وحدة إسلاميي الجزائر.. تحالف إستراتيجي أم انتخابي؟

التوقيع على وثيقة الوحدة الاندماجية في كيان واحد بين حركة النهضة وجبهة العدالة والتنمية
حركة النهضة وجبهة العدالة والتنمية وقعتا على وثيقة الوحدة الاندماجية بينهما (الجزيرة)
عبد الحميد بن محمد-الجزائر

أعلنت حركة مجتمع السلم بقيادة عبد الرزاق مقري وجبهة التغيير بقيادة عبد المجيد مناصرة قرار الوحدة الاندماجية بين الحزبين الإسلاميين ضمن مسار لا يتجاوز سنة في أقصى تقدير، ووفق خريطة طريق.

وقد تزامن ذلك مع إعلان ثلاثة أحزاب إسلامية أخرى، هي حركة النهضة وجبهة العدالة والتنمية وحركة البناء الوطني تشكيل تحالف للمشاركة في الانتخابات التشريعية المقررة في الربيع المقبل.

وكانت حركة النهضة وجبهة العدالة والتنمية قد وقعتا قبل أيام على وثيقة الوحدة الاندماجية في حزب واحد.

وبقدر ما أثلج هذا الحراك الوحدوي صفوف التيار الإسلامي الذي عانى في العقدين الأخيرين الانقسامات والتشرذم، فإنه طرح تساؤلات عما إذا كان هذا التحرك توجها تكتيكيا فقط أملته الضرورات الانتخابية، أم هو خيار إستراتيجي مرتبط بنضج الإسلاميين الجزائريين وإقرارهم بأن تشرذمهم وتعدد أحزابهم من أسباب ضعفهم وتراجع شعبيتهم.

ثمرة مسار
ويعتقد رئيس جبهة التغيير عبد المجيد مناصرة أن عنوان المرحلة هو الوحدة والتكتل من أجل إنهاء الانقسام والفرقة.

‪مناصرة: اندماجنا مع
‪مناصرة: اندماجنا مع "مجتمع السلم" ثمرة تشاور لـ 44 شهرا‬ (الجزيرة)

ويكشف للجزيرة نت أن الاندماج بين جبهة التغيير وحركة مجتمع السلم هو ثمرة مسار استغرق 44 شهرا من التشاور صنعها التوافق على المبادئ والخط السياسي والقيادة والمؤسسات والخيارات الكبرى.

ويعتبر مناصرة أن الانتخابات التشريعية المقبلة مجرد محطة دون أن تكون هي المبتغى، وأضاف أنه تلقى عروضا للتحالف الانتخابي، لكنه فضل خيار الوحدة التي تعيد بناء حركة قوية بصفها الموحد.

ويؤكد أن الوحدة ليست ضد أية جهة معينة، بل هي وحدة طبيعية جمعت حزبين من المدرسة نفسها، كما أنها ستبقى مفتوحة لكل من تخلف عنها، وفق تعبيره.

ويشير مناصرة إلى أن الوحدة "خادمة لمشروع الحركة وداعمة للديمقراطية في البلاد وضامنة لوحدة واستقرار الوطن".

من جانبه، يقول القيادي في حركة النهضة محمد حديبي إن خيار الوحدة أملاه الوضع العام في البلاد، و"ما يميزه من انسداد سياسي وانهيار اقتصادي واستفحال الفساد والقطيعة بين المواطن ومؤسسات الدولة".

ويضيف للجزيرة نت أن هذا الوضع "جعلنا نحن كتيار ذي مرجعية إسلامية نعيد قراءة الواقع من خلال العمل على تداركه قبل فوات الأوان".

خريطة طريق
ويكشف حديبي أن مساعي الوحدة انطلقت بوضع خريطة طريق مع الاستفادة من تجارب الماضي بسلبياتها وإيجابياتها، حيث كانت البداية من خلال الوحدة الاندماجية الإستراتيجية بين النهضة وجبهة العدالة والتنمية، مضيفا أن هذا المشروع حرك الرغبة في التيار الإسلامي لاستكمال الوحدة بين كل أطيافه.

ويشدد حديبي على أن الوحدة بين قوى التيار الإسلامي لا علاقة لها بالانتخابات ولا بأي استحقاق، "لأننا على يقين أن لا شيء تغير في تعاطي السلطة مع الانتخابات".

‪حديبي: وحدة قوى التيار الإسلامي لا ترتبط بالانتخابات‬ (الجزيرة)
‪حديبي: وحدة قوى التيار الإسلامي لا ترتبط بالانتخابات‬ (الجزيرة)

من جهته، يقول أستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر عبد العظيم بن صغير إن التجارب أثبتت أن فصائل التيار الإسلامي اعتادت مع اقتراب المواعيد الانتخابية أن تتحرك لعقد تحالفات وتكتلات.

ويرى أن العامل الانتخابي يعد محفزا ومسرعا في بناء قوائم انتخابية مشتركة، والسبب في اعتقاده يرجع إلى الخوف من فقدان الوعاء الانتخابي أو عدم وجود كتلة سياسية بالبرلمان المقبل.

ويؤكد بن صغير في حديث للجزيرة نت أن الوحدة الاندماجية والتحالف الانتخابي حاليا بين الإسلاميين يستفيد من تجربة تكتل الجزائر الخضراء في الانتخابات التشريعية 2012 بين ثلاثة أحزاب هي النهضة والإصلاح وحركة مجتمع السلم.

أما قبيل انتخابات الربيع القادم فيميز بن صغير بين توجهين داخل التيار الإسلامي المحسوب على فكر الإخوان المسلمين، الأول هو تحالف لأغراض انتخابية، والثاني تحالف لأغراض اندماجية، بحسب وصفه.

ويعتقد أن الوحدة الاندماجية صعبة التحقق في ظل "مركزية الزعامات وتنازع الشرعية بشأن التمثيل الفكري"، أما الوحدة الانتخابية فهي ممكنة لحاجة الفصائل إلى بعضها، وتلاقي المصالح في جمع التوقيعات وإعداد قوائم المرشحين، وفق تعبيره.

المصدر : الجزيرة