عام جديد والأزمات العربية تراوح مكانها
سوريا
ففي سوريا، كان العام الماضي دمويا بامتياز، وشهدت كل أيامه بل ساعاته مزيدا من نزف السوريين وتهجيرهم، وتحوّل الملايين منهم بين عشية وضحاها إلى نازحين في المخيمات الحدودية مع تركيا، أو لاجئين في شتى أصقاع الأرض.
وتوج العام بأحداث حلب، التي وصفت بأنها الأكثر مأساوية منذ الحرب العالمية الثانية، وذكّرت مشاهد الحرب والدمار فيها بما جرى بمدينة ستالين غراد الروسية في تلك الحرب، أو ما جرى بمدينة غروزني في الحرب الروسية على الشيشان.
ورغم إعلان روسيا وتركيا التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في سوريا بين النظام والمعارضة، فإن آمال نهاية الحرب تبدو بعيدة.
العراق
لم يكن الوضع أحسن حالا في العراق، حيث طغت على أحداث العام المنصرم حروب استعادة المدن من سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية، وأهمها حرب استعادة مدن الفلوجة والرمادي وأخيرا الموصل، حيث لا يزال الوضع يراوح مكانه، خصوصا مع تصريحات المسؤولين التي تنبئ بحرب طويلة في المدينة.
التفجيرات أبت إلا أن توقع على نهاية العام كما وقعت على كثير من ساعاته وأيامه، فكان التفجير المزدوج في بغداد السبت بآخر أيام العام، وقبله بأشهر تفجير الكرادة في بغداد الذي أودى بحياة ثلاثمئة شخص.
وكان للخلافات السياسية وللمظاهرات المطالبة بالإصلاحات السياسية نصيبها في المشهد السياسي العراقي، وشهدت ساحات العاصمة بغداد وغيرها من المدن مظاهرات حاشدة طالبت بالإصلاح ومكافحة الفساد، وتظاهر أتباع مقتدى الصدر واعتصموا في المنطقة الخضراء.
اليمن
في اليمن، الأزمة تراوح مكانها وتواصلت الحرب مع الحوثيين وقوات الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، باستثناء هدن هشة بين الحين والآخر، وتعثر المسار السياسي أكثر من مرة، ولم تنجح مشاورات الكويت في أبريل/نيسان الماضي في وضع حد للأزمة.
وفشلت مبادرة المبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد، كما فشلت من بعدها مبادرة وزير الخارجية الأميركي جون كيري. وبحسب الحكومة اليمنية والتحالف العربي، لا يريد الحوثيون من الحلول إلا ما يشرعن إجراءاتهم الانقلابية.
تجمد المسار السياسي بينما استمرت الحرب في حصد مزيد من أرواح المدنيين، وفي تعميق معاناتهم.
ليبيا
في ليبيا، يودع المواطنون العام 2016 على غير ما استقبلوه به، ويمكن القول إن بداية العام كانت محملة بآمال الليبيين في تحقيق توافق سياسي بعد توقيع اتفاق الصخيرات يوم 17 ديسمبر/كانون الأول 2015.
واستبشر الليبيون خيرا بوصول رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج إلى العاصمة طرابلس وتشكيل حكومة الوفاق الوطني، لكنها لم تحظ بموافقة البرلمان حتى الآن.
ولعل من أهم ما يبرز في أحداث 2016 بليبيا، تمكن القوات الموالية للحكومة المدعومة من الأمم المتحدة من طرد تنظيم الدولة من معاقله في مدينة سرت في ديسمبر/كانون الأول.
مصر
أما في مصر، فقد تفاقمت الأزمات في ظل حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي، وشهدت أسعار الجنيه المصري انخفاضا كبيرا مقابل الدولار، مما ساهم في موجة غلاء فاحش وخلو الأسواق من مواد أساسية كالسكر وغيره.
ورافق الأوضاع المعيشية الصعبة تراجع كبير في الحريات العامة والشخصية وحرية الرأي والصحافة، مما عرض الحكومة لانتقادات واسعة من مؤسسات حقوقية دولية.
كما شكل تحطم الطائرة الروسية وتوقيع الاتفاق مع السعودية بشأن جزيرتي تيران وصنافير، وانعقاد أول جلسة للبرلمان بعد ثلاث سنوات من حله، أحداثا بارزة على الساحة المصرية.
واختتمت الدبلوماسية المصرية عامها بفشل كبير، تمثل في سحب مشروع قرار أمام مجلس الأمن الدولي لإدانة الاستيطان الإسرائيلي، مما تسبب في حالة سخط عامة عربيا وإسلاميا.
فلسطين
تراجعت القضية الفلسطينية على سلم الأولويات في التغطيات الإعلامية بفعل الأحداث الجسيمة في دول عربية أخرى، لكن الاحتلال تابع ممارساته العدوانية، وبدأ العام بمسلسل إعدامات ميدانية وتصعيد وتيرة الاستيطان.
غير أن نهاية العام شهدت انتصارا للدبلوماسية الفلسطينية في مجلس الأمن الدولي الذي تبنى قرارا بمطالبة إسرائيل بوقف الاستيطان.
الأردن
ودع الأردنيون العام 2016 على وقع هجمات أدت إلى مقتل عدد من العسكريين والمدنيين والأجانب، إضافة إلى المهاجمين. وأثارت الهجمات موجة غضب في الشارع الأردني حيال التعاطي الأمني مع مثل هذه الأحداث، لكنها في ذات الوقت دفعت السلطات إلى اتخاذ قرارات صارمة حيالها.
لبنان
شكلت نهاية العام 2016 في لبنان بداية مرحلة جديدة يؤمل أن تساهم في انتظام عمل مؤسسات الدولة، فقد شكل انتخاب ميشال عون رئيسا للجمهورية التطور الأبرز، خصوصا أنه أنهى شغورا في موقع الرئاسة الأولى استمر مدة عامين ونصف، لتتم بعدذل تسمية سعد الحريري رئيسا لحكومة تمكنت من نيل ثقة البرلمان.