الفلوجة نقطة اشتباك بغداد مع تنظيم الدولة

A convoy of the Iraqi anti-terrorism forces drives on a road during advance towards Falluja, Iraq, May 28, 2016. REUTERS/Thaier Al-Sudani
رتل من آليات قوات مكافحة الإرهاب العراقية يتوجه نحو الفلوجة (رويترز)

محمود العدم

منذ سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية عليها بداية العام 2014، باتت مدينة الفلوجة -ثانية مدن محافظة الأنبار– تشكل نقطة الاشتباك الأقرب لمقاتلي التنظيم مع العاصمة العراقية بغداد، وفرضت وجودها بقوة عسكريا وسياسيا على أجندة الحكومة العراقية.

تحتل الفلوجة ذات الغالبية السنية موقعا إستراتيجيا، ويمنحها توسطها للعراق ميزة تجعلها رابطا مهما بين مدنه، كما تشكل حلقة الوصل لمحافظة الأنبار وعدد من المحافظات العراقية، في مقدمتها بغداد شرقا ومحافظة صلاح الدين شمالا.

وتعتبر المدينة تاريخيا مسرحا للحروب بسبب موقعها الإستراتيجي، كما كانت محطة رئيسية للجيوش في العهد الأموي، بينما جعل العباسيون منطقة الأنبار كلها قاعدة رئيسية لدولتهم الوليدة قبل أن تُبنى بغداد وتصبح عاصمة للخلافة، واكتسبت أهمية عسكرية في عهد الإمبراطورية العثمانية.

وبقيت على الحالة ذاتها بعد سيطرة حزب البعث على الحكم في العراق منذ ستينيات القرن الماضي، وازداد حضورها على مسرح الأحداث السياسية والعسكرية في البلاد منذ الغزو الأميركي، ودخلت المدينة نفقا مظلما من الحروب منذ ذلك التاريخ.

القوات العراقية في الخالدية إحدى ضواحي الفلوجة وتظهر فيها راية تنظيم الدولة (الأناضول)
القوات العراقية في الخالدية إحدى ضواحي الفلوجة وتظهر فيها راية تنظيم الدولة (الأناضول)

بظل "الدولة"
شكلت بداية العام 2014 نقطة بارزة في تاريخ هذه المدينة، حين تمكن تنظيم الدولة من بسط نفوذه على كامل ترابها، وأصبحت بسبب قربها من العاصمة (60 كلم شمال غرب) تشكل كابوسا لحكومة بغداد وقلقا مستمرا لها.

ومع تعاظم قوة تنظيم الدولة وتمدده حتى الموصل شمالا صار تهديده وشيكا للعاصمة، خصوصا مع تولد قناعة لدى كثير من القادة السياسيين العراقيين، إضافة إلى قادة المليشيات الشيعية ومن بينهم أوس الخفاجي وهادي العامري؛ أن المدينة أصبحت ملاذا لمن سموهم "الإرهابيين"، كما اعتبروها مصدرا للهجمات التي ضربت بغداد وأسفرت عن مئات الضحايا.

خلال عامين من سيطرة تنظيم الدولة على الفلوجة، تعرضت المدينة لحصار شديد نجم عنه نقص بالغ بالمواد الغذائية والأدوية، مما أدى إلى وفاة أعداد كبيرة من السكان.

كما تعرضت المدينة للقصف من قبل القوات الحكومية والمليشيات الموالية لها، مما دفع عشرات الآلاف من السكان إلى النزوح لينخفض عددها إلى نحو مئة ألف من أصل 350 ألفا.

جندي من المليشيات الشيعية يصلي شكرا بعد دخول بلدة الكرمة (رويترز)
جندي من المليشيات الشيعية يصلي شكرا بعد دخول بلدة الكرمة (رويترز)

معركة الفلوجة
ينظر مراقبون إلى تأخر عملية استعادة الفلوجة من سيطرة تنظيم الدولة على أنه أمر مستغرب، خصوصا أنها المدينة الأقرب إلى بغداد من بين المدن التي وقعت تحت سيطرة تنظيم الدولة، لكنهم عزوا ذلك إلى استمرار بروز أمور أكثر إلحاحا.

ويرى الكاتب مايكل نايتس أن استعادة المدينة شكلت هاجسا للحكومة العراقية، وأن تأخر بدء معركة استعادة السيطرة على الفلوجة، كان سببه أن "العملية تتطلب تخطيطاً مفصّلا، كما أن شن هجوم مضاد ومتسرع بدا كخطر لا طائل منه".

ويضيف نايتس في مقال له نشره موقع شبكة الجزيرة بالإنجليزية أن توقيت معركة الفلوجة يُعزى إلى مجموعة من العوامل المتضافرة، كان في مقدمتها التفجيرات التي وقعت ببغداد في مايو/أيار الجاري، إضافة إلى الضغوط التي يواجهها رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، والهوة بين نهاية معركة الرمادي والبداية المحتملة لمعركة الموصل أواخر الصيف.

أما الأمين العام لهيئة علماء المسلمين مثنى حارث الضاري فرأى أن المرحلة تشهد حالة من التوافق الأميركي الإيراني بشأن مصير العراق، "يهدف إلى تحقيق مصالحهما، وهو ما لا يتوافق مع الأهداف العراقية والعربية والإقليمية".

واعتبر الضاري خلال مقابلة مع الجزيرة أن الهدف القريب مما سماه العدوان على الفلوجة، هو استئصال المدينة مع أهلها، مضيفا أن الهدف البعيد لهذه المعركة هو استئصال الحالة المقاومة في العراق دعما للمشروع الإيراني الأميركي في المنطقة.

المصدر : الجزيرة