قوانين اقتناء الأسلحة بأميركا "رهينة" اللوبي

A photo shot and tweeted from the floor of the House by U.S. House Rep. David Cicilline shows Democratic members of the U.S. House of Representatives, including Rep. John Lewis (R) staging a sit-in on the House floor "to demand action on common sense gun legislation" on Capitol Hill in Washington, United States, June 22, 2016. REUTERS/ U.S. Rep. David Cicilline/Handout
اعتصام للنواب الديمقراطيين في الكونغرس بعد فشله في تمرير تشريعات حول اقتناء الأسلحة (رويترز-أرشيف)

 ناصر الحسيني-واشنطن

حرك هجوم أورلاندو في 12 يونيو/حزيران 2016 ضمائر ملايين الأميركيين، وانبرى عدد من مشرعيهم المعارضين لحيازة الأسلحة الهجومية لدفع الكونغرس -الجهة المسؤولة عن تشريعات حيازة الأسلحة- إلى تعديل القوانين الحالية كي لا تسقط الأسلحة الفتاكة بأيدي القتلة مستقبلا.

ومعلوم أن السلطات الأميركية وضعت عقب هجمات سبتمبر/أيلول 2001 قائمة بأسماء المشتبَه بهم في كل من نيويورك وواشنطن، تمنعهم من ركوب الطائرات. وتضم القائمة مئات الأميركيين الممنوعين من السفر جوا، بسبب شك الاستخبارات في نواياهم.

هجوم أورلاندو كشف برأي محللين أميركيين ثغرة في القوانين، لكن تغييرها يتطلب تصويتا من أعضاء الكونغرس، وتحييدا لقوة لوبي تجارة الأسلحة المتمثل بمنظمة "أن أر إيهNRA

وعقب جرائم القتل الجماعي التي شهدتها الولايات المتحدة في عدة مدن -أشهرها حادث ساندي هووك بولاية كونيكتيكت عام 2012 حيث قتل مسلح في العشرينيات عشرين تلميذا- كثف معارضو اقتناء الأسلحة النارية ضغوطهم على المشرعين وطالبوا بسن قوانين تمنع بيع الأسلحة النارية، للخاضعين للمراقبة أو من يعانون من اضطرابات نفسيه.

وحتى هجوم أورلاندو الأخير، الذي راح ضحيته تسعة وأربعون من رواد ملهى بلس، كانت خلافات الكونغرس عميقة، مما أعاق تبني أي تعديلات للقوانين الحالية. وقد فشل مجلس الشيوخ في التصويت على مشروع قانون تقدم به الديمقراطيون يسعى لتقنين منع الأميركيين المدرجين على لوائح المراقبة من شراء الأسلحة الفتاكة بلا قيود.

وكان نموذج عمر متين حيا في الأذهان، فقد تمكن هذا المواطن الأميركي المولد من شراء الرشاش الذي استخدمه بلا مشاكل، رغم أن سلطات التحقيق الفدرالي كانت قد استجوبته مرتين، وخلصت إلى أنه لا يشكل تهديدا.

المستفيدون
هجوم أورلاندو كشف برأي محللين أميركيين ثغرة في القوانين، لكن تغييرها يتطلب تصويتا من أعضاء الكونغرس، وتحييدا لقوة لوبي تجارة الأسلحة المتمثل بمنظمة "أن أر إيهNRA" ومعروف أن عددا لا يستهان به من أعضاء الكونغرس يستفيدون ماليا من دعم هذه المنظمة.

وفي حديث للجزيرة نت يقول عضو الحزب الجمهوري نيل ماكابي -وهو أحد كبار معارضي الحد من حيازة الأسلحة النارية الذي يطالب به الديمقراطيون- إن الحزب الديمقراطي "يستغل المخاوف من الإرهاب" لدى الجمهور في محاولة "لسلبَنا" حقنا الدستوري في حيازة الأسلحة.

يقول عضو الحزب الجمهوري نيل ماكابي، وهو أحد كبار معارضي الحد من حيازة الأسلحة النارية، للجزيرة نت إن الحزب الديمقراطي "يستغل المخاوف من الإرهاب" لدى الجمهور في محاولة لـ"سلبنا" حقنا الدستوري في حيازة الأسلحة

وتكمن صعوبة إدخال التعديلات القانونية في أن لائحة المشتبه بهم تحددها السلطات الحكومية دون استشارة النواب. ويرى كثير من الأميركيين خاصة الجمهوريين أن تلك اللائحة "حق يراد به باطل"، وأن جمع الأدلة عن أشخاص مُشتبه بهم يحتمل فيه الاستهداف لأغراض سياسية.

أما مناصرو الاحتفاظ بحق امتلاك الأسلحة -أمثال نيل ماكابي- فقد استغلت إدارة الرئيس أوباما ومصالح الضرائب أصلا لائحة المشبوهين و"سبق أن استهدفت إدارة الضرائب المعارضين السياسيين، لذلك لا نريد إعطاء المزيد من السلطات للحكومة".

موقف صعب
ويخلص ماكابي والمجموعات التي يمثلها داخل الحزب الجمهوري إلى أن حق حيازة الأسلحة الذي يواجه هجوما شديدا في الكونغرس من أهالي الضحايا والمنظمات وعدد من الديمقراطيين يضع مجموعة "أن أر إيه" في موقف صعب. "إنها الآن مسؤولية NRA كي تتأكد من أن المشرعين ما زالوا يصوتون لصالحها".

في المقابل لم يستسلم الديمقراطيون لنتائج تصويت الكونغرس، فقد بادر نحو مئتين من نوابهم -بدعم من الرئيس أوباما- إلى تنظيم اعتصام غير مسبوق داخل قاعة مجلس النواب استمر ليومين بهدف الضغط على الكونغرس. ورأى مراقبون في هذه الخطوة تحركا مدروسا ضمن عام انتخابي يسعى الديمقراطيون فيه إلى كسب مزيد من التعاطف.

ويرى كثيرون في فشل التصويت بمجلس الشيوخ دليلا آخر على استمرار معركة لوبي السلاح مستقبلا بينما تحصي أميركا ضحاياها يوميا جراء استخدام الأسلحة النارية في كبريات المدن… من دون أن تتمكن من وقف نزيفها الداخلي.

المصدر : الجزيرة