الكهرباء.. آلة العقاب الإسرائيلية ضد عرب 48

قوانين البناء الإسرائيلية تشترط ربط المنازل بشبكة الكهرباء بالحصول على تراخيص البناء، إذ يتم ربط المنازل المتواجدة داخل الخرائط الهيكلية والتفصيلية المصادق عليها، أحياء سكنية قديمة بقرية جت المثلث بالداخل الفلسطيني،
أحياء سكنية قديمة بقرية جت المثلث بالداخل الفلسطيني (الجزيرة)

محمد محسن وتد-أم الفحم

لا تقتصر معاناة محمد العدنان من بلدة جت بالداخل الفلسطيني على حرمانه من الكهرباء بمنزله الجديد الذي شيده قبل أكثر عام، فقبل عشر سنوات ألزمته محكمة إسرائيلية بهدم منزله الأول بذريعة البناء دون ترخيص.

عقد من الزمن عاش فيه محمد في سراديب الظلام والملاحقة القضائية واعتقد بعد أن نهض من بين الركام وجمع قواه وشيد منزلا ثانيا أن بإمكانه طي صفحة الماضي والعيش الكريم داخل منزله، بيد أنه حرم من ربط المنزل بشبكة الكهرباء بسبب البيروقراطية ومماطلة لجان البناء والتنظيم اللوائية بالمصادقة على الخارطة الهيكلية.

وجد محمد نفسه مضطرا إلى إنارة منزله من خلال مد خط كهرباء بطول كيلومتر واحد من منزل أحد أقربائه مما يلزمه بدفع أثمان مضاعفة، ناهيك عن عدم قدرته على استعمال الكهرباء بشكل واسع ورتيب لضعف التيار الذي كثيرا ما ينقطع بسبب ضغط الاستهلاك.

معاناة وحرمان
ولإنهاء هذه المعاناة التي تعكس واقعا مريرا وحرمانا لحوالي مئة ألف عائلة عربية من ربط منازلها بشبكة الكهرباء، بادرت مجموعة من المحامين والمهندسين بصياغة قانون قدم للحكومة الإسرائيلية والقائمة العربية المشتركة لإقراره بالبرلمان الإسرائيلي (كنيست)، يقضي بربط البيوت غير المرخصة بشبكة الكهرباء بما يتلاءم مع الوضعية التخطيطية المستقبلية للبلدات العربية.

‪قوانين البناء الإسرائيلية تشترط ربط المنازل بشبكة الكهرباء بالحصول على تراخيص البناء‬ (الجزيرة)
‪قوانين البناء الإسرائيلية تشترط ربط المنازل بشبكة الكهرباء بالحصول على تراخيص البناء‬ (الجزيرة)

واستعرض رئيس اللجنة الثانوية بلجنة التخطيط والبناء بوادي عارة المحامي توفيق جبارين مقترح قانون شرعه الكنيست عام 1996 وعمل به حتى عام 2007، بموجبه منحت صلاحيات لوزير المالية لربط نحو عشرة آلاف منزل غير مرخص بشبكة الكهرباء.

وأبدى جبارين في حديثه للجزيرة نت تفاؤله الحذر بشأن إمكانية المصادقة على القانون الذي يطرح حلولا عملية وجذرية لمشكلة عدم ربط المنازل بشبكة الكهرباء بما يتلاءم والواقع التخطيطي للبلدات العربية، ما يعني إحراج الحكومة الإسرائيلية التي لن تجد التسويغات لعدم إقرار مثل هذا القانون الذين ينظم كل قضايا البناء والخرائط الهيكلية والتفصيلية ويضمن حصول المواطن على جميع الخدمات دون انتظار ترخيص المنزل.

مخططات وحلول
وترى مخططة المدن المهندسة عناية بنا مقترح القانون بمثابة الحل الفوري والجذري لعشرات آلاف المنازل العربية غير المربوطة بشبكة الكهرباء بسبب انعدام التراخيص، إذ عمد مقدمو القانون إلى ملاءمة الصيغة التشريعية للوضعية التخطيطية للبلدات العربية وفي منطقة المثلث على وجه الخصوص كنموذج للشروع بتطبيقه.

‪عدم توسيع مسطحات البناء والمماطلة بالمصادقة على الخرائط الهيكلية دفع السكان للبناء بمناطق زراعية‬ (الجزيرة)
‪عدم توسيع مسطحات البناء والمماطلة بالمصادقة على الخرائط الهيكلية دفع السكان للبناء بمناطق زراعية‬ (الجزيرة)

وبينت بنا في حديثها للجزيرة نت أن اشتراط قوانين البناء الإسرائيلية ربط المنازل بشبكة الكهرباء باستصدار التراخيص خلق حالة من المعاناة اليومية التي تفاقمت واتسعت لتطال كافة البلدات العربية، فمنذ عام 2000 جميع الاستثمارات والجهود وظفت بمجال التخطيط وتجهيز الخرائط الهيكلية التي كانت عالقة ومجمدة لعقود دون طرح حلول عملية للخدمات التي من المفروض أن تمنح للمواطنين.

ولفتت إلى أن هذه المخططات لم تسهم بتوسع مسطحات البناء بما يلبي احتياجات المواطنين العرب ولم توفر الحلول بعملية استصدار تراخيص البناء ما حال دون ربط المنازل بشبكة الكهرباء وتفاقم الأزمة السكنية وزيادة البناء دون تراخيص.

 وتؤكد بنا كان لا بد من طرح حلول عملية من منظور مهني وتقديمها للحكومة الإسرائيلية التي تتطلع حاليا للاستثمار بمخططات تفصيلية للبلدات العربية، غير أنها لم تأخذ بعين الاعتبار قضية ربط المنازل بشبكة الكهرباء، لذا تم صياغة القانون بما يتناسب مع واقع التخطيط المستقبلي ما يمكن المواطن الحصول على خدمة الكهرباء دون الانتظار عشر سنوات حتى ترخيص المنزل.

المصدر : الجزيرة