظهارهم مواقف معارضة للنظام، ومنهم عمرو الليثي ومحمود سعد وليليان داود وريم ماجد وتوفيق عكاشة ويسري فودة وحافظ الميرازي وباسم يوسف.

وفي هذا السياق، يقول قطب العربي رئيس المرصد العربي لحرية الإعلام والأمين العام المساعد السابق للمجلس الأعلى للصحافة إنه "كان واضحا من البداية أن رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي يستخدم هذه الوجوه الإعلامية مطية لتحقيق وتثبيت حكمه وانقلابه".

ويتابع في حديثه للجزيرة نت "السيسي كان يدرك كذلك أن هؤلاء الإعلاميين يشعرون بأنهم أصحاب فضل عليه وشركاء له، وبالتالي فهو منذ البداية مضمر التخلص منهم تباعا في الوقت المناسب، وقد بدأ ذلك بالفعل قبل عامين مع اختفاء ريم ماجد ويسري فودة ومحمود سعد، وهو مستمر في سياسة التخلص منهم".

ويرى العربي أن "عام ٢٠١٧ سيكون عام الإجهاز على من تبقى من هؤلاء الإعلاميين بطرق مختلفة لتحل محلهم شخصيات لا تحمل شعور الشراكة بل شعور الامتنان والتبعية فقط، ناهيك عن سياسة تبريد الإعلام عموما والتخلص تباعا من العديد من القنوات حتى تقتصر الساحة على عدد محدود".

 شندي: توقف برنامج عيسى ناجم عن ضغوط (مواقع التواصل الاجتماعي)
 شندي: توقف برنامج عيسى ناجم عن ضغوط (مواقع التواصل الاجتماعي)

أدوات الاستبداد
من جهتها، تقول الباحثة الإعلامية هبة زكريا إن "المستبد يستخدم الجميع أدوات لتحقيق أغراضه ومصالحه ويرى استخدامه لهم إكراما وليس لحاجة إليهم، وبالتالي فإن له أن يستغني عنهم في أي وقت، وليس من المستغرب أن يطيح بمن استعان بهم لأتفه الأسباب".

وتتابع في حديثها للجزيرة نت "لا أستطيع أن ألتمس العذر لأي إعلامي في تأييده لنظام مستبد، وبالتالي لن أشعر بالشفقة عليه بعد أن ينقلب عليه هذا النظام الاستبدادي، لأن دعمه لهذا النظام المستبد لا يمكن اعتباره رأيا، فهو في حقيقة الأمر تزييف لوعي الجماهير".

أما رئيس تحرير صحيفة "المشهد" مجدي شندي فرغم إقراره بأن توقف برنامج عيسى ناجم عن ضغوط فإنه رأى أن هذه الضغوط ليست بالضرورة متعلقة بنقده للحكومة والبرلمان فقط وإنما لانتقاده السعودية "لأن كثيرا من الدول العربية لا تستوعب أن الإعلام المصري حر".

كما رأى في حديثه للجزيرة نت أن تخوف إعلاميين من ذات المصير "دليل ينفي أكذوبة أن السلطة هي التي تسير الإعلام، وتدل بوضوح على أن أغلبية الإعلاميين يعملون فعليا وفقا لتقديراتهم الشخصية وليس طبقا لإملاءات".

المصدر : الجزيرة