جدل الانقلاب التركي يغزو العالم الافتراضي

موقع الكتروني نشرته شرطة اسطنبول لاستقبال التبليغات عن حسابات التواصل الاجتماعي الداعمة لمحاولة الانقلاب
موقع إلكتروني نشرته شرطة إسطنبول للإبلاغ عن حسابات التواصل الاجتماعي الداعمة لمحاولة الانقلاب الفاشلة (الجزيرة)

خليل مبروك-إسطنبول

ارتفعت وتيرة الجدل في وسائل التواصل الاجتماعي بين مناصري المحاولة الانقلابية الفاشلة التي شهدتها تركيا ليلة السبت الماضي ومناهضيه، بالتزامن مع العودة لمظاهر الحياة الطبيعية في المدن والمحافظات التركية المختلفة.

فقد انتشرت العديد من صفحات فيسبوك عبر حسابات "غير موثقة" تبث دعوات للمواطنين للانسحاب من الميادين التي دعاهم الرئيس التركي أردوغان لملازمتها على مدار أسبوع، كما نشطت حسابات مزورة على موقعي تويتر وواتس آب في ترويج إشاعات وأخبار لم تثبت صحتها.

وزاد إعلان موقع ويكيليكس الشهير بأنه يخطط لإطلاق وثائق تخص بنية السلطة في تركيا، بعد فشل محاولة الانقلاب من حدة الانتباه للحرب الإعلامية التي تدور رحاها في عالم الإعلام الجديد، ولاسيما بعد إعلان الموقع أن أول دفعة ستتضمن 300 ألف رسالة بريد إلكتروني و500 ألف وثيقة.

في المقابل، عمدت الشرطة التركية إلى نشر عناوين لمواقع إلكترونية مضادة دعت الجمهور لاستخدامها للإبلاغ عن صفحات وحسابات الإعلام الجديد الداعمة للانقلاب.

كما شن نشطاء مناهضون للمحاولة الانقلابية حملة انتقادات واسعة في موقع تويتر ضد لاعب منتخب تركيا الأسبق لكرة القدم هاكان شوكور المعروف بانتمائه لجماعة الخدمة التي يتزعمها فتح الله غولن، والتي تشير الحكومة التركية إليها بأصابع الاتهام في تدبير المحاولة الانقلابية.

واضطر شوكور لحجب حسابه في تويتر الذي بلغ عدد متابعيه مليون شخص، بعدما تلقى انتقادات من آلاف المتابعين لتغريدة أطلقها تناصر محاولة الانقلاب الفاشلة.

فارول: عدد قليل جدا من المواقع يناصر الانقلاب من داخل تركيا (الجزيرة)
فارول: عدد قليل جدا من المواقع يناصر الانقلاب من داخل تركيا (الجزيرة)

هجوم منظم
وربط إعلاميون أتراك وخبراء في الإعلام الاجتماعي بين إخفاق المحاولة الانقلابية على أرض الواقع وارتفاع أصوات أنصارها في العالم الافتراضي، معتبرين ذلك جزءا من حالة منظمة ومدروسة.

الكاتب الصحفي التركي أحمد فارول أكد أن الحسابات الإلكترونية الداعمة للانقلاب تنشط من خارج البلاد، مقابل عدد ضئيل جدا من المواقع التي تناصر الانقلاب من داخل تركيا.

وعزا فارول في حديثه للجزيرة نت أسباب ذلك إلى انحسار أعداد مؤيدي الانقلاب وانحصارهم في أعضاء جماعة الخدمة المنتمين لها رسميا، وخشية البعض من أي عقوبات قد يتعرضون لها بمناصرتهم المعلنة للمحاولة الانقلابية.

وقال إن تركيز الرسائل التي يبثها مناصرو الانقلاب على مضامين محددة تشير إلى أنهم يتبعون نسقا إعلاميا منظما غير عشوائي، مفرقا بين رسائلهم المنظمة ورسائل خصوم الانقلاب التي وصفها بـ"التلقائية".

وكان نشطاء في مواقع التواصل الاجتماعي قد استهلوا تعليقاتهم على المحاولة الانقلابية بوصفها بأنها منازلة بين تطبيق واتس آب الذي تم تخطيط المحاولة من خلاله، وبين "فيس تايم" الذي استخدمه الرئيس التركي في اتصاله الأول بالإعلام في ساعات الانقلاب الأولى.

وسبق أن أجهزت الحكومة التركية على "إمبراطورية الإعلام" التابعة لجماعة غولن بفرض الوصاية على مؤسساتها ومن أهمها صحيفة "زمان"، وهي إحدى أوسع الصحف التركية انتشارا، لكن الحركة ظلت تتواصل مع الشارع التركي عبر حسابات وهمية في وسائل الإعلام الاجتماعي.

شحادات: الإعلام الجديد يصنع ضغطا أكبر على جمهور المتلقين (الجزيرة)
شحادات: الإعلام الجديد يصنع ضغطا أكبر على جمهور المتلقين (الجزيرة)

المعركة الموازية
ووصف بسام شحادات الخبير والاستشاري في العلاقات العامة والإعلام الجديد العالم الافتراضي بأنه ساحة إضافية للجدل السياسي، موضحا أن هذا العالم يتكامل مع الميدان الواقعي دون أن يلغي أي منهما الآخر.

ولفت الإعلامي السوري المقيم بتركيا النظر إلى القدرة الخاصة للإعلام الجديد على استيعاب حالات الجدل السياسي بقالب شعبوي، يصنع ضغطا أكبر على الجمهور المتلقي من الضغط الذي ينتجه الخطاب الرسمي ذو المضامين المنتقاة من النخب السياسية سواء في مناكفات الأحزاب أو حتى تحت قبة البرلمان.

وردا على سؤال للجزيرة نت، أكد شحادات أن الدول قادرة تقنيا على الحد من اتصال الجمهور بالإعلام الاجتماعي، مستشهدا على ذلك بمنع الحكومة التركية نشر الصور والفيديوهات المتعلقة بالهجمات التفجيرية الأخيرة التي شهدتها البلاد قبل محاولة الانقلاب.

وقال إن الحد من وصول الناس للإعلام الاجتماعي يشبه منع النشر في قضايا معينة بالإعلام التقليدي، موضحا أن الدول تتخذ قراراتها بهذا الشأن لاعتبارات أخلاقية تتعلق بحقوق الناس وخصوصياتهم أو لاعتبارات أمنية لمنع التسريب وبث الشائعات والبلبلة.

المصدر : الجزيرة