انقسام عراقي بشأن تدخل تركي مرتقب بالموصل

تبدي انقرة استعدادها للتدخل العسكري في العراق على غرار عملية درع الفرات في سوريا
أنقرة تبدي استعدادها للتدخل العسكري بالعراق على غرار عملية درع الفرات في سوريا (الجزيرة)

الجزيرة نت-خاص

يعيش الشارع العراقي هذه الأيام على وقع تصريحات متضاربة حول دور عسكري تركي محتمل في عملية استعادة مدينة الموصل على غرار عملية درع الفرات في سوريا.

وقد أعلن رئيس الوزراء حيدر العبادي أثناء زيارته للولايات المتحدة رفض حكومته لأي تدخل تركي مبررا ذلك بما أسماه "مطامع تركية في المدينة" وهو الموقف الذي تبنته كتل وأحزاب شيعية اعتبرت أن أية مشاركة لـأنقرة في استعادة الموصل هي تدخل مباشر في الشأن العراقي قد يستدعي ردا قاسيا.

وقالت النائبة عن كتلة دولة القانون فردوس العوادي إن وجود وحدات تركية في محيط المدينة وانحيازها إلى أطراف سياسية على حساب أخرى يخدم ما وصفته بتقسيم المحافظة وتسليم بعض وحداتها الإدارية إلى إقليم كردستان العراق وجعل ما تبقى منها تحت النفوذ التركي، محذرة من أن هذه القوات لن تسلم من نيران الحشد الشعبي.

بعد استعادة القيارة أصبحت القوات العراقية على مشارف مدينة الموصل (الجزيرة)
بعد استعادة القيارة أصبحت القوات العراقية على مشارف مدينة الموصل (الجزيرة)

وتبدي كتل أخرى مواقف أكثر مرونة تجاه الخطوات التركية الأخيرة، حيث قال النائب عن التحالف الكردستاني عادل نوري للجزيرة نت إن العراق دولة مستقلة لها سيادتها ويجب ألا يخل أي تدخل بهذه السيادة، لكنه استدرك قائلا إن مقاتلي تنظيم الدولة يتكونون من 120 جنسية، والعراق يحتاج إلى جهد دولي لمحاربتهم وملاحقتهم، ولا مانع من تشكيل حملة دولية ضد "الإرهاب" بمشاركة تركيا وغيرها، بشرط وجود تنسيق وتوافق مع الدولة العراقية وتحت مظلة دولية.

صوت الشارع
ويبدو صوت الشارع الموصلي غائبا حتى اللحظة في خضم هذا الجدل، حيث قالت النائبة عن محافظة نينوى انتصار الجبوري إن أبناء الموصل اليوم بين مطرقة النزوح وسندان تنظيم الدولة، ولا يهمهم هذا الموضوع أو غيره بقدر رغبتهم في العودة إلى ديارهم والتخلص من تنظيم الدولة، على حد قولها.

واعتبرت النائبة أن هذا التدخل يعد تجاوزا على سيادة العراق، وأن على تركيا سحب قواتها من معسكراتها في بعشيقة وغيرها، منتقدة عدم استجابة أنقرة للدعوات العراقية بهذا الخصوص حتى الآن.

وحول مشاركة الحشد الشعبي في معركة الموصل المرتقبة، قالت للجزيرة نت إن في نينوى حشدا وطنيا وعشائريا بالإضافة إلى الحشد الخاص بالمسيحيين والتركمان والإيزيديين والشبك، وهؤلاء لهم الأولوية بالمشاركة في معركة استعادة المدينة، وأضافت "إذا احتجنا إلى مساعدة الحشد الشعبي فإننا سنطلب ذلك بشكل رسمي".

ويبدو أن للتدخل التركي المحتمل أبعادا سياسية تتجاوز مجرد المشاركة العسكرية، في الوقت الذي ما زال فيه الشارع العراقي غائبا عن هذه المعركة، كما يقول الكاتب والمحلل السياسي مجاهد الطائي الذي يعتبر أن الانقسام موجود في أوساط الطبقة السياسية الحاكمة وليس في الشارع فهو خارج المعادلة أصلا.

غطاء تركي
ووفق الطائي فإن الأكراد يريدون دعما تركيا يواجه بغداد المستندة إلى إيران، فضلا عن وجود رغبة سُنية بإنشاء أقاليم في بعض المحافظات، ما ستحتاج إلى غطاء تركي أو عربي غائب منذ ٢٠٠٣.

وأكد أن القوى السياسية السنية تؤيد الوجود والدور التركي وإن لم تصرح بذلك، وقد يكون أقربهم لتركيا محافظ نينوى السابق أثيل النجيفي الذي يقود "حشد تحرير الموصل" المكون من أكثر من ثمانية آلاف مقاتل مدعومين من تركيا والولايات المتحدة.

وفيما يتعلق بأهمية مشاركة الحشد الشعبي بمعركة الموصل، يرى الطائي أن مبرر وجود الحشد "محاربة الاٍرهاب" وإن لم يجد من يحاربه فسيتفكك وتتصارع قواه مع بعضها، لذلك يسعى قادته للمشاركة بكل قوة وبدعم إيراني لتقليص صلاحيات إقليم كردستان العراق التي توسعت بسبب ضعف بغداد ووصلت لصلاحيات كونفدرالية قد تدفع السنة في المستقبل لإعلان أقاليم مشابهة، فتريد إيران أن يبقى كل العراق ضمن نفوذها وسيطرتها.

وأضاف الكاتب أن إيران تدرك أن هناك توجها جديدا بعد القضاء على تنظيم الدولة يقضي بإنهاء المليشيات ومحاولة ملء الفراغ الذي سيخلفه انحسار التنظيم، واستمرار النفوذ الإيراني سيكون بفتح جبهة جديدة مع الأكراد والسنة ومناكفة الوجود التركي الذي يستند إلى تنسيق وموافقة كردستان العراق وعدم معارضة القوى السنية، وفق ما يرى.

المصدر : الجزيرة