مستقبل المشهد السياسي بإسبانيا بعد الانتخابات

Spain's Socialist party (PSOE) leader Pedro Sanchez delivers a speech during a campaign event in Fuenlabrada, near Madrid, Spain June 21, 2016. REUTERS/Andrea Comas
زعيم الاشتراكيين بيدرو سانتشيث في تجمع انتخابي (رويترز)

آمن عجاج-مدريد

تشير آخر استطلاعات الرأي المنشورة في إسبانيا بالإجماع إلى أن الانتخابات التشريعية القادمة لن تشهد فوز أي حزب بأغلبية ساحقة تسمح له بتشكيل حكومة منفردا، مما يعني أن ما أفرزته انتخابات شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي سيتكرر إلا من تغيير طفيف ولكنه ذو وقعٍ كبير.

فقد أكدت تلك الاستطلاعات أن الحزب الاشتراكي -الذي حكم إسبانيا أطول فترة منذ بداية عهد الديمقراطية- سيتراجع ليحتل المركز الثالث وليتقدم عليه الحزب اليساري الناشئ "بوديموس" -المرادف في إسبانيا لحزب "سيريزا" اليوناني- الذي سيخوض الانتخابات الجديدة في حلف يضمه و"اليسار المتحد"، التحالف الذي يضم أحزاب التيار الشيوعي الإسباني.

وأجمعت كافة الاستطلاعات على أن الحزب الشعبي الحاكم سيعود للفوز في الانتخابات واحتلال المركز الأول، ولكنه سيحظى فقط بتأييد حوالي 30% من الناخبين، لذا سيكون مضطرا للتحالف مع قوى سياسية أخرى لتشكيل حكومة مستقرة تتمتع بأغلبية برلمانية.

ودعا زعيم الحزب الشعبي  ماريانو راخوي الاشتراكيين لتكوين تحالف واسع على شاكلة التحالف الحاكم في ألمانيا، ولكن الاشتراكيين رفضوا بدعوى أنهم يريدون قيادة التغيير في إسبانيا، رغم أن الاستطلاعات تمنحهم 20% فقط من الأصوات.

ولن يكون كافيا للحزب الشعبي التحالف مع "ثيودادانوس" -وهو الحزب الليبرالي الناشئ الذي سيحتفظ بالمركز الرابع بالنسبة نفسها من المؤيدين 14%- ولكنه يرفض في حملته الانتخابية التحالف مع الحزب الشعبي بزعامته الراهنة التي يتهمها بالتهاون مع قضايا الفساد التي لطخت الحزب الحاكم مؤخرا.

‪زعيم الحزب الشعبي ماريانو راخوي دعا الاشتراكيين لتكوين تحالف واسع على شاكلة التحالف الحاكم في ألمانيا‬ (الجزيرة)
‪زعيم الحزب الشعبي ماريانو راخوي دعا الاشتراكيين لتكوين تحالف واسع على شاكلة التحالف الحاكم في ألمانيا‬ (الجزيرة)

دعوة
وعلى ضوء تلك النتائج، دعا زعيم "بوديموس" بابلو إغلسياس في مؤتمراته الانتخابية الاشتراكيين للتحالف معه بعد الانتخابات لإسقاط الحكومة اليمينية الحالية وإجراء ما أسماه "تغييرا حقيقيا" في الحياة السياسية الإسبانية، فالاستطلاعات تمنح تحالف "بوديموس" والشيوعيين 24% من الأصوات، ويرى إغلسياس أنه يجب أن يكون رئيسا للحكومة الجديدة بالتحالف مع "أحزاب التغيير" من اليساريين والقوميين.

لكن زعيم الاشتراكيين بيدرو سانتشيث رفض القبول بتلك النتائج، مذكرا بأنه رغم استطلاعات الرأي المعاكسة في ديسمبر/كاون الأول الماضي فقد استطاع حزبه احتلال المركز الثاني، ومؤكدا أن حزبه هو زعيم اليسار الإسباني على مر التاريخ وليس "بوديموس".

ويرى المحلل السياسي والصحفي بجريدة "آرا" فيرّان كاساس أن هناك إمكانية لأن تتحقق تنبؤات الاستطلاعات وأن يحل "بوديموس" ثانيا نظرا لأنه عندما خاص انتخابات ديسمبر/كانون الأول منفردا كان فارق الأصوات بينه وبين "الاشتراكي" بسيطا، وبانضمام "اليسار المتحد" إليه يمكنه أن يحقق هذه القفزة إلى الأمام. 

‪زعيم
‪زعيم "بوديموس" بابلو إغلسياس‬ (الأوروبية)
احتمالات
وأشار كاساس في تصريحات للجزيرة نت، إلى أنه في حال هبوط الاشتراكيين إلى المركز الثالث فسيكون من الصعب عليهم قبول المشاركة في حكومة يتزعمها "بوديموس" لأنه سيكون بمثابة اعتراف بزعامة الأخير لليسار في إسبانيا.

وأضاف أن الاشتراكيين قد يضعون شروطا تعجيزية للدخول في حكومة بحيث يرفضها "بوديموس" لكي لا يكون الاشتراكيون مسؤولين عن عدم وصول حكومة يسارية إلى سدة الحكم، أما إذا حل "الاشتراكي" ثانيا فيمكن أن نرى حكومة يسارية في إسبانيا.

فيرّان كاساس: الاشتراكي لن يرغب في المشاركة بتحالف واسع (الجزيرة)
فيرّان كاساس: الاشتراكي لن يرغب في المشاركة بتحالف واسع (الجزيرة)

ويعتقد كاساس أن "الاشتراكي" لن يرغب في المشاركة في تحالف واسع مع الحزب الشعبي مثلما هي الحال في ألمانيا، ولكنه قد يسمح بوصول حكومة أقلية برلمانية تضم الحزب الشعبي و"ثيودادانوس" إلى أن يتمكن الاشتراكيون من إعادة ترتيب أوراقهم واستعادة شعبيتهم وزعامتهم لليسار، وعندها يمكنهم -عندما تسنح الفرصة- إسقاط هذه الحكومة الضعيفة بعد فترة تشريعية قصيرة.

واختتم كاساس حديثه مؤكدا أنه على الرغم من أن المشهد الحالي يشير إلى عدم إمكانية تشكيل حكومة بسبب الخلافات المعلنة بين الأحزاب في مؤتمراتها الانتخابية الحالية، فإنه في النهاية سيحدث اتفاق لتشكيل حكومة، حتى ولو كانت حكومة أقلية.

وعلل كاساس ذلك بأنه لن يكون هناك من بين كافة الأحزاب من يمكنه تحمل المسؤولية أمام  المواطنين عن عودتهم مرة ثالثة إلى صناديق الاقتراع في نهاية العام الجاري إذا لم يكن هناك اتفاق للحكم.

المصدر : الجزيرة